أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




يقتضي الإيمان بالرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، وجوب اتباعه وطاعته في أمره ونهيه، فذلك ثمرة الإيمان الصادق، ومظهر صلاح الفرد والأسرة والأمة، والحجة القاطعة على محبته صلى الله تعالى عليه وسلم ، ومن ادعى محبته ولم يتبعه فهو كاذب في دعواه، ومحبته فرض على كل مسلم، بل إن اتباعه دليل على محبة الله تعالى، ومحبة الله ورسوله مقدمة على محبة النفس والمال والأهل والولد، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ(31)}[آل عمران].

وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) [متفق عليه، وهو في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (ص: 9) من حديث أنس رضي الله تعالى عنه.

ومن أغرب الأمور وأمقتها عند الله أن يوصِي بعضُ المنسوبين إلى العلم، مَن يتصدى لتعليم جهلة المسلمين دين الله ويحثهم على محبة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، حتى يعملوا بما جاءهم به من عند ربه، فيقول هذا الموصي: لا ينبغي أن يُبدأ بذلك ولا يطرق ذلك كثيراً، حتى تثبت العقيدة في نفوسهم لئلا يكون ذلك سبباً في الغلو فيه! وكأن هذا الموصي أشد حرصاً على حماية جناب التوحيد - من الله ورسوله - أي عقيدة يعني من جفا هذا النبي الكريم، وخالف الوحيين؟ أليست محبة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم من صميم الإيمان؟! {إِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.].

واتباع الرسل عليهم الصلاة والسلام في ما جاءوا به من عند ربهم هو مقصود رسالاتهم، وبه يتحقق اهتداء الأمم وصلاحها وسعادتها، وفي عصيانهم وسلوك غير سبيلهم الضلال والفساد والشقاء.

فمن زعم أنه يؤمن بالرسول عليه الصلاة والسلام ويحبه - وما أكثر من يدعي محبته - وهو يعصيه ويشاقه ويرفض اتباعه والعمل بما جاء به من عند ربه، فهو كاذب في زعمه، وهو عاص غير مطيع، ضال غير مهتد، فاسد مفسد، غير صالح ولا مصلح، متبع سبل الشيطان لا صراط الرحمن، قال تعالى، عندما أهبط آدم وحواء وعدوهما ومغويهما، إبليس من الجنة: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(39)}[البقرة].

وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ(64)}[النساء]. وقال تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ(21)}[يس]. وقال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(108)}[الشعراء]. وكان ذلك هو قول كل الرسل الذين جاءوا بعد نوح لقومهم. وقال تعالى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ(208)}[البقرة].

وقد جعل الله معيار صدق من ادعى الإيمان به وادعى محبته ومحبة دينه ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، اتباع ما جاء به هذا الرسول من عند ربه، وعدم تقديم ما خالف أمر الله، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)}[التوبة]

وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ(31)}[آل عمران]. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} [الحجرات]

وشبه سبحانه من اتبع ما جاء به رسوله في الاهتداء والصلاح بالبصير، وشبه من لا يتبعه في الضلال والفساد بالأعمى، فقال تعالى: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ(50)}[الأنعام].

وإذا تأملت أحوال غالب من يدعون محبة الله ورسوله، في كثير من الأزمان -وبخاصة في زمننا هذا-وجدت كثيرَ تصرفاتِهم في عقائدهم وأقوالهم وأفعالهم وأخلاقهم، مجافية لدعواهم تلك المحبة، وهم في ذلك يحكون سلوك ابن أبي وأتباعه الذين كانوا يدعون الإسلام ظاهرا، ويحاربونه باطنا، بل ظاهرا إذا ظهر لهم شيء من ظهور أعداء الله على الإسلام وأهله، كما قال تعالى:

{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} [المنافقون]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرى إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)} [الحشر] وقال تعالى:{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49)} [النور]