أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




لقد كلف الله تعالى عباده الإيمان بهذا الدين والعمل به، كما مضى، وكذا كلفهم الدعوة إليه وتعليمه وبيان أحكامه وآدابه.

قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المشركين(108)} [يوسف].

فسبيل الرسول عليه الصلاة واللام التي أمره الله تعالى بسلوكها هي الدعوة إلى الله على بصيرة، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67)﴾[المائدة].

وهى كذلك سبيل المؤمنين الذين اتبعوا رسول الله عليه الصلاة؛ لأن هذا الدين نزل للناس كافة فيجب على من آمن به أن يدعو إلى الله من لم يؤمن به لينتشر الدين وتقوم الحجة على الخلق.

وقال النبي عليه الصلاة، لأصحابه بعد أن سأله جبريل عن أصول الإيمان والإسلام وأجابه: (هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) [مسلم (1/37-38).].

وكان عليه الصلاة، يبعث أصحابه للدعوة إلى الله وتعليم الناس أمور دينهم. كما قال لمعاذ بن جبل، رضي الله تعالى عنه: (إنك تأتى قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله تعالى، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم، فإن أطاعوك فخذ منهم، وتوق كرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) [البخاري (2/125) ومسلم (1/50).].

وقال عليه الصلاة والسلام، لعلي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، عندما أعطاه الراية يوم خيبر: (ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدى بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) [البخاري (4/207) ومسلم (4/1872).].

وكان عليه الصلاة والسلام، يأمر أمراءه في الجهاد بالدعوة إلى الإسلام أولاً وقبول ذلك ممن استجاب والكف عنه. كما في حديث بريدة رضي الله تعالى عنه، قال: كان رسول الله عليه الصلاة والسلام، إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله - إلى أن قال -: (فإذا لقيت عدوك فادعهم إلى ثلاث خصال: ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم وكف عنهم) [مسلم (3/1356-1357).].

فدين الله تعالى الذي هو أهم الضرورات، لا يكون محفوظاً الحفظ الذي أراده الله تعالى، إلا بدعوة الناس إليه، وبيانه لهم بالحجة والبرهان؛ لأن في الدعوة إليه تكثيراً لسواد أهله، وتقوية لهم ولدينهم بحمايته من العدوان من أعدائه الذين يتربصون به في كل زمان.