أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ومحمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ما تكاد تُذْكَرُ الآيات المتشابهة في حلقة تحفيظ أو يفكر فيها أحدنا حتى ترتسم على وجهه ملامح الأسى، وكأنه مقدم على تسلق جبال وعرة، ولسان حاله يقول: ما السبيل؟ كيف أحفظها؟ هذه الآيات تتشابه...ليتها لا تكون في مقرر الاختبار...وقد يوصله اليأس لأن يعرض صفحا عن حفظ كتاب الله، متصورا أن ذلك لا يكون إلا لامرئ له قدرات خيالية.
ولكننا غفلنا عن شأن عظيم...تصور معي وأنت تقضي وقتا في محاولة ضبط هذه الآيات، تتساءل لماذا ابتدأت قصة هذا النبي بالواو هنا وبفاء هناك، ولماذا ختمت هذه الآية بهذه الكلمة في هذا الموضع وختمت بكلمة أخرى هناك، والأسئلة كثيرة ولا شك..والوقت الذي تقضيه في محاولة فهم أسرارها كبير، والأجر معه عظيم، فانظر كيف ساق الله إليك هذه الرحمة وهذه الأجور وأنت تتلمس فهم هذه الآيات التي استصعبتها، والتي لو كان حفظها يسيرا عليك لما قضيت مثل ذلك الوقت. فسبحانه من رحيم.
ثم وأنت تقرأ، تتلمس حكمة الله عز وجل في آياته التي طالما غفلت عنها، فترى آثار حكمته في آياته المتلوة، فتدرك حينئذ أنك ما عاملت كتاب الله عز وجل كما ينبغي، وأنت تسارع لحفظ كلماته، وتقلب صفحاته متلمسا انتهاء وردك اليومي، وكأن الوقت الذي نقضيه مع كتاب الله عز وجل عقوبة، عفوك اللهم.
وإن كانت ألفاظ كتاب ربي وتناسق آياته يتضمن الحكمة فكيف بمعانيه وأحكامه وشرائعه؟
ثم تصبح متشوقا لتعرف حكمة الله عز وجل في كل آية وفي كل موضع، فترى واسع علمه سبحانه، فتزداد شوقا لأن يوتيك الله علما تفهم به بعض أسرار هذا الكتاب العظيم.. والله عز وجل هو الشكور، الذي لا يضيع عنده عامل عامل، إذا تقرّبت إليه شبرا تقرب إليك ذراعا، فإذا به يجازيك أفضل الجزاء، ويرزقك من الفهم والحفظ ما لم تكن ترجوه، فسبحانه من رب ودود.
ثم من آثار لطفه سبحانه وأنت تقلب كتب توجيه المتشابهات، فترى ما كتب العلماء فيها، أن تعلم أهمية تعلم اللغة العربية فتصح نيتك حينئذ، فتكون ممن يتعلمون اللغة لتلمس آثار حكمة الله عز وجل في كتابه، فيا لها من نعمة عظيمة تستوجب الشكر. أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يشكرون نعماءه فيزيدهم من فضله.

هذا غيض من فيض، ولا شك أن أسرار الله عز وجل في كتابه عظيمة لا يحيط بها الخلق مجتمعين أولهم وآخرهم، فكيف بعبد ضعيف؟!
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.