أجواء الفسحة تعيشها المدارس في رحلة كل يوم
"عالم الـ30 دقيقة" يقضيه الطلاب بين تبادل الأغاني والتدخين وشلل الترهيب
طلاب خلال الفسحة المدرسية
الرياض: معيض الحارثي
يعيش طلاب المدارس خلال الفسحة عالما مختلفا وسط مراقبة دقيقة من معلمي المدارس، ورغم ذلك لا أحد ينكر وجود تجاوزات في هذا العالم.
"الفسحة المدرسية" لا يتجاوز وقتها 30 دقيقة وقد يتم تقسيمها إلى فترتين إلا أن الطلاب داخل المدرسة يعيش كل منهم في عالم آخر، فالبعض يبقى وحيداً، وآخرون يشكلون جماعات للصداقة وإخافة الآخرين، والبعض يسترق نفثات سريعة من التدخين قبل مرور المعلم المراقب على ساحة الفسحة.
ورغم هذه المشاكل التي تحدث في وقت الفسحة المدرسية إلا أن بعض الطلاب يقترحون تمديد وقتها وإضافة بعض الأنشطة الترفيهية للطلاب خلالها بما يكسر الروتين الدراسي اليومي، ويجدد النشاط الذهني والنفسي لديهم مما يساهم في جذب الطلاب للمدارس.
سلوكيات غائبة
رغم قصر وقت الفسحة إلا أنه يشهد سلوكيات طلابية لافتة تتعدى كثيرا الهدف الذي خصصت من أجله وهو تناول وجبة الإفطار.
الراصد لكيفية قضاء الطلاب لوقت الفسحة يخرج بحصيلة من السلوكيات التي قد تكون غائبة خاصة في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وتبين أن هناك دوافع وراء تجمع مجموعة من الطلاب في مكان محدد يوميا أثناء الفسح, فضلا عن الخطط التي يلجؤون إليها لضمان عدم اكتشافهم عندما يقرر المدخنون منهم ممارسة التدخين, وتحول الفسحة إلى وقت ثمين لبعض الطلاب المهملين الذين يستغلونها لحل الواجبات المنزلية وتبادل الممنوعات كالصور والأشرطة الغنائية وغيرها.
ويعد وقت الفسحة فرصة للطلاب المنحرفين سلوكياً من خلال الإيقاع بضحاياهم رغم محدودية الزمان والمكان وخضوعهم للمراقبة الشديدة من المعلمين المشرفين.
ويختلف قضاء وقت الفسحة بين طالب وآخر, كما تختلف طريقة قضائها بين المراحل التعليمية المختلفة حيث تكاد تنطبق سلوكيات طلاب الابتدائية طوال وقت الفسحة, فيما تختلف طريقة قضاء طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية لفسحتهم بين مجموعة وأخرى.
ويقترح عدد من طلاب المرحلة المتوسطة ومنهم محمد الدوسري وخالد نصر وسعد الشايقي بتمديد وقت الفسحة المدرسية وقالوا إنهم أحيانا لا يسعفهم الوقت لتناول الإفطار بشكل جيد, ولا يكفي الوقت لتهيئتهم نفسيا وذهنيا لمواصلة اليوم الدراسي بالشكل الذي يحببهم في الدراسة, وأضاف الطلاب اقتراحاً بتخصيص وقت يعقب تناول الإفطار ليمارس فيه الطلاب هواياتهم الرياضية والترفيهية مما يساهم في اكتشاف مواهبهم وصقلها, ويساهم في ترغيب الطلاب في المدرسة.
وعن كيفية قضائهم لوقت الفسحة المدرسية أجابوا بأن الطلاب ينتظرون بدء الفسحة بفارغ الصبر وبمجرد قرع الجرس إيذانا ببدئها يسرع الجميع نحو شباك المقاصف المدرسية للحصول على رقم متقدم في الطابور والظفر بالأنواع المفضلة لديهم من المأكولات والمشروبات قبل نفادها, وكذلك للحصول على وجبة الإفطار في الدقائق الأولى ليتسنى لهم تناوله وقضاء باقي الوقت للالتقاء بزملائهم.
وعن طريقة شراء وجبات الإفطار أجابوا بأن البعض منهم يكوّنون
مجموعات تضم من 3 إلى 7 طلاب ويتفقون على الجلوس في موقع يحددونه ويذهب أحدهم لجلب وجبات الإفطار بحيث يدفع كل واحد ثمن وجبة إفطاره وأحيانا يتفقون على أن يكون الإفطار بالتناوب على أن يحضره أحدهم في كل يوم, مشيرين إلى أن هذه الطريقة تكثر في المدارس الثانوية ولدى بعض الطلاب كبار السن في المرحلة المتوسطة وتكون نادرة في المرحلة الابتدائية.
وجبة الإفطار
وعن المبلغ الذي يصرفه كل طالب ثمنا لوجبة الإفطار أجابوا بأنه يبدأ من ريالين وقد يصل إلى 8 ريالات وربما أكثر من ذلك لدى الطلاب الأثرياء والموسرين خاصة في المدارس التي تقسم فيها الفسحة المدرسية إلى فترتين حيث يحتاج بعضهم إلى وجبة إفطار في كل فترة وبعضهم
يحرص على شراء الماء والبطاطس والشوكلاتة بجانب الوجبة الرئيسية المكونة من الساندوتشات والفطائر والعصائر.
وعن سبب تجمع عدد من الطلاب في موقع محدد يقضون فيه كامل وقت الفسحة من كل يوم دراسي يقول الطالب أحمد الشهراني إن ذلك لعدة أسباب منها الاتفاق مسبقا للتواجد في هذا الموقع يوميا لتجنب عناء البحث عن بعضهم البعض وسط مئات الطلاب, وكذلك للمشاركة في تناول الإفطار وتبادل الأحاديث خاصة إذا كانوا في صفوف ومراحل دراسية مختلفة, إضافة لتكوين مجموعة تخيف الجميع, مشيرا إلى أن الكثير منهم يقومون بطرد الطلاب الذين يجدونهم في هذا الموقع ويذكرون لهم بأن تلك الأماكن مخصصه لهم وعليهم إخلاؤها ولو قسرا خاصة إذا كان هذا الموقع مميزا كأن يكون مظللا ويحجب أشعة الشمس في فصل الصيف أو يحد من تعرضهم للبرودة أثناء الشتاء.
ويشير الطالب مشاري الحارثي" طالب ثانوي" إلى أن طلاب المرحلة الثانوية يتشابهون كثيرا في طريقة قضائهم للفسحة المدرسية حيث يتميزون بالهدوء ويغلب عليهم الجماعية في شراء وجبات الإفطار وفي تبادل الأحاديث فيما بينهم وقد يوكلون لكل واحد منهم مهمة شراء وجبات
الإفطار بالتناوب بينهم, كما أنها متنفس لبعض الطلاب المدخنين الذين يحاولون بشتى الوسائل استغلال الفرص لإحضار السجائر وتدخينها في أروقة المدارس خاصة في المدارس الواسعة وتلك التي توجد في أروقتها أشجار كبيرة حيث يغافلون المعلمين المشرفين ويذهبون للزوايا البعيدة
عن الأنظار للتدخين, مشيرا إلى أن بعض المدارس الثانوية تحدث فيها مثل هذه الحالات, ويحاول بعض الطلاب التغطية على زملائهم بتوفير المراقبة واعتراض المعلمين أثناء دورانهم في الساحات للإشراف على الطلاب ومحاولة إشغالهم بتبادل الحديث معهم وسؤالهم عما يصعب
عليهم من دروس حتى يتسنى لزملائهم الانتباه لذلك والتخلص مما لديهم من سجائر.
حل الواجبات
ويشير الطالب محمد المنصور إلى أن كل طالب يقضي وقت الفسحة بطريقته الخاصة فمنهم من يستغلها لحل الواجبات المنزلية للدروس التي سيتلقونها بعد انتهائهم من الفسحة, وآخرون يستغلونها لتبادل الممنوعات كالصور والأشرطة الغنائية بعيدا عن أنظار المعلمين والطلاب, كما يستغلها الطلاب المسجلون في الجماعات التربوية المدرسية في قضاء وقتهم بما يعود عليهم بالنفع وتنفيذ بعض الأنشطة المفيدة.
من جهته قال المعلم حمد الركبان بمدرسة ابن قتيبة المتوسطة بحي بدر جنوب الرياض إنه يتم تكليف عدد من المعلمين في كل فسحة بالإشراف على الطلاب للحد من ارتكابهم للمخالفات السلوكية, ويكون دور المعلم تنظيم الطلاب أثناء توجههم للشراء من المقاصف, ومنعهم من السلوكيات الخاطئة كالمشاجرة والمطاردة بهدف اللعب واللهو, مشيرا إلى أن الفسحة تعتبر متنفسا لجميع الطلاب بعد عناء الحصص ويستغلها الطلاب في الإفطار والترفيه عن أنفسهم بالمحادثات البينية, كما قد يستغلها بعضهم في وضع برنامج ما بعد الانتهاء من اليوم الدراسي، والتنسيق لبعض الأعمال المشتركة بينهم كحل الواجبات المنزلية أو الالتقاء لممارسة هواياتهم الرياضية والترفيهية.
ويؤكد الركبان أنه يكاد يكون نمط قضاء طلاب المرحلة الابتدائية
للفسحة متشابها بين جميع الطلاب حيث يقومون بشراء وجبات الإفطار بمفردهم ويقضون وقت الفسحة في اللعب واللهو, كما يمكن تمييز طلاب المرحلة المتوسطة من خلال سلوكياتهم فنجد أن معظم طلاب الصف الأول المتوسط مازالوا متأثرين بالمرحلة الابتدائية ويتميزون بكثرة
الحركة ومطاردة بعضهم وغالبا ما يكوّن زملاء الفصل الواحد مجموعة واحدة، أما الصف الثاني المتوسط فيلاحظ عليهم تكوين مجموعات تضم كل مجموعة بضعة طلاب ويغلب عليهم الهدوء أثناء الفسح ويقضونها في تبادل الحديث, أما طلاب الثالث المتوسط فيغلب عليهم تكوين علاقات
فردية بحيث يختار كل طالب صديقا له ويتجولون أثناء الفسح ويتبادلون أطراف الحديث مع المجموعات الأخرى, وأضاف الركبان أن هناك مجموعة الطلاب المنفردين وهم طلاب تغلب عليهم الانطوائية فيتناولون إفطارهم بمفردهم ويجلسون وحدهم ولا يتفاعلون مع الطلاب الآخرين وقد يكون وراء ذلك بعض الظروف النفسية والأسرية.
وقت استراحة
من ناحيته ذكر المرشد الطلابي عيسى الخرعان أن الفسحة تعتبر وقت استراحة للطلاب يتخللها تناول وجبة الإفطار والترويح عن أنفسهم وتغيير جو غرف الفصول من السكون والانضباط إلى الحرية والحركة, ونصح الخرعان طلاب المدارس باستغلال وقت الفسحة المدرسية بما يفيد والحرص على تناول وجبات الإفطار خلالها والالتقاء بزملائهم المتفوقين والاستفادة من طرق مذاكرتهم وكيفية حصولهم على التفوق, مقترحا أن يتم وضع فسحة قصيرة بعد كل حصتين مما يساهم في نشاط الطلاب وتقبلهم للدروس التي تعطى لهم.
يذكر أنه يخصص للفسحة المدرسية مدة نصف ساعة وتختلف طريقة توزيعها بين منطقة تعليمية وأخرى حيث تكون في بعض المدارس فسحة واحدة متصلة تبدأ من بعد الحصة الثالثة, فيما تقوم مدارس أخرى بتقسيمها إلى جزأين تبدأ الفسحة الأولى بعد انتهاء الحصة الثانية ومدتها
20 دقيقة وتخصص لتناول وجبات الإفطار, والفسحة الثانية تبدأ بعد الحصة الرابعة ومدتها 10 دقائق وتخصص للوضوء استعدادا لصلاة الظهر كما يمكن للطلاب الذين لم يتمكنوا من الإفطار في الفسحة الأولى تناول إفطارهم خلالها.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناعمة
[/mark]
