رحل الذئب أم بقي

في ليلة زرقاء خالصة اختلط فيها دموع العاشقين بصرخات الحاقدين .. علّق الذئب حذائه معلناً توديع المعشّب الأخضر بلا عودة .. حزن العاشقين .. هتف الناقمين .. هلّلوا وكبّروا ودعوا الله مخلصين ألا يريهم "رقعة وجهه" مرّةً أخرى !

رحل بعد أنّ قدم كل شيء .. نعم كل شيء بالإمكان أن يقدمه لاعب كرة في المستطيل الأخضر ، نعم رحل ولو لم يأتِ منه إلا "مسخرة" عبد الهادي حداد في نهائي كأس الدوري 1416هـ و"شقلبة وبهلوان" إبراهيم الحلوة في نهائي 1418هـ لكفاه ذلك .. في الأول غاب كل الموسم عن معانقة شباك خصومه .. ثم زاد من تفائلهم غياب رفيق دربه أبو يعقوب عن النهائي .. بعد أن طُرد في المربع ظلماً وإجحافاً بحجة إضاعة الوقت في تنفيذ ركلة مرمى! .. حلفوا بأغلظ الأيمان أن خروج الزعيم وبنتيجةٍ مذلّة من أمام الأهلي ماهي إلا مسألة وقت ، فنكثُ بأيمانهم صاغرين .. وخرجوا خائبين .

في الثانية تأخّر الزعيم باثنين .. انقضى شوطها الأول ومرّ نصف الثاني مسرعاً .. نواف يراوغ الحلوة فيعيقه ، الحكم يشير إلى نقطة الجزاء .. تقدّم لها الذئب الجسور بكل ثقة وقبل أن يضع الكرة على يسار الشيخ نفث عليها ثلاثاً .. البكر رغم هلاليته يبارك للشبابيين بطولتهم في الثواني الأخيرة .. أراد أن يصعقه سامي بطريقته .. تمريرة نواف في منتصف الملعب .. يروضها الذئب بحنان قدميه .. عينٌ عليها وأخرى عالقة في المنصة حيث الذهب الخالص .. ثم يطلقها بالطريقة الجابرية .. قبل أن تفارق قدمه الحنون قال لها: اذهبي حيث شئتي فسوف تأتيني بخراجكِ .. فكان خراجها هدفاً ودموع فرح وتاريخ لازال يُحكى ..

ليلتين زرقاء تجلّى فيها السامي سامي عطر الأسامي .. ليلتا فرح زرقاء لو لم يقدم لهلاله سواها لكفته أبد الدهر .. ولكن ليس ذلك وحسب فـ ناجويا ذاق من ويلاته وجابيليو تأوّه وتألم ولا معين ولا مجيب وغيرهم الكثير آسيوياً .. خليجياً وعربياً لازال ذكره وذكراه تنكأ جراحاتهم وتخطف مسراتهم وتقض مضاجعهم .. محلياً لا لا لن أزيد .. ولن أجترّ الماضي ، فحاضره لازال يقلبهم على الرمضاء ذات اليمين وذات الشمال .. ولكن تلك الليلة الرمضانية لازالت متربعة في ذاكرتي .. قالوا شاخ سامي اللاعب وعانق خريفه الكروي بعد أن تجاوز الثلاثين ببضع سنين .. قالوا انتهى انحنى ظهره وذبلت قدماه قالوا وأكثروا من اللغو .. فاختار العودة على ظهر جارنا جار السوء .. هدف في الخوجلي بعد خمس دقائق .. آخر في شريفي منتصف الشوط الثاني .. التفت إلى ممرنهم .. هل من حارسٍ ثالث ؟! .. أومأ له برأسه لااا !! .. خلع قميصه طالباً التبديل .. خرج وخرجت الرياضية صباح اليوم التالي بمانشيت أبكاهم ( سامي سحّرهم وأفطر ) .

رحل إذاً ! بكته الكرة والعشّاق ، والمعشّب الأخضر أدمى مقلتيه حزناً على فراقه .. يقلّب كفيه ، يندب حظه .. يسأل نفسه .. من غيرك سامي ؟!
ولازال السؤال معلقاً يبحث عن إجابةٍ شافية وافية .. لعلها تعيد لمقلتيه بريقها ..

رحل الهُمام وعاد ليغيضهم أخرى .. ليؤرّق مضاجعهم تترى .. ليزيدهم وجعاً على وجع .. وألمٌ على ألم .. عاد وعادوا للنواح .. لمكرهم وخبثهم .. للخديعة والكذب ليوقعوا به وأنَّ لهم ذلك .
إدارياً ، ومن ثم مدرباً شق طريقه بطموحه وإصراره ولم يستغني عن مساعدة الرفاق .. عاد بطموحٍ جديد وتطلعات جديدة وأحلام يريد لها أن تتحقق ..
موسم أول يراه المحبين مميز ،، والحاقدين الناقمين سقطة .. والمحايدين بين وبين .. قال البعض كسب الرهان كسنة أولى تدريب .. وقال آخرون فشل .. وغيرهم لامس النجاح ولم يحزه .

مهما قالوا وقلنا .. يبقى سامي الجابر جابر للعثرات الهلالية .. وراعٍ رسمي لمواسم الفرح الزرقاء .. وشريك استراتيجي في كل منجز توسد رف في دولاب الذهب الخالص ..

مهما قالوا وقلنا .. يبقى سامي العين الساهرة كل ليلة تسبق فرح أزرق .. وعين باكية ملأّ بدموع العاشق الوفي المخلص ، لحظة كل إنجاز يتحقق يضاف للسّجل الناصع والمرصّع زرقة ..

مهما قالوا وقلنا .. يبقى سامي رجل الإنجاز والتضحية والوفاء .. رمز للإخلاص للروح الهلالية المتوقّدة التي لا يعرف اليأس إليها طريقاً ..

مهما قالوا وقلنا .. يبقى سامي مثال حي للطموح والمثابرة والاجتهاد والإصرار على النجاح حتى يتحقق مهما كان الثمن ..

مهما قالوا وقلنا .. يبقى سامي عبد الله الجابر ظاهرة تستحق الدراسة والأبحاث حتى نجد في المجتمع ككل وليس الرياضي وحسب أكثر من سامي ..

إن بقي فأهلا بهِ وحلّ سهلاً في سويداء القلب .. وإن رحل فهي سنّة الله في خلقه .. سيرحل كما فغل سابقيه .. وسيعود إن شاء الله وقد اشتدا ساعديه .. ليحقق ما نصبوا ويصبوا إليه ..



أخيراً / ليس منّا نحن الهلاليين من يكفّر العشير !


ودمتم في رعاية الله وحفظه :smilie47: