أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


المسح على الأرجل أولى من الغسل
تتعدد الآراء حول قوله تعالى" فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ،وامسحوا برؤوسكم وأرجلَِكم" إلى الكعبين"
في هذه الآية الكريمة عدة أمور:
أولا- الأرجل معطوفة على الوجوه والأيدي،عند من يرى بغسل الأرجل ، وهي معطوفة على الرؤوس عند من يرى بمسح الأرجل ،والذي يبدو لي أن المسح على الأرجل أولى ،للأسباب التالية :
1-البناء: القرب والاحتياج المعنوي ،وقرب المسافة بين الأرجل والرؤوس وبعد المسافة بين الأرجل والأيدي، ومن عادة القرآن الكريم الجمع بين المعاني المتقاربة ، و القرآن الكريم يبني على القريب ،ولا يبني على البعيد إلا عند اللبس ، أو المانع المعنوي ، قال تعالى :وإذ قلتم يا موسى لأن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة" ،"وجهرة" حال مبني على الفعل "نرى"وليس على الفعل "نؤمن " وقال تعالى"وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين*على قلبك لتكون من المنذرين *بلسان عربي مبين* وشبه الجملة "بلسان عربي مبين" متعلقة بـــ"المنذرين"وليس بـــ"نزل" وقال تعالى"يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين" و"من" معطوفة على القريب لفظ الجلالة ،وليس على الكاف بدليل قوله تعالى "هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين "كما أن الربط مع البعيد يسبب اللبس أحيانا ، قال تعالى"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " "فالذين من قبلكم" معطوفة على الضمير في "خلقكم" وليس على لفظ الجلالة ،لأن الله تعالى لا يأمر بتقوى غيره ،ولكن الله تعالى يقول"ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة " ويوم القيامة مبني على الفعل "يأت" البعيد وليس على الفعل "غل" القريب لأن البناء عليه ملبس ،إذ لا غلول يوم القيامة،فالبناء يكون على القريب إلا عند اللبس فيكون على البعيد .
2- أمن اللبس،القرآن الكريم يعطف على القريب،ولا يترك العطف على القريب إلا عند اللبس ،وفي هذا الموضع اللبس مأمون ،قال تعالى"اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيحَ ابن مريم " و"المسيح "معطوف على الأحبار والرهبان ،وليس على لفظ الجلالة ، لأن الله تعالى لا يأمر بتأليه المسيح عليه السلام ، وقال تعالى "وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام ، لأن الكفر لا يكون بالمسجد الحرام ،بل هناك صد عن المسجد الحرام ،وقال تعالى "فإن حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعن " ،و"من اتبعن" معطوفة على "التاء" في أسلمت ،البعيد ،لأن عطفها على لفظ الجلالة القريب يسبب اللبس .
3- لا يوجد مانع يحول دون العطف على القريب،وقد ورد الكثير من الآيات التي تم العطف فيها بدون إعادة حرف الجر،ومنها الآية السابقة ،وقوله تعالى:واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ِ.
ثانيا- قراءة الخفض تفيد الترتيب لأنه جمع بين كلٍّ من المغسولات والممسوحات متسقة مع بعضها بعضا ، كما تفيد قراة النصب الترتيب لأنه أدخل ممسوحا بين مغسولين.
ثالثا:كان عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-يقرأ هذه الآية بالنصب ويقول:عاد الأمر إلى الغسل ،وهذا يدل على أن المتكلم يتحكم بعلامات أمن اللبس كما يريد وبحسب المعنى المقصود ،ويربط مع القريب أو مع البعيد كيفما يشاء،ولكن الربط مع القريب أولى إلا عند المانع المعنوي.