أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



قد لا يفهم هذا المنشور إلا من له مسيس علاقة بالتصوف ويفهم مصطلحات القوم !! لذا من لا يفهم مصطلحاتهم لا يتعب نفسه ...!!
بداية لا بد من التعريف بوجدة الوجود كمذهب : هو مذهب من يقول أنه (لا وجود إلا الله) فمعنى كلمة وحدة الوجود توحيد الوجود لله فلا وجود إلا له !! وهذا التوحيد (المزعوم) لا شك مكابرة للواقع ونفي لذاتيتها كما أنها هدم لجانب الدين لأن الكثير منهم زعم أن الله حال في المخلوقات ولزم من لوازم باطلة حتى قال أحدهم:
العبد رب والعبد رب فيا*** ليت شعرب من المكلف ؟؟!
تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا !! وهذا المذهب الخبيث المنسوب لابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والذي نقل عنهم فيه أخبث الأقوال كقول أحدهم :
ما الكلب والخنزير إلا الهنا ***وما الله إلا راهب في الكنيسة
وهذا المذهب الكفري في حقيقته لاقى تبريرات كثيرة منهم وان كان بعضه لا يبرر ولكن على الأقل هم يقصدون من كل ذلك في دندنة حول (عدمية كل شيء لكمال الانس بالله!!) وهذه العلة التي يقصدونها هي ما دفعتهم لهذا وهذا المذهب له موارده الفلسفية الإشراقية ولكن انا اريد من هذه الفكرة تأمل نظرة أصحاب هذا المذهب للمادة ....
وهناك مذهب هو وحدة الشهود الذي ينمي في النفس أن تتناسى الكون كالمذهول الذي أصابته السكرة عن الكون بحضور الله معه وهو كما حصل لنسوة اللاتي قطعن أيديهن لما رأين يوسف-عليه السلام- ، وهذان المذهبان لا بد أنهما في الناحية العقدية خبيثان غير ان الصوفية يعرفونهما بتعريفات شتى ! بل بعضهم يجعلانهما كالمترادفات لكن احهما في البقاء وهو وحدة الوجود فيقول: (ارى الله في كل شيء) !!! والآخر في الفناء فيقول: (لا أرى إلا الله )!!! وهذا وهذا يقولون: انهما لازمان في حال الإيمان !!
طبعا الرد من الوجهة العقدية معلومة لدى اهل البصيرة لا شك وواضح كفر هذين المذهبين لكن أريد ان انبه على الأصل الذي جر هؤلاء لذلك هو أن الصوفية تتعامل مع الكون في حال غريب من النفرة والبعد وترك الإنسجام وهذا موقف عجيب بل قد نراه يتصادم مع بدهيات الحقائق الإيمانية وما أمتع ما نص عليه الأستاذ المفكر سيد قطب -رحمه الله- لما قال: (عشت - في ظلال القرآن - أرى الوجود أكبر بكثير من ظاهره المشهود.. أكبر في حقيقته، وأكبر في تعدد جوانبه.. إنه عالم الغيب والشهادة لا عالم الشهادة وحده. وإنه الدنيا والآخرة، لا هذه الدنيا وحدها.. والنشأة الإنسانية ممتدة في شعاب هذا المدى المتطاول.. والموت ليسنهاية الرحلة وإنما هو مرحلة في الطريق. وما يناله الإنسان من شيء في هذه الأرض ليس نصيبه كله إنما هو قسط من ذلك النصيب. وما يفوته هنا من الجزاء لا يفوته هناك. فلا ظلم ولا بخس ولا ضياع. على أن المرحلة
التي يقطعها على ظهر هذا الكوكب إنما هي رحلة في كون حي مأنوس، وعالم صديق ودود. كون ذي روح تتلقى وتستجيب، وتتجه إلى الخالق الواحد الذي تتجه إليه روح المؤمن في خشوع: "ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال".. "تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده"..أي راحة، وأي سعة وأي أنس، وأي ثقة يفيضها على القلب هذا التصور الشامل الكامل الفسيح الصحيح؟ )
وتأمل هذه النظرة للكون التي ترى المادة معبرا وطريقا للوصول إلى الله ولا تتصادم معها وتنصب لها العداء لا لتذهب عنها ولا لتستعديها ....

وتأمل ما قاله النورسي-رحمه الله- في هذا السياق لما قال: (أن علماء الكلام يثبتون (التوحيد) بعد ظهورهم ذهنا على العالم كله، الذي جعلوه تحت عنوان الإمكان والحدوث؟ وإن قسما من أهل التصوف لأجل أن يغنموا بحضور القلب واطمئنانه، قالوا: (لا مشهود إلا هو)، بعد أن ألقوا ستار النسيان على الكائنات، وقسم آخر منهم قالوا: (لا موجود إلا هو) وجعلوا الكائنات في موضع الخيال، وألقوها في العدم؛ ليظفروا بعد ذلك بالاطمئنان، وسكون القلب. ولكنك تسلك مسلكا مخالفا لهذه المشارب، وتبين منهجا قويما من القرآن الكريم، وقد جعلت شعار هذا المنهج:"لا مقصود إلا هو"، "لا معبود إلا هو"!)

والله الموفق والهادي