بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:
:
:
:
:
>> مشهد<<
الأب يناقش أبنه الأكبر والأبناء الصغار يتابعون مجريات الحوار باهتمام
يحاول الأب جاهداً أن يوصل لأبنه فكرةً معينة آلا وهي
أن أصحاب المهن والإعمال الخاصة أناساً ناجحون بالرغم من عدم حصول غالبيتهم
على شهادات عليا
وهو بذلك يريد أن يزرع احترامهم في نفوس أطفاله
ثم أضاف أنهم قد يربحون يومياً أضعاف دخل الموظف العادي
ودلل على ذلك بسائق الوايت
"وهي لمن لا يعرف الشاحنة التي تحتوي على خزان للمياه وتنقل المياه بأجرة "
فقد يصل دخله في المتوسط إلى 500 ريال في اليوم الواحد
عند ذلك صرخ الابن ذو الثماني سنوات قائلاً :
أبي عندما أكبر أريد أن أصبح وايتي !!!
>>على الهامش .....(وايتي ) <<< نسبة للوايت <<
ذهُل الأب من ردة فعل أبنه وأدرك أن حديثه
قد أخذ منحى أخر !
فقال محاولاً تصحيح الأمر :
ولكن من يقوم بتلك الأعمال هم من لم يحالفهم الحظ في إكمال تعليمهم ..
فرد الابن على الفور :
وليكن ...!!
أنا أيضاً سأسقط كل سنة حتى أصبح وايتي !!
:
:
وبالمقابل ..
يخبرني أحد أقاربي الطموحين أنه ومنذ كان بالصف الرابع الابتدائي
وهو يحلم بأن يكون طياراً
وقد كرس كل قواه لتحقيق هدفه وأمنيته
حتى أنه من تلك السن المبكرة كان يحرص على تناول كوب عصير جزر يومياً
كما وأنه عند رؤية التلفاز كان يبتعد لمسافةً كافية لا تؤذي النظر وكل ذلك لأنه سمع
أن الطيار يجب أن يكون نظره 6/6
وفي النهاية تمكن من تحقيق هدفه وأصبح طياراً
في الحالتين نجد الفرق الشاسع في النظرة للنجاح لدى أبناءنا
فقد كان النجاح تميزاً وهدفاً نبيلاً ومحاولة جادة للارتقاء بالنفس
وتحقيق الذات من خلال أرقى المجالات
أما الآن فقد أصبحت نظرة الجيل الجديد للنجاح نظرةً ماديةً بحته
ولا نستغرب أن يحدث لإبناءنا ذلك في ظل ما يحيط به من مجتمع
شغله الشاغل المادة
فمن الإعلام الذي تعددت برامجه والهدف واحد ..... إفراغ الجيوب وتخدير الشعوب
مابين من سيربح المليون الى سوبر ستار مروراً بفوازير رمضان !!
ثم المدارسالتي أصبحت مرتعاً للتنافس على من يملك أكثر
فبين استعراض بالسيارات الى جوالات بل وحتى الشنط والكراسات
حتى الفسحة لايتمتع بها إلا من يملك الثمن في ظل غلاء وجبات الكافتريا
وإلا فليكتفي بساندويتش الجبنة الذي أعدته له والدته !!
أما المنزل فهو ساحة معارك بسبب المادة
فالوالد مستاء ومحبط بسبب سعيه الدائم لتوفير الرفاهية والترف لإسرته
ولا ننسى موجة الأسهم وما تسببت فيه من مصائب للكثير
والوالدة متوترة بسبب طلباتها المؤجلة
ومحاولتها البقاء بنفس المستوى المادي أن لم يمكن أفضل ..
واخيراً المجتمع الذي يُقيم الناس بحسب مايملكون من مادة
وليس مايملكون من فكر ومنهج
مع ان المفاضلة بين المسلمين لاتكون الا بالتقوى
"إن اكرمكم عند الله اتقاكم "
والنتيجة ...
تسببنا من حيث ندري أولا ندري بظهور جيل يقيس الأمور من منظور المادة فقط
يجر نفسه للدراسة جراً...
ويبيت النية مسبقاً أن أخر سنة له في الثانوي هي أخر عهد له بالورقة والقلم
كما أنه حاقد على كل ما يمت للعلم بصلة ..
وقفة
أعتقد أنه لابد لنا من وقفة جادة للنظر في حال أبناءنا
فهم كنزنا الحقيقي فلنحاسب أنفسنا
ونحاول أن نساهم بتغيير تلك النظرة من خلال ما يلي :
أن نحاول جاهدين أن نزرع القناعة في نفوس صغارنا وننشئهم عليها
فالقناعة والرضا بما قسمه الله لنا مطلب أساسي لتحقيق السعادة ..
أن نكون نحن القدوة لهم فما يرونه من تعلقنا بالدنيا والجري خلفها يصل إلى قلوبهم
ويزيدهم بها تعلقاً ..
أن نربي أبناءنا على عدم عقد المقارنات مع الآخرين فليس كل ما لدى فلان
لابد ان يكون لديهم كما يفعل بعض الإباء مع أبناءهم فهم يوفرون لهم كماليات تضر أكثر
مما تنفع بحجة ان أبناء فلان يملكونها وهم لا يريدون أن يحرموا أبناءهم
كما ُحرموا هم في صغرهم ..
أن ننمي في أبناءنا الثقة في النفس والشعور بالمسؤولية تجاه أنفسهم واتجاه مجتمعهم
حتى يضعوا نصب أعينهم أهدافاً سامية ويسعون للوصول اليها ..
أن نغرس حب العلم في نفوس أبناءنا والسعي لطلبه وأن التعليم ليس روتيناً
يجب أن يقوموا به لمجرد بلوغهم السن القانوني للتعليم !!
وأخيراً ...
لا ننسى أن نضيء لإبناءنا الطريق الصحيح لكسب خيري الدنيا والآخرة
وهو حسن الإتباع لله ورسوله صلى الله عليه وسلم
فمن صدق النية مع الله لن يخذله الله أبدا...
أحبتي ..
اجتهدت هنا أن أعرض وجهة نظري في الأمر بعرض بعض الحلول
وأرجوا أن تشاركوني باراءكم السديدة
لما فيه مصلحة أبناءنا الذين هم مستقبلنا الزاهر بإذن الله تعالى
ودمتم جميعاً بحفظ الله
:
:
م ن ق ول