النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: قف أيهـا الزمن

  1. #1
    ~ [ عضو جديد ] ~
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    1

    قف أيهـا الزمن

    قف أيها الزمن
    هل أنت حقاً سبب ما حصل ؟
    هل أنت حقاً سبب هذا الألم ؟
    لماذا أيها الزمن لا تجيب ؟ أحقاً تريد ظلمي ؟
    أصابع الاتهام موجهة إليك ...... وأعين الأنام تنظـر إليك ...........
    لأنك أنت المذنب الأول .
    كل هذه الأسئلة أجاب عليها بجواب واحد . أدري ما هو ؟
    إنه بكل بساطة نعم أنا
    اسمع قصتي مع الزمن .....
    عندما تخرجت من المرحلة الجامعية تقدمت لمدرسة لأعمل فيها معلم لمادة التربية الإسلامية بجميع فروعها
    توحيد وفقه وحديث ...
    وما كنت أعلم أن هذه المدرسة لن استطيع تركها في يوم من الأيام مهما كان الثمن ، أتدري لماذا ؟
    لأنها أصبحت عضواً من أعضائي لا استطيع أن أتخلى مها كان الثمن .
    فعشت فيها عاماً كاملاً من أجمل أيام حياتي من دون أية مجاملة ، فكانت اللحظات تمر عليَّ سريعاً وكأني أعيش في أحلام اليقظة أختار لنفسي من الأماني أحلاها ، وما كنت متوقعاً أنه في يوم من الأيام سأودع هذه الذكريات الجميلة وأنها ستكون حلم مر بليل أو كغمضة عين مرت سريعاً .
    وبدأت الأيام تمتطي جواد السرعة وكأنها تقول لي بكل حرقة اغتنمي فإني لن أعـود إليك مرة أخرى .
    فتكاثرت هذه الأيام وأنا أردد الوقت مبكر ونحن في أول العام أمامنا تسعة أشهر .
    ومر الأسبوع الأول ثم الثاني ولازالت معرفتي بالهيكل التعليمي بالمدرسة هشة في بدايتها وكذلك بالتلاميذ
    ثم في بداية الأسبوع الثالث بدأت الرؤيا أمامي تتضح وبدأت المحبة تغرس أنيابها في أنياط قلبي ثم استقرت فيه ولم ترضَ بالخروج منه ومع الأسف أن هذه الجروح لن تُشفى لأن المتسبب فيها يُعد السفاح الأول في العالم المعنوي ويا ليته يعلم أين مكان جريمته إنها في أرهف وأرق مكان يتأثر بالشيء الحسي أكثر من المعنوي .
    وزاد الأمر سوءً أن محبتي لم تكن لواحد فقط وإنما كانت لمجموعة كبيرة من المعلمين والطلاب ،
    فيا أطباء الحب هلاَّ بحثتم عن علاج للمتيم أم أنكم سترفعوا رايات الاستسلام وتعلنوا الهزيمة للواقع والزمن وتلزموني بدفع الجزية لهما من غير ذنب أذبته .
    ويا ليتكم تعرفون ثمن هذه الجزية إنها الحنين إلى تلك الأيام وتقليب النفس على جمر البعد عن تلك الديار .
    فيا ليت شعري هل سأكوى بنار البعد فترة من الزمن ثم أنسى ، أم ستبقى الذكرى تُؤجج المواجع والآلام سنوات طوال ..........
    ومما سرني في هذه المدرسة أني تعرفت فيها على زملاء اسعدوا أيامي وعطروها بالمسك أستأنس بجلوسي معهم ، ويرتاح قلبي كلما حلت عليه ذكراهم ، وتكتحل عيني برؤيا هم . ما إن نخرج من المدرسة إلا ونشتاق لبعضنا البعض ، لطالما التقينا في أوقات غير دوامنا الرسمي ، نجلس سوياً ، ونأكل سوياً وكأننا إخوة لا نستطيع فك أيدينا عن بعض ، كل واحد يحترم الآخر وكأنه أعز إخوانه إليه وأقربهم قلباً إليه ، يشاركه الفرحة كما يشاركه الحزن والألم ، إذا تأخر أحدنا عن المدرسة أو الموعد أمطرناه بوابل من الاتصالات والتساؤلات
    عن سبب تأخره أو عن سبب عدم حضوره ......
    يا الله ما أجمل تلك الذكريات .....
    وتعرفت أيضاً على طلاب أحبوني وأحببتهم واعتبروني أخاهم الأكبر يسمعون كلامي وينفذون أوامري بكل احترام وتقدير ولطالما حاولوا عدم إغضابي مهما كانت الظروف والأوضاع داخل الفصل ليتم الدرس على أحسن حال .
    ولا زالت هناك أسماء لامعة في ذهني كأنها الشمس لن يجرؤ الزمن على إزالة ملامحها ولو طالت محاولاته لأن أصحابها ألبسوها بتاج من الذهب بسبب احترامهم وتقديرهم لي .
    وكان من ألمع هذه الأسماء وأقربها إلى قلبي ذلك الطالب الذي أتوقع بمشيئة الله أن يكون له أثر في المجتمع في المستقبل القريب - إن شاء الله تعالى -
    كان هذا الطالب يدعى خالد وسيبقى اسمه – والله – خالداً في حياتي كلها صدق فيه قول المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ــ " الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها إءتلف وما تتناكر منها اختلف " .
    كان هذا الطالب يستحي أن يرفع بصره إليِّ لفرط احترامه وتقديره لي ، إذا كلمته رمى ببصره إلى الأرض حياءً منيَّ . غرس الله محبته في قلبي وكذلك محبتي في قلبه فأصبح الشعور متبادل .
    ثم بعد ذلك قابلت أباه عن طريق الصدفة عند وكيل المدرسة ولم أكن أعرفه من قبل فكان كما قيل " هذا الشبل من ذاك الأسد " فأحببته من أول لقاء وكَّذب واقعي تلك المقولة المنتشرة بين أوساط الناس " أول نضرة خداعة " وعندما علمت أنه أبٌ لذلك الطالب قدمت له شكري وافتخاري في نفس الوقت بتلك التربية الحسنه وتلك التنشئة المباركة التي ظهرت ملامحها في ابنه المبارك .
    وبدأت المحبة تنسج خيوطها السحرية بيني وبين الطالب وأبيه ، ومرت الأيام تجر بعضها البعض وكأنها حبات من الخرز إذا سقطت الأولى تبعتها أخواتها مسرعة وهي تقول انتظرونا فإننا على إثركم قريب ، وبدأت الأسابيع والشهور تحث بعضها البعض على المسير وكأن شوال يريد أن يسبق رجب أو كأن جمادى الثاني يريد أن يسبق صفر ، يا الله ما أعجلك أيها الزمن على الانقضاء ، وهكذا حال الدنيا سباق مع الزمن .
    وفي يوم النتائج النهائية فرح الجميع بحصول خالد على المستوى الأول على مستوى المدرسة ــ ما شاء الله تبارك الله ــ لأنه سيشرف المدرسة في الحفل الذي سيقام في العام القادم – إن شاء الله - برعاية وزير التربية والتعليم لتكريم الطلاب المتفوقين على مستوى المملكة وخالد سيكون من ضمن هؤلاء المكرمين – إن شاء الله - فهنيئاً لك يا خالد وهنيئا لأبيك وأمك اللذان توجتهما بتاج الفخر الاعتزاز وألبستهما لباس العـز والشرف .
    وكنت أنا أول الفرحين بهذه المناسبة لأني قد اطلعت على النتائج قبل توزيعها وزفيت البشرى لخالد وأبيه وكافة أفراد أسرته
    وأحضرت له درعاً تذكارياً بهذه المناسبة العزيزة على قلبي ليكون رمزاً خالداً لتلك العلاقة الحميمة بيننا .
    ثم بدأت اللحظة الحرجة ــ لحظة الوداع ــ تجر أذيالها إليَّ وأنا أحاول الفرار ولكن لن ينفع الفرار فوادعتهم وأنا كلي شوق إليهم وإلى الجلوس معهم وأنا أردد :
    بلغ مني الحزن يا خالد لفراقكم مبلغه ، وأجرى عليَّ الكون يا خالد سنته ، وأرخى عليَّ الليل يا خالد ظلمته ، وما يجبر عزائي فيك أن أرحام النساء لن تعقم إنجاب مثلك يا بطل .
    فلعلي أقابل في الأعوام القادمة مثلك – إن شاء الله تعالى - .
    ثم بعد ذلك هبت رياح الفراق – معلنة جهادي مع الزمن - وكنت أول من استشعرها فسكنت جوارحي لها ، وخشع سمعي لأزيزها ، وهطلت دموعي كأنها غمام جاد على أهله ، وأنكرت عيناي على دموعي وهي تقول ما عهدنا الحزن والدموع في هذا المكان ، فلم تعبأ الدموع بخطاب العيون لها ولم ترعوِ عن الجريان .
    أيتها الرياح هلاَّ رجعتي من حيث أتيتي فإنك أحزنتي قلباً ما عهد الحزن في هذا المكان من قبل ، وقتلتي ربيعي الذي طالما فرحت به كثيراً ، ابتهجت نفسي في رياضه النظرة كثيرا .
    ثم عارضتها وأنا أخاطبها بمطلع قصيدة لي كتبتها في وداع أحد مشايخي -حفظه الله -
    حيث قلت :
    أخيَّـل الحزن أم النوى بان ....... أم بكت لفقد أوراقها الأغصان
    فبدأت معاركي مع الزمن والمشكلة أني متجرد من السلاح سوى سلاح الاستعطاف والترجي ، فيا ليت شعري هل سأنتصر عليك أيها الزمن أم ماذا ............
    فها أنا مع بداية احتضار السنة الدراسية ونهاية عام دراسي كامل حافل بما فيه أناشدك الله يا زمن أن ترجع إلى الوراء لأعيش تلك اللحظات السعيدة والأيام الجميلة مرة أخرى وأنعم بما فيها من ذكريات سعيدة لطالما اشتقت إليها وتاقت نفسي إلى الرجوع إليها مرة أخرى .
    ولكن هيهات هيهات أن تعود يا زمن فها أنا معك في صراع منذ أيام أطالبك بالرجوع وأنت مُصر على عدم الرجوع ، ناشدتك الله يا زمن أن ترجع ، ألا تحب أن تكون سبب في رحمة شخص أهلكته الذكريات السعيدة ، هلاَّ رحمته ولبيت رغبته ، هلاَّ تذكرت قول المصطفى – صلى الله عليه وسلم – " من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " .
    هلاَّ أحللت بساحته النعيم والحبور مرة أخرى فيكون لك من الشاكرين والمقدرين .
    ومرت اللحظات الأخيرة وبدأت السنة تلفظ أنفاسها الأخيرة حتى انتهت وماتت بعد صراع بيني وبينك أيها الزمن في أيام احتضارها الطويلة على الرجوع ولكنك لم تحرك ساكنا ولم تلبِ طلبي ولم تعبأ بكلامي ، ولم يثنيك استعطافي لك بأجمل العبارات ، فهانت عليك دموعي ، وسهل عليك تضييع أحلامي في الرجوع على تلك الذكريات العزيزة على نفسي ، فلله وحده الحكمة البالغة في تصريفك كما فال عن نفسه ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) . فصدق الله المدبر لشؤون الكون كله . ولكن ما أجد نفسي إلا متمثلاَ أمام قصيدة سابق البربري – رحمه الله – التي منها :
    فما صفى لامرئ عيش يسر به ..... إلا وأعقب صفواَ يومه كدر
    فها أنا في هذا اليوم الأربعاء الخامس من شهر جمادى الثاني لعام 1428هــ أكتب هذه الخاطرة ودموعي تسبق قلمي على الأوراق لتعبر قبله عما يجول في نفسي وكأنها تقول أنا أبلغ منك أيها القلم في التعبير وأحرى منك في التصوير لتلك الأيام الجميلة فأنا من عايشها في لحظاتها من أول العام إلى آخره .
    وقبل الوداع أهدي إليكم أيها الأصحاب هذه العبارات :
    ستبقى لكم في القلب منزلة وذكرى ....
    وستفوح أيامي بذكركم عطراً ....
    وسيظل قلبي بعد فراقكم سقيما كمداً ...
    وسيفنى كل شيء ويبلى ....
    إلا ما كان لله الواحد الأعلى ...
    أشهد الله على محبتي لكم فيه دائما وأبدا ...ً
    وقبل أن أغادر تلك المدرسة وقفت أمامها والجدران صامتة ، والساحات حزينة باكية ، والسكون فارض هيبته على المكان كله كأنه لم يجرِ عليه أحد ولم يطفْ به أحد من قبل فخاطبتها بقصيدة الداعية الكبير والشاعر المبدع عائض القرني – حفظه الله- التي مطلعها :
    يا أرض بالقرن لا زلنا محبينا ....... لا البعد يُنسي ولا الأعذار تثنينا
    فقلت أنا :
    يا أرض "الشافعي" لا زلنا محبينا ...... لا البعد يُنسي ولا الأعذار تثنينا

    أيها الزمن لو أن مدادي من دموعي لكتبت عشرات بل مئات من الصفحات عن تلك الذكريات الجميلة والأيام السعيدة ولكن مدادي حبر أوشك على الانتهاء فلا أقول لك وداعاَ ولكن أقول المعارك أمامنا والقوي سيبقى وبالتأكيد " أنت القوي "

    أستـاذ

  2. #2
    ~ [ عضو جديد ] ~
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    29
    كلمات جميلة

    لاتحرمنا من ابداعك

  3. #3
    ~ [ المديـــر العـــام ] ~
    الصورة الرمزية خــــالـــــد
    تاريخ التسجيل
    Jan 2004
    الدولة
    الريـاض
    المشاركات
    57,989
    [align=center]
    أستاذ
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    حياك الله

    كلمات رائعة

    وسطور أروع

    ألف شكر لك
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    أخوكـ/خالد
    [/align]




    [email protected]



    حياكم بتويتري
    kdosary

    أنت الزائر رقم :

  4. #4
    شـــاعرة الصورة الرمزية النوري
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    القصيم ~بريــــدة
    المشاركات
    3,254
    استاذ

    مرحبا بكم

    جهد تشكر عليه

    مع اطيب تحيه

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الزمن
    بواسطة اللؤلؤة العراقية في المنتدى كتاب المستقبل
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-12-2008, 04:25 PM
  2. ااه امن الزمن
    بواسطة المطفوقة في المنتدى رحيق الذائقة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 14-08-2006, 04:15 PM
  3. الزمن
    بواسطة sister11 في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 16-07-2006, 02:20 PM
  4. انا ليش الزمن ضدي
    بواسطة القلب الطيب في المنتدى رحيق الذائقة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 21-05-2006, 01:07 PM
  5. اسطورة الزمن الحزين (((في هذا الزمن الحزين)))
    بواسطة هكرز صغير في المنتدى منتدى الخواطر والشعر الفصيح
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-09-2004, 08:28 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •