معالي الشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، كان ضيف (سوانح الذكريات)، وكنت في منزله في مدينة جدة، وسجلت ثلاث حلقات وسأستأنف بقيتها الأسبوع المقبل..
الشيخ ما شاء الله تاريخ للدولة، ولا تتصوروا أنه بهذا العمر حفظه الله، فهو من مواليد 1349 هـ ، وأدرك الملك عبدالعزيز يرحمه الله.. وعاصر كل الأحداث من نهاية عصر الملك المؤسس يرحمه الله ومرورا بالملوك سعود وفيصل وخالد وفهد يرحمهم الله جميعا.. وحكى لنا نتفا عن بعض مواقفه..
لربما مع الصور أتذكر بعضها.. عبدالعزيز قاسم...........
هنا ننتظر معاليه، عند بوابة بيته جزاه الله خيرا، والمصورون يدخلون بكاميراتهم ، ونزل لنا بكل تواضع، ورتب لنا مكان التصوير..
الشيخ أتانا بعيد صلاة المغرب، وكان يسأل عن المحاور، والحقيقة أنني في تلك اللحظة ، ومع رسالة تلقيتها اليوم من أخي الحبيب ابراهيم السكران، اختمرت في رأسي فكرة ، تفريغ الحوار، واعدادها ككتاب مطبوع ، يبقى سجلا ووثيقة للأجيال ويفيد منها الباحثون..
فالرجل تناول مفاصل عديدة وحساسة في حواره..
الشيخ بن منيع من مواليد شقراء، وبها عاش فترة طفولته ويفاعته، وحكى لنا نتفا من ذكرياته مع المعهد العلمي هناك، وطريقة تدريس الكتاتيب في نجد، ولم أنس سؤاله عن تعليم الفتيات أيضا.. وأبرز المشايخ هناك والعلماء.. كان سؤالي ساذجا وأنا أقول يا شيخ ما هي قراءاتك خارج نطاق الكتب الشرعية، وقال باستغراب : ماذا تقول؟ كان الشيخ صالح الحصين – من أسنانه- يأتي بالبداية والنهاية لابن كثير وكنا نستعظم ذلك، أنه من الثراء والثقافة بمكان أن يقتني تلك الكتب !!
لحظة مراجعة للمحاور والأسئلة ، ومعظمها تتعجبون أنني لم ألقها لأن الحديث يجرّ بعضه بعضا، والشجا يبعث الشجا
حكى لنا وأنا أسأله عن ذكرياته مع الملك المؤسس يرحمه الله، بأنه في آخر حياته طلب أن يلتقي طلبة العلم ، وكان عمر الشيخ22 عاما، ويقول: لا أنسى ذلك المجلس المهيب، والملك عبدالعزيز يرحمه الله، يذكرنا بالله وبأمانتنا، ويقول بأن الدين أمانة، وأنه كان حريصا على إيجاد جيل من العلماء، لذلك اهتم بالمعهد وقال أنه من عنقه لأعناقهم، والله سائلهم عنها ، وتوفي يرحمه الله بعدها بأيام..
ننتظر أمر المخرج، وتذكرت أيضا حادثة رواها ، من حرص الملك عبدالعزيز، وصدق ديانته، يحكي الشيخ ابن منيع أنه مرّ بأرض عفيف في مجيئه للطائف، وأمطرت السماء، فقام أحد قاطني تلك النواحي، وقال بما معناه أن السماء فرحت بك وأمطرت لأجلك، ما يقوله الشعراء والمتزلفون عادة، فغضب يرحمه الله، وأسكته، ونصحه، وقال أين مطوعكم؟ ونادى عليه، وقال: يجب أن تعلمه العقيدة، وأن السماء لا تمطر لأجلي ولا لأجل أحد..
صورة عامة للمجلس الذي تم فيه التصوير ، وما قصر الزملاء أصلحوه ووضبوه بشكل جيد، وكنت سألت الشيخ عن موقف أهالي شقراء من مدارس البنات، وقال بأنهم رحبوا جدا، ولم يعارضوا، فعندما قلت لماذا كانت المعارضة من المناطق القريبة جدا منكم، لماذا ، هل انتم قليلو دين مثلا، فضحك وقال : لا ، كان لهم اجتهادهم، وفصل في الموضوع، وقلت: اللبراليون اليوم يشنعون على العلماء بانهم كانوا ضد تعليم المرأة في السعودية، فرد بجواب ممتاز
استمع منبهرا بالتاريخ، ومتشوقا أيضا ، ولعلها التشوق مرتسم على محياي، أحسن من البيان التالي، معارك ومضاربات وفي النهاية أطلع أنا الملوم لأنني انحزت لطرف دون طرف،والكل يتهمني بذلك، أما هنا فقصص وعبر وتاريخ وأعلام وشخوص..
طبعا، سألته عن الشيخ محمد الامين الشنقيطي وقد تتلمذ على يديه، وحضر معه في المعهد العلمي السعودي بالرياض، وتكلم عنه وعن قصصه معه..كان مهيبا وحاضر العلم، وسألته إن كان بلغ مرتبة الاجتهاد المطلق ، فنفى ذلك،وقال:ابن تيمية على جلالة قدره نفى عن نفسه هذه المرتبة، وربما وصل الشنقيطي للاجتهاد في المذهب..
تتعجبون من كوكبة العلماء الأزهريين في المعهد العلمي، كان فيهم الشيخ الشعراوي، فعندما أبديت تعجبي من أن معظم أولئك أشعريين ، وأنتم يا أهل نجد، لا تتقبلون الغريب بينكم، وهؤلاء في معمعمة بن إبراهيم وبقية العلماء الصقور الوهابية ، فكيف نحل هذا الطلسم؟ الحقيقة أثنى كثيرا عليهم الشيخ ابن منيع وعرّف بفضلهم ، وقال لا نناقش في ذلك، ومن يقوم بتدريس العقيدة في المعهد أناس من المعروفين والمتصفين بالعقيدة الصحيحة.. ولا نعرف إلا كل خير عنهم.
أفردت حلقة كاملة عن الشيخ محمد بن ابراهيم، وابن منيع التحق من فترة طويلة في هيئة كبار العلماء عن طريق الشيخ بن ابراهيم، وحكى لنا كيفية مهابة الرجل وقوته، ومن القصص التي ذكرها، كيف أن قضية اهتم لها، وقام من فوره للملك فيصل يرحمه الله، وعندما استقبله وادخله مباشرة المجلس، شرح الملك فيصل على الورقة بأن تدرس ، وتحال ، فقال الشيخ بن ابراهيم محتدا: الان ، أنا أترك الصلاة في مسجدي وآتي خصيصا لك، ولو أردت هذا الشرح لبعثته مع المراسل، فما كان من الملك الا أن طلب الورقة ،وشرح عليها بالموافقة، إكراما للشيخ..
طبعا كانت المشرف على رسالته في الماجستير الشيخ عبدالرزاق عفيفي، وسألته عن تعامله معه، وكيف اذا اختلفا ، وحكى بشكل مفصل عن الرجل ودماثة خلقه، وقلت له: كيف تقبلتم الرجل بينكم، معروف عنكم بعض الخصوصية يا شيخ عبدالله ( تخفيفا لكلمة عنصرية) فأجابني بأن العلم يرفع الناس ، والعماد في التعامل علم الانسان وتقواه.. وأثنى على العفيفي وعلمه كثيرا..
طبعا أتينا لابن عثيمين، وابن باز ، ولكن لم يسعفنا الوقت ولربما نستدرك أدوارهم في مرحلة التأسيس والبناء، وقلت أن للألباني فضل على علماء السعودية بأنه من جعلهم يرجحون الحديث على المذهب، بعد أن أخبرني بأن الشيخ بن إبراهيم كان يميل للمذهب، فاحتد ونفى ذلك، وقال: علماء السعودية لم يتأثروا بالألباني ، بل هو من تأثر بهم، وعندما سألته عن حجته، قال:بأن العلماء امتداد لمدرسة ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن رجب ، وكل هؤلاء الحنابلة كانوا يقدمون الدليل..
العجيب أن الشيخ انتهى في هذه الصيرفة الإسلامية والاقتصاد الإسلامي، ومن استمع له يعرف السبب، فبعد أن تخرج من المعهد الابتدائي في شقراء، كانت وقتها كجامعة، مات والده، فاضطر اضطرارا للذهاب للاحساء والعيش بها ، والعمل كصبي في دكان لدى أحد الاحسائيين هناك، وتغرب لمدة سنتين، وحكى بطريقة عجيبة كيف استطاع الرقي بتجارته هناك، وحكى نتفا عن كيفية الحياة في تلك السنوات التي بها شظف عيش حقيقي..
النكتة أنني سألته عن هتلر والحرب العالمية الثانية، وستضحكون وهو يشرد كيفية متابعة أهل نجد لأخبار الحرب عبر الإذاعة، ويقول: نسمع عن يونس بحري وهو يقول:هنا برلين، ووالله ما ندري وين هي برلين هذه، وكان في شقراء عند بعض الأكابر راديو، وكانوا يدخلون بها في اماكن سرية كي لا يعرف الناس أنهم يقتنونها لأنها من الكبائر، وهم يستمعون بصوت منخفض، ويأتوا يخبرون الناس سرا عن الاحداث، ومرت مجاعة على البلاد وكساد عظيم ، والحمد لله لم نتأثر كثيرا بسبب أننا نعتمد على الزارعة ونأكل مما نزرع
طبعا لا أقل من واجب تقبيل رأسه على ما أكرمنا به من الحوار، وخصوصا أنني دخلت مناطق حساسة، وسألته عن دور الشيخ بن ابراهيم في تنازل الملك سعود يرحمه الله ، ودور العلماء عموما، لأنه عايش تلك الفترة .. انتظروا اجابته
ننتظر أمر المخرج، وتذكرت أيضا حادثة رواها ، من حرص الملك عبدالعزيز، وصدق ديانته، يحكي الشيخ ابن منيع أنه مرّ بأرض عفيف في مجيئه للطائف، وأمطرت السماء، فقام أحد قاطني تلك النواحي، وقال بما معناه أن السماء فرحت بك وأمطرت لأجلك، ما يقوله الشعراء والمتزلفون عادة، فغضب يرحمه الله، وأسكته، ونصحه، وقال أين مطوعكم؟ ونادى عليه، وقال: يجب أن تعلمه العقيدة، وأن السماء لا تمطر لأجلي ولا لأجل أحد..
صورة عامة للمجلس الذي تم فيه التصوير ، وما قصر الزملاء أصلحوه ووضبوه بشكل جيد، وكنت سألت الشيخ عن موقف أهالي شقراء من مدارس البنات، وقال بأنهم رحبوا جدا، ولم يعارضوا، فعندما قلت لماذا كانت المعارضة من المناطق القريبة جدا منكم، لماذا ، هل انتم قليلو دين مثلا، فضحك وقال : لا ، كان لهم اجتهادهم، وفصل في الموضوع، وقلت: اللبراليون اليوم يشنعون على العلماء بانهم كانوا ضد تعليم المرأة في السعودية، فرد بجواب ممتاز
استمع منبهرا بالتاريخ، ومتشوقا أيضا ، ولعلها التشوق مرتسم على محياي، أحسن من البيان التالي، معارك ومضاربات وفي النهاية أطلع أنا الملوم لأنني انحزت لطرف دون طرف،والكل يتهمني بذلك، أما هنا فقصص وعبر وتاريخ وأعلام وشخوص..طبعا، سألته عن الشيخ محمد الامين الشنقيطي وقد تتلمذ على يديه، وحضر معه في المعهد العلمي السعودي بالرياض، وتكلم عنه وعن قصصه معه..كان مهيبا وحاضر العلم، وسألته إن كان بلغ مرتبة الاجتهاد المطلق ، فنفى ذلك،وقال:ابن تيمية على جلالة قدره نفى عن نفسه هذه المرتبة، وربما وصل الشنقيطي للاجتهاد في المذهب..تتعجبون من كوكبة العلماء الأزهريين في المعهد العلمي، كان فيهم الشيخ الشعراوي، فعندما أبديت تعجبي من أن معظم أولئك أشعريين ، وأنتم يا أهل نجد، لا تتقبلون الغريب بينكم، وهؤلاء في معمعمة بن إبراهيم وبقية العلماء الصقور الوهابية ، فكيف نحل هذا الطلسم؟ الحقيقة أثنى كثيرا عليهم الشيخ ابن منيع وعرّف بفضلهم ، وقال لا نناقش في ذلك، ومن يقوم بتدريس العقيدة في المعهد أناس من المعروفين والمتصفين بالعقيدة الصحيحة.. ولا نعرف إلا كل خير عنهم.
أفردت حلقة كاملة عن الشيخ محمد بن ابراهيم، وابن منيع التحق من فترة طويلة في هيئة كبار العلماء عن طريق الشيخ بن ابراهيم، وحكى لنا كيفية مهابة الرجل وقوته، ومن القصص التي ذكرها، كيف أن قضية اهتم لها، وقام من فوره للملك فيصل يرحمه الله، وعندما استقبله وادخله مباشرة المجلس، شرح الملك فيصل على الورقة بأن تدرس ، وتحال ، فقال الشيخ بن ابراهيم محتدا: الان ، أنا أترك الصلاة في مسجدي وآتي خصيصا لك، ولو أردت هذا الشرح لبعثته مع المراسل، فما كان من الملك الا أن طلب الورقة ،وشرح عليها بالموافقة، إكراما للشيخ..
طبعا كانت المشرف على رسالته في الماجستير الشيخ عبدالرزاق عفيفي، وسألته عن تعامله معه، وكيف اذا اختلفا ، وحكى بشكل مفصل عن الرجل ودماثة خلقه، وقلت له: كيف تقبلتم الرجل بينكم، معروف عنكم بعض الخصوصية يا شيخ عبدالله ( تخفيفا لكلمة عنصرية) فأجابني بأن العلم يرفع الناس ، والعماد في التعامل علم الانسان وتقواه.. وأثنى على العفيفي وعلمه كثيرا..
طبعا أتينا لابن عثيمين، وابن باز ، ولكن لم يسعفنا الوقت ولربما نستدرك أدوارهم في مرحلة التأسيس والبناء، وقلت أن للألباني فضل على علماء السعودية بأنه من جعلهم يرجحون الحديث على المذهب، بعد أن أخبرني بأن الشيخ بن إبراهيم كان يميل للمذهب، فاحتد ونفى ذلك، وقال: علماء السعودية لم يتأثروا بالألباني ، بل هو من تأثر بهم، وعندما سألته عن حجته، قال:بأن العلماء امتداد لمدرسة ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن رجب ، وكل هؤلاء الحنابلة كانوا يقدمون الدليل..
العجيب أن الشيخ انتهى في هذه الصيرفة الإسلامية والاقتصاد الإسلامي، ومن استمع له يعرف السبب، فبعد أن تخرج من المعهد الابتدائي في شقراء، كانت وقتها كجامعة، مات والده، فاضطر اضطرارا للذهاب للاحساء والعيش بها ، والعمل كصبي في دكان لدى أحد الاحسائيين هناك، وتغرب لمدة سنتين، وحكى بطريقة عجيبة كيف استطاع الرقي بتجارته هناك، وحكى نتفا عن كيفية الحياة في تلك السنوات التي بها شظف عيش حقيقي..
النكتة أنني سألته عن هتلر والحرب العالمية الثانية، وستضحكون وهو يشرد كيفية متابعة أهل نجد لأخبار الحرب عبر الإذاعة، ويقول: نسمع عن يونس بحري وهو يقول:هنا برلين، ووالله ما ندري وين هي برلين هذه، وكان في شقراء عند بعض الأكابر راديو، وكانوا يدخلون بها في اماكن سرية كي لا يعرف الناس أنهم يقتنونها لأنها من الكبائر، وهم يستمعون بصوت منخفض، ويأتوا يخبرون الناس سرا عن الاحداث، ومرت مجاعة على البلاد وكساد عظيم ، والحمد لله لم نتأثر كثيرا بسبب أننا نعتمد على الزارعة ونأكل مما نزرع
طبعا لا أقل من واجب تقبيل رأسه على ما أكرمنا به من الحوار، وخصوصا أنني دخلت مناطق حساسة، وسألته عن دور الشيخ بن ابراهيم في تنازل الملك سعود يرحمه الله ، ودور العلماء عموما، لأنه عايش تلك الفترة .. انتظروا اجابته
رد مع اقتباس
