عاش حياة مليئة بالعبادات و الطاعات كل الناس تعرفه كل الناس تذكره بالخير , كان قارئا لكتاب الله دائم الدمعة يجود بماله , بل إنه كان مجاهدا أيضا و كان دائما في أول الصفوف إذا التحمت الجيوش , و سقطت الأبطال رأيته في المقدمة أسد هصور كل الناس تعرفه كل الناس تثني عليه....
ثم جاء اليوم الموعود .. يوم خشعت فيه الأصوات فلم تعد تسمع إلا الهمسات .. يوم جعل المرضعة تترك أبنها الرضيع فلذة كبدها ..و رأيت الناس كلهم عراة !!!!!!
تخيلوا أخوتاه!!؟؟
عراة تماما رجال و نساء و لا ينظر بعضهم إلى بعض ... و وضعت الموازين و تطايرت الصحف و الكل يصرخ نفسي نفسي ..و الجنة أزلفت و النار جاءت تتميز من الغيظ ...و الصراط منصوب و جاء الملك الحق الله سبحانه و تعالى مجئ يليق به ..
و خلال لحظات بدأت أكبر و آخر محكمة في التاريخ ... و في وسط هذه الأجواء المرعبة و الناس تنظر إلى النار و هي تتوعد العصاة يأكل بعضها بعض يا ترى من أول من شخص سيذوق هذا العذاب الغليظ ؟؟؟!!
ربما فرعون أو هامان أو قارون ربما أحد الطغاة الذين أذاقوا الناس العذاب أو مبتدع من الذين حرفوا الدين أو ...... أو ...... و إذا بالمفاجأة !!! هل تعرفون أخوتااااه من ؟؟؟؟؟؟؟
هل تذكرون رجل كان يعرفه كل الناس يذكره كل الناس نعم أنه هو ...أتركم مع هذا الحديث للحظات ثم نعود ,,
قال الحبيب ( صلى الله عليه و سلم ) : (( أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد , فأتي به فعرفه نعمه فعرفها , قال: فما عملت فيها ؟؟قال: قاتلت فيك حتى استشهدت, قال :كذبت.. ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ..ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ,
ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها , قال: فما عملت فيها ؟؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن , قال: كذبت .. ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل .. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ,
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها , قال: فما عملت فيها ؟؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك , قال: كذبت .. ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل... ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار )) رواه مسلم
و الله أن هذا الحديث لكفيل بإثارة الرعب في نفوس أشد الرجال , رجل ما عرفنا عنه إلا كل خير هو أول من يقضى عليه... لذلك فأن راوي الحديث الصحابي الجليل أبا هريرة كان يفقد وعيه حين يتذكر هذا الحديث و كان يجد صعوبة في روايته.... فإذا كان هذا حال أبو هريرة و هو من هو فكيف بنا ؟؟؟!!!!
أخوتي الأحباء ...
إنه السراب!!! أن تعيش عمرك و أنت تظن أنك على خير و لا تدري أنك على خطر عظيم قال تعالى :
" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً "الكهف( 103 , 104 )
فانظر إلى أقوال الأئمة في هذه الآية الكريمة ,,,,,,
قال الإمام ابن كثير_رحمه الله _ : (( وَإِنَّمَا هِيَ عَامَّة فِي كُلّ مَنْ عَبَدَ اللَّه عَلَى غَيْر طَرِيقَة مَرْضِيَّة بِحَسَبِ أَنَّهُ مُصِيب فِيهَا وَأَنَّ عَمَله مَقْبُول وَهُوَ مُخْطِئ وَعَمَله مَرْدُود كَمَا قَالَ تَعَالَى: " وُجُوه يَوْمئِذٍ خَاشِعَة عَامِلَة نَاصِبَة تَصْلَى نَارًا حَامِيَة " وَقَالَ تَعَالَى" وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَنْثُورًا "وَقَالَ تَعَالَى" وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالهمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبهُ الظَّمْآن مَاء حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدهُ شَيْئًا "وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة " قُلْ هَلْ نُنَبِّئكُمْ "أَيْ نُخْبِركُمْ" بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا "ثُمَّ فَسَّرَهُمْ )).
و قال الإمام الطبري _ رحمه الله _ : ((يَعْنِي بِاَلَّذِينَ أَتْعَبُوا أَنْفُسهمْ فِي عَمَل يَبْغُونَ بِهِ رِبْحًا وَفَضْلًا , فَنَالُوا بِهِ عَطَبًا وَهَلَاكًا وَلَمْ يُدْرِكُوا طَلَبًا , كَالْمُشْتَرِي سِلْعَة يَرْجُو بِهَا فَضْلًا وَرِبْحًا , فَخَابَ رَجَاؤُهُ . وَخَسِرَ بَيْعه , وَوُكِسَ فِي الَّذِي رَجَا فَضْله )) .
الشاهد أخوتي في الله
الحياة تمر سربعا و كثير منا دون أن يشعر يجري وراء السرابحتى إذا أدركه كما يظن هو وجده صحراء قاحة لقول الله ..تبارك و تعالى" وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ " النور 39
الإخلاص عزيز للغاية , و عليه مدار العمل به صلاح أو فساد العمل ؛ و لذك فهي دعوة للجميع بتجديد النية و النظر في مسألة ربما نظنها بسيطة إلا أنها ترفع أعمال صغيرة و قد تحبط أعمال عظيمة ... و ربما الذي دفعني لكتابة هذه الكلمات المتواضعة ؛ ما نرآه الآن من حولنا وقد صرف الكثير للآسف أعمالهم لغير الملك سبحانه , و هو الذي أعطانا كل شئ و هو غني عن عباده ...
انظر لكثير من الشباب فرطوا و ضيعوا لأجل فتاة أو صحبة أو لذة عابرة أو .... أو .... أو ......... صار له معبودات خاصة و أناس يحبهم كما يحب الله بل للآسف بعضهم زاد حبه لهذه الأشياء عن حبه لربه ...
و الحياة تمر سريعا دعني في عجالة أخذك معي إلى رياض المخلصين الندية لربما نالنا شئ من تلك الحديقة الغناء ...
عن مطرف بن عبدالله الشخيرأنه قال: (( لأن أبيت نائما وأصبح نادما أحب اليّ من أن أبيت قائما فأصبح معجبا ))
وقد كان محمد بن سيرين رحمه الله يضحك في النهار حتى تدمع عينه ، فإذا جاء الليل قطّعه بالبكاء والصلاة ومن خير الناس ( بسَّام بالنهار بكَّاءٌ في الليل )
قال الشافعي رحمه الله : وددت أن الناس تعلموا هذا العلم على ألا ينسب إليَّ]منهُ شيء
قال سهل بن عبدالله التستري (( ليس على النفس شيء أشقّ من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب ))
و أقوال سلفنا الصالح رضي الله عنهم أكثر و أروع من أن تحويه مطوية أو حتى كتاب فقد كانت حياتهم كلها مثال للإخلاص.....
و لنا وقفة أخيرة مع الفضائح الأربعة التي تنتظر المرائي لربما كان هذا سبب في المسارعة للتخلص من هذه الآفة القاتلة:
فضيحة ـــــــــ في الدنيا
فضيحة ــــــــ عند موته
فضيحة ــــــــ يوم القيامة
فضيحة ــــــــــ في جهنم
1- في الدنيا ......
وعن جندب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به " متفق عليه
هتك الله ستره و فضحه بين العباد و صار عبرة للناس في الدنيا قبل الآخرة فانظر الى عقاب الله له في الدنيا قبل الآخرة .
2- عند الموت ....
قال الحبيب صلى الله عليه وسلم :إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ متفق عليه
يفضحه الله عند الموت بسوء الخاتمة و قد ورد هذا الحديث في قصة رجل مجاهد ظنه الصحابة من أهل الجنة لشجاعته و إقدامه و إذا به ينتحر فكانت سوء خاتمته نتيجة لنيته الخبيثة و هي الظهور ...
3- يوم القيامة ......
وعن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:ما من عبد يقوم في الدنيا مقام سمعة ورياءإلا سمع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة "]الطبراني بإنساد حسن
فانظر أخي الحبيب إلى الفضيحة يوم القيامة على رؤوس الأشهاد كل الناس الآن تعلم الحقيقة و ترى ما كان بداخلك فاللهم لا تهتك سترنا برحمتك...
4- في جهنم ...
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في
الرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه "
رواه البخاري ومسلم
فانظر لمن أحب الظهور في حياته بهذه الاعمال الذى اراد بها غير وجه الله عذبه الله بتلك الشهرة فصار مشهور لكن ما أقبحها من شهرة..
انظر ماذا يقول ابن عباس (( ولحال قلبك إذا حركت الريح بابك و أنت على الذنب أعظم من الذنب ))
وهذا بالفعل أخطر شئ في مسألة الرياء فهذا الجاهل المسكين الذي يتخفى من الناس و لا يراعي مطالعة الله حال المعصية يأتي به الله يوم القيامة فيقول له عبدي لما جعلتني أهون الناظرين إليك . عندها يعلم هذا المسكين لما جعل الله الرحمن عمله هباء منثورا .
و يقول شيخ الاسلام .ابن تيمية ..رحمه الله في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تدخل الملائكة بيت فيه كلب ولا صورة ".....
يقول (( فإذا كانت الملائكة و هي مخلوق لا تدخل بيت فيه صورة ولا كلب
فكيف بمعرفة الله الخالق ان تدخل في قلب فيه صور الشهوات و صور التعلق بالمخلوق ؟؟!!! ))
يقول أحد السلف ((القاسم بن مُحمد إنه كان ينظر لعبد الله بن المبارك
و يقول :
بماذا فُضل علينا هذا الرجل ؟؟؟ ( أي لما أشتهر بين الناس )
إن كان يصلى فإنا نصلي
و إن كان يصوم فإنا نصوم
و إن كان يحج فإنا نحج
و إن كان يغزو فإنا نغزو ؟؟!!
فيقول القاسم فبينما كنت معه في سوق في الشام إذا انطفأ القنديل فإذا عاد القنديل نظرت إليه فإذا لحيته قد ابتلت من الدموع ......
(ياااااه سبحان ربي بمجرد انقطاع النور الذي كان يحول بينه و بين إظهار خشيته ظهر النور الذي في قلبه تجاه ربه )
وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا حلهم لنا لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها رواه ابن ماجه ورواته ثقات
من أخطر مظاهر الرياء هو الانتكاس لانه لم يخلص و لم يصدق مع الله في البداية و اراد الالتزام لاسباب آخرى ..لم تكن غايته رضى الله فقط .. فلازم النوع ده بينتكس في النهاية
الرياء سوف يدمر دينك و يدمر دنيتك و يدمر آخرتك يوم تلقى الله يوم القيامة ....الرياء لن يذر لك حسنة واحدة ...؟؟!!
في النهاية... يجب ان نعرض أنفسنا على هذه الآية لنرى هل نحن رجال حقاً أم لا ؟؟؟
يقول الله تبارك و تعالى .....
" مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً " الأحزاب23
سبحان ربي ...كانت أول صفة في الرجال هي الصدق و الاخلاص من اول لحظة لاخر لحظة فنالوا ما ارادوا ... و منهم الان من ينتظر
فاسعى لكي يتحقق الاخلاص في قلبك فيظهر على عملك ..فتدخل الجنة إن شاء الله........
أخي الكريم _أختى الكريمة ...الآن أترككم للاجابة على هذاالسؤال :
هل نحن ممن ينتظر ؟؟ أم ممن بدلوا تبديلا ؟؟؟؟؟؟؟؟
اللهم ارزقنا الاخلاص في القول و العمل و صلى الله على حبيبنا محمد والحمد لله و كفى ,,,,,,,,,,,,,,
أعجبك الموضوع...لا تقل شكرا...ولكن قل ...اللهم أغفر له و أرحمه وتجاوز عن سيئاته وأجعله من المحسنين