لا شك أن عملتي اليورو والدولار الأمريكي هما أكبر عملتين في العالم و الممثلتان لأكبر التكتلات الاقتصادية والتجارية في العالم، والعديد من الشركات المتعددة الجنسيات التي تقوم بالأعمال التجارية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
وهذه الشركات لديها حاجة دائمة للتحوط والحذر من مخاطر سعر الصرف. فبعض الشركات، مثل المؤسسات المالية الدولية، لديها مكاتب في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. كما أن تلك الشركات تشارك باستمرار في تداول اليورو والدولار الأمريكي وذلك حيث أن زوج اليورو/دولار يمثل الزوج الأكثر تداولا في سوق تداول العملات العالمية فانه من الصعوبة العثور على فرص المراجحة والتفضيل . ومع ذلك، لا يزال تجار الفوركس يفضلون هذا الزوج. وبما أن زوج اليورو/الدولار الأمريكي هو الأكثر سيولة في العالم و الذي يقدم هامش شراء وبيع منخفض جداً وبالاضافة الى السيولة المستمرة للتجار الراغبين في الشراء أو البيع
فان هاتان الميزتان مهمتان جدا للمضاربين وساعدتا في المساهمة في شعبية هذا الزوج وزيادة الاقبال على تداوله والذى أدى الى وجود هذا العدد الكبير من المتداولين في السوق
وعدم توقف توافر البيانات الاقتصادية والمالية على هذا الزوج تسمح دائما للمتداولين بصياغة وإعادة النظر بشكل مستمر في مواقفهم وآرائهم بالنسبة لهذا الزوج, ويوفر النشاط المستمر هذا مستويات عالية نسبيا من التقلبات، التي يمكن أن تؤدي إلى فرص ربحية مستمرة
كما أن الجمع بين السيولة والتقلبات تجعل زوج اليورو /الدولار مكانا ممتازا لبدء التداول للمبدئين في مجال الفوركس. ومع ذلك، لابد من أن نضع في اعتبارنا أنه من الضروري دائما أن نفهم دور إدارة المخاطر عند تداول العملات أو أي نوع آخر من الصكوك.
الدور التميز للدولار الأمريكي
يلعب الدولار الأمريكي دوراً فريداً وهاماً في عالم التمويل الدولي. حيث أنه هو العملة الاحتياطية المقبولة عموماً في العالم، حيث يتم استخدام الدولار الأمريكي لتسوية معظم المعاملات الدولية.كما أنها العملة الأساسية والرئيسية التى تمثل الجزء الأكبر والأساسى فى الاحتياطى النقدى للبنوك المركزية العالمية وبالاضافة الى ذلك تختار العديد من البلدان الصغيرة إما ربط قيمة عملاتها بالدولار الأمريكي أو حتى التخلي تماماًعن وجود عملة خاصة بهم، واختيار استخدام الدولار الأمريكي بدلا من ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإن سعر الذهب والعديد من السلع الأخرى يتم تحديده عموما بالدولار الأمريكي. ليس هذا فحسب، ولكن تتعامل منظمة البلدان المصدرة للبترول }أوبك{، بالدولار الأمريكي. وهذا يعني أنه عندما تقوم بلد بشراء أو بيع النفط، فأنها تشتري أو تبيع بالدولار الأمريكي في نفس الوقت. كل هذه العوامل تساهم في وضع الدولار كالعملة الأكثر أهمية في العالم.
بما أن الدولار هو العملة الأكثر تداولا وبقوة في العالم، فإن عمليات تجارة العملات الأجنبية غالباً ما تكون مقابل الدولار الأمريكي أكثر من أي زوج مع عملة أخرى. لهذا السبب، فمن المهم للمتداولين المبتدئين في أسواق تجارة العملات أن يكون لديهم فهم راسخ للعوامل الأساسية التي تدفع اقتصاد الولايات المتحدة للحصول على فهم سليم للاتجاه الذي يذهب إليه الدولار الأمريكي.
العوامل المؤثرة على اتجاه اليورو /الدولار الأمريكي

البنك المركزي الأوربي: وهو البنك الذي يحدد السياسات المالية لمنطقة اليورو. ويتم صنع القرارات الخاصة بتلك السياسات من خلال المجلس الحكومي والذي يمثله أعضاء وسياسيون معتمدون من قبل البنوك المركزية بتلك الدول.

أهداف سياسة البنك المركزي الأوروبي: لدى البنك المركزي الأوروبي هدف رئيسي إلا وهو تثبيت سعر صرف اليورو. ويتم ذلك من خلال خطتين دعم للسياسة المالية. الخطة الأولى، هي ملاحظة تطورات السعر والمخاطر المترتبة على ذلك من ناحية استقرار السعر. فالسعر هنا يُعرف بمفهوم الزيادة في مؤشر العلاقة بالنسبة لسعر المستهلك (HICP) – ويمكن تعريفه بالتضخم أيضاً- على أن يكون تحت مستوى الـ 2%. وبما أن مؤشر العلاقة لسعر المستهلك (HICP) مهم جداً، فإن هنالك الكثير من البيانات والتوقعات تستخدم لمعرفة مستوى توقعات استقرار السعر والمخاطر المترتبة على ذلك خلال المدى المتوسط. أما بالنسبة للخطة الثانية فهي قياس النمو الاقتصادي باستخدام مقياس M3 – القيمة المرجعية Reference Value فالبنك المركزي الأوروبي يرسم نسبة نمو تقدر بـ 4.5% سنوياً.
البنك المركزي الأوروبي يعقد اجتماعه كل أسبوعين يوم الخميس تحديداً لإعلان قيمة الفائدة على عملته – اليورو. كما أن اجتماعه الأول من كل شهر بيوم الخميس يكون اجتماع مع الصحافة وذلك لطرح مرئيات سياسته المالية الحالية والاقتصادية بشكل عام.

نسبة الفائدة : يستخدم البنك المركزي الأوروبي نسبة الفائدة كأداة تحكم بالسيولة النقدية في السوق. والفرق بين نسبة الفائدة على الصناديق الحكومية الأمريكية ونسبة الفائدة الخاصة بالبنك المركزي الأوروبي هي أن هذه النسبة تؤثر على سعر صرف اليورو مقابل الدولار بنسبة كبيرة وتأثير غير قوي بالنسبة للعملات الأخرى.

نسبة الفائدة الربع السنوية على الإيداعات الخارجية: وتسمى باللغة الإنجليزية بـ" 3-Month Eurodeposit (Euribor)"، وهي نسبة الفائدة التي تعطى/تُخصم لإيداعات النقد خارج منطقة اليورو لعقود مدتها ثلاثة أشهر. فهذه النسبة تخدم السوق بوضع توقع بقيمة صرف العملة بناءاً على نسبة هذه الفائدة. مثال نظري – بالنسبة لسعر صرف الدولار مقابل اليورو – فإن الزيادة في نسبة الفائدة على الإيداعات الخارجية بالنسبة لنسبة الفائدة على الإيداعات الداخلية من شأنها أن تزيد من قيمة اليورو بالنسبة للدولار. ولكن هذه العلاقة من الممكن أن لا يمكن الاستفادة منها بوجود عوامل مؤثرة أخرى.

السندات الحكومية ذات العشر سنوات: تعتبر نسبة الفائدة المعطاء على السندات الحكومية لمدة عشر سنوات محرك مهم أخر لسعر صرف الدولار مقابل اليورو. فسندات العشر سنوات الألمانية عادةً هي التي يتم اعتمادها لقياس ذلك. فمثلاً في حال أن نسبة النمو على السندات الألمانية زادت وبنفس الوقت تراجعت نسبة النمو على السندات الأمريكية فإن – نظرياً – نتوقع زيادة في سعر صرف اليورو مقابل الدولار، والعكس صحيح. لذا يجب ملاحظة نسب النمو بالنسبة لسندات الخزينة الألمانية لمعرفة اتجاه تحرك اليورو. وهنا نرى أن نسبة النمو في السندات لها تأثير كبير على سعر صرف الدولار مقابل اليورو كمؤثر تقني أساسي.

البيانات الاقتصادية: أن أهم البيانات الاقتصادية هي تلك الصادرة من ألمانيا لكونها أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، كما أن البيانات الاقتصادية الصادرة عن المجموعة الأوربية ممثلة في إحصائيات بيانات الاتحاد الأوروبي لها تأثير كبير أيضا. وأهم البيانات الاقتصادية هي عادة إجمالي الناتج المحلي، والتضخم ممثلاً في ممثلاً في مؤشر سعر المستهلك ومؤشر الإنتاج الصناعي، وكمية الناتج الصناعي، والبطالة. أما بالنسبة لألمانيا بالتحديد فأن مؤشر الاستفتاء المعروف بـ IFO والذي يبين رضا الأداء التجاري له التأثير الكبير نظراً لملاحظته بشكل واسع من قبل المتداولين والاقتصاديين. كما أن العجز في الموازنة له أهميته بالنسبة لكل دولة في الاتحاد الأوروبي مما له التأثير المباشر على الاقتصاد والنمو المحلي لتلك الدول والذي يجب أن لا يزيد عجز الموازنة عن 3% من أجمالي الناتج المحلي.

تأثير التداول التبادلي: في بعض الأحيان يكون سعر صرف الدولار مقابل اليورو متأثر بشكل مباشر بسعر صرف اليورو مقابل عملة أخرى ويعرف بالتداول التبادلي – مثلاً Eur/JPY و Eur/GBP. وللتوضيح: من الممكن أن يهبط سعر صرف اليورو مقابل الدولار نتيجة لهبوط سعر صرف الين مقابل اليورو نتيجة لوجود بيانات اقتصادية قوية تخص اليابان ومتعلقة بدول الأتحاد الأوروبي بشكل خاص، كما ونتيجة لذلك فأن سعر صرف الدولار مقابل الين من الممكن أيضاً أن يهبط نتيجة لتلق العلاقة.

عقود الاستحقاق المستقبلية لمدة 3 أشهر باليورو (Euribor): ميزة هذه العقود أنها تعطي توقع قوي لسعر صرف اليورو بعد ثلاثة أشهر لكون تاريخ الاستحقاق يدعم الطلب والعرض المستقبلي على اليورو وإيداعات اليورو المستقبلية. ويكمن الفرق الأساسي بالنسبة لعقود الاستحقاقات المستقبلية لمدة الـ 3 أشهر وإيداعات اليورو المستقبلية أن تلك العقود تعطي توقع أفضل من الأخرى بالنسبة لسعر صرف اليورو مقابل الدولار.

المؤشرات الأخرى: هناك تناسب عكسي قوي جداً بالنسبة لسعر صرف اليورو مقابل الدولار والدولار مقابل الفرنك السويسري، مما يعطي علاقة متساوية بالنسبة لتلك العملتين على سعر صرف الدولار, وسبب ذلك أن الاقتصاد السويسري يعتمد بشكل مباشر وقوي على اقتصاديات الإتحاد الأوروبي. وفي أغلب الأحيان يكون هبوط سعر صرف اليورو مقابل الدولار هو نفسه هبوط سعر صرف الفرنك السويسري مقابل الدولار، والعكس صحيح في أغلب الأحيان. وتكون هذه العلاقة غير متناسبة في حال توافر عدد من المؤشرات الاقتصادية المعنية بالإتحاد الأوروبي وسويسرا وتغير سعر الصرف بينهما بشكل تبادلي.


العوامل السياسية: كحال جميع أسعار الصرف، فإن سعر صرف اليورو بالنسبة للدولار سريع التأثر بالأوضاع السياسية كالتخوف من الاندماجات السياسية في حكومات بعض دول الإتحاد الأوروبي. كما أن الأوضاع السياسية في روسيا ممكن أن تؤثر بشكل مباشر على سعر صرف اليورو نتيجة لوجود استثمارات كبيرة لألمانيا هناك.
توقعات اتجاه عملة اليورو مقابل الدولار الأمريكى لعام 2014:
كان عام 2013 مثيرا جدا للاهتمام بالنسبة لليورو. فبينما لم تعد منطقة اليورو تواجه أزمة الديون بفضل الإجراءات الضرورية التي اتخذها ماريو دراجي محافظ البنك الأوروبي ، إلا أن معدل النمو كان ضعيفا للغاية على الرغم من انتهاء الركود في الربع الثاني من عام 2013. وفي الربع الثاني من العام، سجل معدل النمو الاقتصادي نسبة 0.3% فقط في الربع الثالث من العام، وتباطأ معدل النمو هذا الى 0.1%. وظل معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي السنوي عند -0.4%، وهو معدل اضعف كثيرا من معدل الـ 4.1% والذي سجلته أمريكا في الربع الثالث. وكان البنك الفيدرالي قد قرر السياسة النقدية بدون تغيير على مدار العام، بينما قرر البنك المركزي الاوروبي قطع اسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة اساس. وكانت العملات الاساسية قد اصابها الضعف مقابل اليورو هذا العام، حيث انخفض الين الياباني بنسبة 20% تقريبا، وانخفض الدولار الاسترالي بنسبة 17% والدولار الكندي بنسبة 10%. كما تفوق اليورو في أداءه على الدولار الامريكي، ولكن كان الارتفاع بنسبة 3.4% صغيرا بالمقارنة مع بعض الحركات الاخرى.

كانت قوة ومرونة اليورو/ دولار أمريكي في النصف الثاني من عام 2013 قد أدهشت العديد من المستثمرين خاصة في الربع الرابع عندما زاد البنك الفيدرالي ن رغبته في تقليص مشتريات الاصول. وفي ظل ارتفاع عواد السندات الامريكية لأجل 10 سنوات بمقدار 100 نقطة اساس وارتفاع السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار 40 نقطة اساس فقط هذا العام، من المتوقع ان يكون تداول اليورو/ دولار أمريكي عند مستويات اقل. ولكن كانت العملة الاوروبية مدعومة بالفائض القياسي في الحساب الجاري في منطقة اليورو، وانخفاض عوائد السندات، والتنوع والدمج. ويعني الفائض في الحساب الجاري الحالي أن هناك المزيد من الأموال التي تدخل وتخرج من البلاد على شكل التجارة والاستثمار، ويمكن ان يؤدي الفائض المستمر الى ارتفاع العملة الاوروبية. وفي حالة منطقة اليورو،فإن تباطؤ معدل النمو في المنطقة قد قلل من التوازن بين الواردات والصادرات، كما اتسعت الفجوة بينهما بشكل كبير ولكن جهود البنك الفيدرالي للاحتفاظ باسعار الفائدة عند مستوى منخفض قد جعلت عوائد السندات مستقرة الى حد ما. وأخيرا، وبعد الخروج من ازمة الديون في منطقة اليورو، فإن المستثمرين الذين كانوا قد قللوا من قيمة الاصول في منطقة اليورو قد اصبحوا اكثرا ميلا لتملك هذه الاصول هذا العام، حيث تحسنت معدلات الرغبة في المخاطرة وتعافت الاسواق المالية. وكما هو الحال في الاسهم الامريكية، ارتفع مؤشر داكس الألماني لى مستوى قياسي وجذبت هذه الحركة مشترين اليورو من المستثمرين الذين قد قللوا من قيمة الاسهم الاوروبية. ومن المتوقع ان تؤدي هذه العوامل الثلاثة الى تقديم طلب مستمر على اليورو في العام القادم، مما يقلل من خطر الاتجاه الهبوطي احادي الطريق في اليورو/ دولار أمريكي. وبدلا من هذا فإننا نتوقع ان تكون حركة هذا الزوج في نطاق معين ولكن مع ميل هبوطي عام.

من المتوقع ان ينمو اقتصاد منطقة اليورو باسرع معدل له خلال 2014 ولكن سيبقى معدل النمو هذا بطيئا بالنسبة للدول المتقدمة الاخرى. يتوقع البنك المركزي الاوروبي تسارع معدل النمو الاقتصادي الى 1.1% من المستوى الحالي عند -0.4%، وهي نسبة معتدلة للغاية إذا ما قارناها مع معدل النمو بنسبة 3% المتوقع من امريكا العام القادم. وفي ظل التوقعات بانخفاض معدل البطالة قليلا من مستواها المرتفع القياسي عند 12.2%، فلن يشعر الكثيرون في اوروبا بالتعافي. وفي ظل انخفاض اسعار الفائدة وارتفاع الاجور، سوف يكون معدل النمو الاقتصادي الألماني مدعوم بقوة استهلاك المستثمر والمزيد من الصادرات. وفي المقابل، سوف تكون فرنسا هي الرجل المريض في اوروبا. فمع بلوغ البطالة 10.9% (مقابل 6.9% في ألمانيا، واستمرار التماسك المالي، والانكماش في النشاط الصناعي والذي يجعل البلاد في خطر الوقوع في الركود الفني بالاضافة الى رفع الضرائب، فسوف تواجه فرنسا والتي تعتبر ثاني اقتصاد في منطقة اليورو صعوبة في تحقيق معدل نمو سريع. وفي الحقيقة فإن معدلات تأييد فرانسوا هولاند تقع عند مستويات منخفضة و سوف تتعرض العلاقة الوطيدة بين المانيا وفرنسا للضرر بسبب الصعوبات التي تواجهها فرنسا لتكون تنافسية. وفي ايطاليا واسبانيا وهما ثالث ورابع اقتصاديات في منطقة اليورو، من المتوقع ان يكون معدل النمو معدل العام القادم بسب انخفاض سعر الفائدة ومعدل النمو الخارجي. ولكن سيكون امام هاتين الدولتين طريق طويل للتعافي لأن التنافسية تعتبر مشكلة اساسية في ايطاليا واسبانيا، كما ان معدل البطالة مرتفع للغاية ويصل الى 25.98%. ولن يتم علاج هذه المشاكل الجوهرية في العام القادم. ونتيجة لهذا فإن الاتجاه الصعودي غير المؤكد لمنطقة اليورو في عام 2014 قد يجعل الدولار الامريكي أكثر جاذبية من اليورو خاصة في النصف الاول من العام.