هل يمكن (الوثوق) بنظام التداول الالكتروني للأسهم من خلال شبكة الانترنت؟ وما هي البدائل العملية والسريعة التي توفرها المصارف المحليّة في حال (فشل) نظام التداول عبر الانترنت في إدارة عمليات البيع والشراء ؟ وحتى تتّضح الصورة .. أورد قصة سمعتها لعلّها تلخّص معاناة بعض صغار المستثمرين مع المصارف المحلية التي تقدم خدمات التداول الالكتروني للأسهم.. تقول القصة أن موظفا (ستينيا متقاعدا) قرّر إشغال وقت فراغه بتنمية رأس ماله عن طريق المتاجرة بالأسهم عبر الانترنت، ومن اجل ذلك افتتح محفظة استثمار أودعها كل «حصاد السنين».

بعد أن أنهى صاحبنا إجراءاته وتدرّب بشكل جيد على التعامل مع خيارات موقع التداول الالكتروني بدأت معاناته اليومية أمام شاشة الحاسب حيث يقضى 4 ساعات يوميا يراقب سوق الأسهم ويمارس عمليات البيع والشراء في أسهم الشركات بكميات صغيرة بين بطء الشبكة، ومشكلات عدم تحميل صفحات الموقع، ولكنه واصل التجربة وبدأ في رفع معدل مضارباته حتى وصل به الأمر إلى أن استثمر أكثر من نصف مدخراته في شراء أسهم واحدة من الشركات. وحين حان اليوم الموعود مؤذنا بارتفاع سهم محفظته بسرعة صاروخية بادر صاحبنا إلى تعبئة أمر «بيع» الكتروني لأسهمه «بسعر الطلب» أملا في مكاسب يراها أمام ناظريه. وحين ادخل صاحبنا طلب البيع فوجئ برسالة تفيد (بعدم التنفيذ،) فعاد (وأنقص) في سعر أسهمه ليضمن التنفيذ الفوري، ولكن دون جدوى فنظام التداول الالكتروني في كل مرة كان يرتد بعبارة «العملية مرفوضة». كرر صاحبنا العملية عدة مرات دون نجاح، وبعد نصف ساعة من المحاولات اليائسة عبر الهاتف أتاه صوت موظف وحدة الأسهم مفيدا أن هناك مشكلة ما في نظام «تداول» وأن عليه الانتظار. وبالطبع كان ثمن الانتظار بعد أن اقفل السوق تراجع سعر السهم الى الحد الأدنى وحرم العميل من حق التصرف في ملكه.
لم يعد مقبولا أن تتحجج البنوك بمشكلات تقنية سواء من جانب المساهم، ولا يمكن تبرير عبارة «لا يمكن إتمام العملية» أثناء عمليات بيع وشراء الأسهم المحلية في فترة «ذروة» التداول صباحا أو مساء. صحيح أن المشكلات الفنية في أجهزة الحاسب المتصلة بشبكة الانترنت واقع متكرر و لا مفر منه، ولكن ما الحيلة إذا كانت مثل هذه الرسائل لا تظهر إلا في فترات ارتفاع المؤشر أو انخفاضه وهو ما يعني بلغة المضاربين ضياع ملايين الريالات ربحاً أو خسارة بسبب العطل الفني لموقع المصرف المنفذ للعملية. يقول احد المتعاملين وهو يشكو وضع التداول الالكتروني إن من أهم مشكلات تداول الأسهم عبر الانترنت «تعليق الأوامر وبالتالي استحالة إلغائها أو تعديلها .. وبالتالي أضطر لمواجهة الخط الهاتفي المشغول دوماً وقت التداول».

لا بد من ترقية نظام التداول الإلكتروني وبدائله فسوق الأوراق المالية في بلادنا بات أهم نشاط اقتصادي يمس مئات الآلاف من سكان المملكة يوميا بحجم يقترب من تريليون ريال، وهو في نظامه وضوابطه يمثل نقلة تاريخية منذ البدايات المتواضعة قبل الحرب العالمية الثانية حين تم إنشاء أول شركة مساهمة في المملكة وهي «الشركة العربية للسيارات» حتى عام 1424 هـ وهو العام الذي تأسست فيه هيئة السوق المالية كجهاز حكومي لإدارة وتنظيم السوق المالية السعودية. وحيث إن نظام الهيئة يعرفّها بأنها الجهاز المسؤول عن وضع وفرض اللوائح والقواعد الهادفة إلى حماية المستثمرين، وضمان العدالة والكفاءة في سوق الأوراق المالية، فهل يمكن في حال انهيار نظام التداول الإلكتروني - مثلا - تخصيص أرقام هواتف كافية لاستقبال طلبات البيع والشراء من صغار العملاء (الأولى بالرعاية) أسوة بكبار العملاء الذين يبدو أن لهم الأولوية في كل شيء؟ وهل يمكن الطلب من المصارف أن تقدم (ضمانات ما) للمستثمرين والمضاربين لتعويضهم في حال فشل أنظمتها الإلكترونية في إدارة عمليات البيع والشراء في سوق تتقلب مؤشراته في ثوانٍ معدودات؟ من يجيب؟