السيجارة بين الإغراء وسوء التربــيــة
قرأت في أحد الصحف الإلكترونية عن طرح إحدى الشركات منتج جديد من التبغ ( الدخان ) في عبوات مغرية ذات لون ذهبي وجذابة وذكر الكاتب تخوفه وقلقه اتلشديد من إنتشار التدخين بين فئة الشباب والفتيات المراهقين بسبب لون وشكل العبوة الجديدة .
أثار فضولي هذا الخبر ومافيه من إحصائيات سوف أذكرها لكم لاحــقــاً عن الوفيات وعدد المدخنين والمدخنات .
فهل من المعقول أن يكون اللون أو الشكل الجذاب لعبوة السجائر دافعاً ومحفزاً حقيقياً لتعاطي التدخين .
أعتقد أن سوء تربية الآباء للأبناء وإنشغالهم لفترات طويلة وعدم متابعتهم لأبنائهم وبناتهم بحجة الثقة تارةً والحرية وعدم التسلط أو عدم وجود الوقت تارةً أخرى أدى ذلك كله إلى خروج الشباب والفتيات مع الشلـــل وأصحاب السوء وبالتالي حدوث المجاراة والتقليد الأعمى بينهم حيث يشجع كلاً منهم الآخر على التدخين وأنه نوع من إظهار الرجولة بالنسبة للشباب وتعبير عن الحرية وكنوع من أنواع الموضة ولفت الأنظار بالنسبة للفتيات .
ولاأعتقد أن الشاب أو الفتاة اللذين تربــيـا على تعاليم الدين الحنيف وحظيا بإهتمام ورعاية أهلهم وجميع أفراد أسرتهم ووجدوا الحب والحنان لدىهم لن يقدما على تعاطي السيجارة حتى لو وضعت في عبوة من ذهب أو مهما كان إغراء هذه السيجارة ولو وُزعت بالمجان .لأن إقتناع الشاب أو الفتاة بأن هذه السيجارة مضرة بالصحة وأنها محرمة شرعاً وهي من الخبائث تجعله يفكر بجدية قبل أن يــُـقدم على التدخين كذلك المحافظة من قبل أولياء الأمور بعدم ترك الحبل على الغارب ، وأن إتساع مساحة الحرية لدى الفتيات والشباب وتركهم يذهبون مع السائق أينما شاءوا دون علم الوالدين ومصادقتهم لمن يشاءون دون معرفة بأخلاقهم وسلوكياتهم فقد قال الشاعر :
عــاشـِــر أناساً بالذكاء تميزوا
واختر صديقك من ذوي الأخلاق
فعلى الأمهات والآباء دور مهم في تجنيب أبناءهم وبناتهم تعاطي السجائر ويجب عليهم تحذيرهم مبكراً وتوضيح الأضرار الناجمة عن التدخين بأخذهم إلى جمعيات مكافحة التدخين لمشاهدة ما تعرض له المدخنين من أمراض في الرئة والحنجرة فالمشاهدة بالعين أشد تأثيراً من الكلام فقط ولابد من خلق القناعة الذاتية لدى الشباب والفتيات بأن هذه السيجارة هي طريق إلى الإنتحار البطئ وأنها سم قاتل ، فالبعض منهم يقول أن أصحابه يدخنون ولم يصبهم أي مرض وهم بصحة وعافية وهذا طبعاً غير صحيح فالمرض لايأتي بسرعة وإنما يتراكم النيكوتين في الجسم وبعد فترة تبدأ الأعراض السيئة والتي يصعب علاجها بسرعة فعلينا توضيح ذلك لأبناءنا ولا نجعلهم لقمة سائغة في أيدي العابثين الغاوين عن طريق الحق ، (( يا أيها الذين آمنوا ، قوا أنفسكم وأهليكم ناراً )) ، وعلينا أن لاننسى شئ مهم جداً جداً ألا وهو القدوة الصالحة .
فكيف بالله عليكم بالوالد ينصح إبنه بعدم التدخين وأنه ضار بالصحة وحرام وبعد دقائق يرى الإبن والده يضع السيجارة بين شفتيه ، أو الأم تمنع بنتها من التدخين وتحذرها من أضراره ثم تشاهد أمها تتعاطى المعسل أو السيجارة ؟؟!!!
لاتنه عن خـــُلق وتأتي مثله ****** عارُُ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
إبدأ بنفسك فأنهها عن غيّها****** فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
فهناك تـُقبلُ إن وعظت ويُقتدى**** بالقول منك وينفعُ التعليمُ
(الشاعر المتوكل الليثي)
أما الإحصائيات التي أدهشني مابلغته من أرقام فهي كالتالي :
نسبة المدخنين في السعودية من 35إلى 40% من الرجال ، و5 إلى 10% من النساء ، وطلبة المدارس من 15 إلى 25 % بين الذكور ، علماً أن المملكة العربية السعودية تعتبر من أبرز المستهلكين للتبغ ( ولا فخر بذلك ) حيث تحتل المرتبة 23 إذ يستهلك مواطنوها 40 ألف طن من السجائر سنوياً ، أي ما يعادل 15 بليون سيجارة وينفقون نحو 2.2 بليون دولار على السجائر ويصل إنفاق الفرد على السجائر 500 دولار سنوياً ، أما عدد ضحايا المدخنين 21 ألف متوفى في العام ، هذا ونحن في مجتمع محافظ ومتدين يحرص على تطبيق شرع الله فكيف بالدول الأخرى ؟؟
والعجيب في الأمر أن من يصرف على التدخين هم من الطبقة الكادحة تجده ليس ميسوراً مادياً راتبه ربما لايكفيه إلى منتصف الشهر والبعض من الميسورين لو جاءه أحد المحتاجين ربما أمتنع عن مساعدته ولو بمبلغ بسيط يحجم عن صرفها في سبل الخير أما على دمار صحته وعافيته فلا مانع لديه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ) .
(( كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت )) حديث صحيح .
وعلينا بالدعاء لأبناءنا أولاً وآخراً
ودمتم سالمين
رد مع اقتباس
