صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2
النتائج 16 إلى 27 من 27

الموضوع: |--*¨®¨*--|الــــــــتفوق العقــلي |--*¨®¨*--|

  1. #16
    ~ [ عضو مؤسس ] ~


    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,395
    أدب السيرة الذاتية الإسلامية بين البيئة والوراثة
    ***
    يستطيع كل إنسان أن يستشعر بغموض حينا، وبوضوح أحيانا جميع تحولاته الذاتية، مهما كانت دقيقة، وبإمكانه كذلك أن يضبط إلى حد معين الأسباب القائمة وراءها أو المنتجة لها، على تنوعها واختلافها، ثم يميز بالتالي بين العوامل البيئية والعوامل الوراثية، الفاعلة في تكوين شخصيته، فهل صحـيح أن ثمة نوعين من الوراثة: إحداهما بيولوجية، منتسبة إلى علم الأحياء ( La Biologie )، وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء بكيفية طبيعية مباشرة، ولا تتطلب أي جهد، والثانية اجتماعية وثيقة الصلة ورهينة بالمجتـمع ، تستدعي من الإنسان بذل الجهد العقلي المتواصل، واعتماد الوعي المركز، واستحضار الانتباه؟
    إن في حياة كل فرد لحظات صحو ويقظة، محكومة بتكامل البعدين الفاعلين: البيئي والوراثي؛ وهي اللحظات التي يعيد فيها اكتشاف نفسه بموازاة مع اكتشاف العالم الخارجي، ويجد نفسه في كل مرة مضطرا إلى وضع السؤال وتمحيص الإجابة، وربما قد يصل به الأمر إلى صياغة رؤى وتصورات يتجاوز بعضها بعضا، أو صياغة وعي جديد ينفي به ما كان لديه من قناعات سابقة.
    كثيرا ما يتأمل الإنسان ذاته طمعا في معرفة بعض أسرارها الخفية، لكنه قد يستغرق من أجل هذه الغاية زمنا طويلا، أو قد ينفق معظم مراحل حياته في استقراء نفسه ومحاورتها، ومع ذلك فإنه لا يظفر في النهاية إلا بالقليل من خفاياها، خاصة وأن تأمله و تفكيره يظل موزعا بين عمق ذاته وسعة العالم الخارجي، وعندما يتحول في لحظة وجيزة كل من الذات، والزمان، والمكان، والأشياء إلى بوتقة معقدة، يهيمن فيها سلطان الروح والنفس الإنسانية على كثافة المادة، فإن الإنسان المتأمل يجد نفسه أمام واقع معنوي يثير فضوله.
    وفي لحظة إشراق تمتزج أحلام اليقظة بالمرئيات، وتتكاثف قوى الإدراك والوعي بالذات والعالم، وكأن الأنا في غمرة هذه الأجواء مدعوة إلى ارتقاء مراتب الخلاص من سجن المادة، حتى يتمكن جوهرها من الاتحاد بمظهرها، فتغدو خلقا ينبعث من جديد، وحياة تسوى للمرة الثانية في دنيا صاحبها.
    إن الإنسان عندما يختلي بنفسه ، فيعمد إلى المبالغة في بحث وتحليل دقائقها، نراه لا يخلص في النهاية إلا إلى ما يشعره بعجزه وضعفه، وفي سياق المجاهدة النفسية، يقف الإنسان على عتبة الاختزال الذاتي، وسرعان ما يتجاوزها ليحلق في فضاء روحي يسع ذاته، ويطرد شبحها المزيف من حياته، فيرد ذاته إلى حجمها الطبيعي، الذي تنكرت له في ساعات غفلتها وتجاهلها لمقامها وماهيتها.
    ثم إن مجال الاهتمام والسؤال يتسع كلما أخذت الحيرة والقلق بمجامع الإنسان، فهو يتفقد ذاته تارة، فيجدها صاحبة عمق رهيب، بخلاف إحساسه بضيق العالم الخارجي، وتارة ينظر إلى نفسه على أنها مجرد ذرة في صحراء تغص بالرمال، لكن رحابة الفضاء في الخارج تستوعبها ولا تضيق بها؛ إنها معاناة الكشف عن حقيقة الذات والعالم.
    إن حب الإنسان لذاته قد يدفعه إلى اعتزال الناس، و النظر إليهم من بعيد دون مخالطتهم في معترك الحياة، لكن هذا النزوع الذي يرتد بسببه المرء إلى نفسه لمساءلتها، والدخول معها في حوار تأملى، كثيرا ما يتخذ منعطفا إيجابيا ينتفي معه الإفراط في حب الذات، وتتغير على أساسه الرؤية الفردية إلى الناس والعالم، و لاشك أن الانغلاق العارض على النفس.
    ثم إن الانقطاع عن العالم الخارجي، غالبا ما يفضي بالإنسان إلى اتخاذ مواقف جديدة من خلال إعادة النظر، ونقد ومحاسبة الذات على جميع ما اقترفته من أفعال، بالإضافة إلى إدراك مواطن الخلل والفساد في السلوك الفردي، وبين الناس في الحياة الجماعية.
    إن كلا من عباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم يعود بأصول طباعه إلى والديه وما استقر فيهما من ميولات وسلوكات، ونقرأ في هذه العودة إثارة لمسألة الوراثة، التي حاول أكثر الأدباء، والعلماء، والمفكرين اقتفاء آثارها في ذواتهم والوقوف على معالمها ومظاهرها في أنفسهم، وما الذي كتبوه عن دقائق حياتهم وتحولاتهم إلا محاولة لتحليل ودراسة أثر الوراثة فيهم.
    ثم إن الإنسان يدرك جيدا مدى تأثير العوامل البيئية والوراثية في تكوين شخصيته، فقد لا يتوصل في بداية حياته إلى فهم محدد لبعض سلوكاته وطباعه، بقدر ما لا يعي العديد من الأفعال والمواقف الصادرة عنه، والتي يتخذها في مناسبات كثيرة، ومن البديهي أن يحاول الفرد في مبتدأ حياته أن يقنع نفسه بتأويلات خاطئة لما يصدر عنه، فيسقط من حسابه تأثير الوسط الاجتماعي والبعد الوراثي، لكنه مع مرور الوقت يتدرج في الاعتراف، عن علم طبعا، بسلطة البيئة والوراثة على الشخصية الإنسانية، فتهوي كل تأويلاته الاعتباطية السابقة تباعا، لتفسح المجال للذات من جديد، كي تتمثل نفسها وتعيد قراءتها في ضوء التأثيرات البيئية و الوراثية.
    بهذا التحليل تخلص الذات المسلمة إلى أنها أثر ونتيجة محدثة، لكن جذورها ضاربة في عمق القدم، وستظل هذه الذات حصيلة تاريخ معين، تضافرت معطياته وانصهرت بعض عناصره في بعض؛ إنها ثمرة عوامل كثيرة، وبناء إنساني معقد ومتشعب، أسهمت البيئة، والوراثة، والأحداث في صقله وتكوينه باستمرار، حتى انتهى إلى كائن اجتماعي، حامل لخصائص معينة، هكذا يعود الإنسان بطبيعته ومكونات شخصيته إلى أصولها الوراثية، فيتأمل كل ما دق من ميولاته، وطباعه، ونوازعه، وجميع الذي ترسب لديه دون وعي منه، والذات الساردة ترجع بجملة من خصائصها الفردية إلى الأم، باعتبارها إحدى المرجعيات الأساسية في بناء سلوكيات و معالم هوية الإنسان.
    إن الإنسان يتواصل مع بني جنسه ويقيم علاقات معهم بدرجات متفاوتة من القوة، لكن صلته بالأم، وهي أقرب الناس إليه على الإطلاق قبل وبعد ولادته، أقوى وأعمق من أي علاقة اجتماعية أخرى، لأن الأم بالنسبة للفرد طرف وراثي في شخصيته، وذاكرة حية من العواطف والمشاعر، والقيم والمبادئ، تسهم في بناء جانب كبير من مسيرة حياته، وهي ذات راصدة لعمق الإنسان بامتياز، وضمير يمارس نشاطا متواصلا في كيان الفرد بصمت وفي خفاء.
    ستظل الأم إذن من بين أسرار الإنسانية، التي لم تفقد ومضة واحدة من جاذبيتها، وستبقى أحد منابع قيمها السامية التي لا ينضب معينها، ولا تتلاشى معالمها في كل زمان ومكان؛ إنها عالم ثابت منذ القدم بقوة الوراثة الإنسانية وحياة رحبة للتأمل يسيح فيها الأحياء ويتمثلونها في حال حضورها وغيابها، بالقدر الذي يتألمون به لفقدانها.
    وإذا كنا نعثر على لفظة "الأم" دالة في المعجم على معنى أو مفهوم مجردة، فإن الأمر يختلف عندما نتجاوز الحدود الخطية أو الصوتية، أو البناء الحرفي، ذلك أن الإنسان حينما يستحضر في حياته الخاصة لفظة "الأم" يجدها في ذهنه كائنة حية ، فهي ليست رسما خطيا مطروقا، أو فكرة متداولة فقط في الوجود البشري؛ بل إنها تلك الإنسانة التي تحيط بها، بامتياز، هالة من الذكريات الطفولية، وما عاشه المرء من علاقات وتجارب، وشهده من أماكن وأحداث.
    أما الطرف الوراثي الثاني في شخصية الإنسان فهو "الأب"، الذي يتكامل مع الطرف الوراثي الأول: "الأم" على مستوى درجة التأثير في تكوين جانب مهم من ذاتية الفرد، فكل إنسان يمارس قراءة دقيقة لذاته، يستطيع أن يميز بين ما ورثه عن أمه من طباع وخصال، وما ورثه عن أبيه من سلوك ومزاج.
    ثم إن الإنسان يستشعر في النهاية حلول والديه فيه، ويعتقد أنه ليس سوى امتداد لحياتهما، وكائن اجتماعي جديد له ذات واحدة متكاملة، أو مركبة في المقام الأول مما ورثه عن والديه من صفات وخصائص متعددة ومتضاربة، لكنها تبقى من أصل إنساني مزدوج، أما الذات التي تتلقى الموروثات، فهي أحادية في الظاهر، ومتعددة في الباطن والجوهر.
    إن جميع المظاهر الوراثية التي وقفنا عليها في أدب السيرة الذاتية، تندرج ضمن الوراثة الفطرية البيولوجية والنفسية، التي يتأثر بمفعولها الإنسان، قبل وبعد ولادته ثم طوال حياته، لكن ثمة وراثة أخرى مكتسبة، تقوم على التقليد والمحاكاة بالدرجة الأولى، وخاصة في الأطوار المتقدمة من عمر الإنسان.
    إن الوراثة المكتسبة أساسا في عهد الطفولة، وهي وراثة اجتماعية عقدية، والتي تتشكل من مجموع التعاليم، والسلوكات، والتقاليد، والمعتقدات السائدة داخل البيت، والمتلقاة بين الوالدين ووسط الأهل والأسرة، وفي المجتمع عموما، هي وراثة مكملة للوراثة البيولوجية والنفسية، الفاعلة في تكوين شخصية الفرد.
    وإن كان الإنسان لا يستطيع أن يؤثر في ما ورثه عن أبويه على المستوى البيولوجي والنفسي، أو يغير شيئا منه، فإن بإمكانه أن يفعل ذلك إلى حد الثورة والرفض، عندما يتعلق الأمر بالوراثة الاجتماعية، ثم إن حياة الإنسان وشخصيته وحدة فردية مقيدة ومتأثرة بعنصرين اثنين:
    أولها: العنصر الوراثي ، وهو الذي بإمكاننا أن نوجزه في وراثة جنسية جسمانية أو بيولوجية، كما أسلفنا، وهي وراثة ذات صفة مزدوجة، متمثلة من جهة في وراثة خِلقية، لا تؤثر إلا في الصفات الجسمانية ولا علاقة لها بالميزات العقلية، التي هي نتيجة لتأثير الحياة الاجتماعية والاقتصادية، والبيئة الجغرافية، والعادات والتقاليد، والمعتقد الديني، ومتجسدة من جهة ثانية في وراثة نفسية لها تأثير مباشر على تكوين خلق الفرد وطبعه ومزاجه.
    ثانيها: العنصر البيئي، الذي يتغير باستمرار وإن طال مقام الإنسان في بيئة محددة، بخلاف العنصر الوراثي البيولوجي الذي هو أصل ثابت في الحياة البشرية، وهو عنصر لا تأثير للمكونات البيئية عليه، لكنه يسهم بقسط وافر في بناء و نماء شخصية الفرد، بحكم أن الكائن العاقل يتواصل ويتأثر بما ومن حوله، ويتفاعل مع كل ما يجري في وسطه الاجتماعي، فهو مظهر من مظاهر الجماعة الإنسانية، التي نشأ فيها واكتسب منها جملة الخصائص التي تسمها .
    تتأرجح الذات المسلمة في البلاد الأجنبية بين البيئة العربية الإسلامية والبيئة الغربية؛ إنها تجد نفسها أمام خيارين: إما الانفتاح على الوسط الجديد عليها بكل حمولته وتأثيراته، أو الإعراض عنه واعتزاله إلى حد القطيعة، لكن الفصول المثيرة لهذه التجربة تدخل منعطفا حاسما عندما تحاول الذات الفردية الوقوف على أرضية توفيقية، تجمع بين انفتاح سليم على العالم الغربي المغاير، ومحافظة واعية ودقيقة على الشخصية الإسلامية.
    ثم إن الفرد المسلم الذي يخوض هذا النمط من التجارب، الذي يتصل أساسا بمسالة الهوية والانتماء، حامل للتناقض والاختلاف الماثل في العالم الخارجي بين القيم والمبادئ العربية الإسلامية والموروثات الغربية، إذ أن الإنسان يعيش صراعا ذاتيا من أجل تحقيق سلام داخلي، ثم الخروج من عمق التجربة بتجاوز تلك الازدواجية العاصفة بوحدة الكيان البشري، خاصة وأن التأزم الفردي يبلغ ذروته القصوى نتيجة استسلام الذات لممارسات فعلية شاذة، يتم تبعا لها، بوعي أم بغير وعي، إخضاع ما هو أصيل في الهوية والشخصية العربية الإسلامية لمعايير دخيلة وغريبة.
    إن التأثير الذي تمارسه البيئة المعقدة على الذات الإنسانية، ليس هو نفس التأثير الذي تمارسه البيئة البسيطة، باعتبار أن احتكاك الإنسان بنمط بيئي معين يؤدي إلى إنتاج قناعات، ومواقف، ورؤى معينة، تتحكم فيها جميعا الخاصية التي يتسم بها الوسط الجغرافي، الذي يعمل بكيفية مباشرة على تكوين الشخصية وبنائها من الداخل، حتى إن الذات تكاد تطمئن إلى البيئة الريفية البسيطة، وهي راغبة في آن واحد عن البيئة الحضرية المعقدة، لاعتقادها بأن ثمة علاقة انسجام وتناسب بين بساطة البيئة الريفية والإسلام، بخلاف ما بين تعقيدات البيئة الحضرية والإسلام من تنافر.
    فهل من الممكن أن تكون البيئة الريفية عاملا مساعدا على الاقتراب أكثر من العقيدة الإسلامية؟ في حين تكون البيئة الحضرية عاملا معاكسا ، يحول دون البقاء قريبا من الإسلام؟
    لا شك أن الإنسان عندما ينتقل إلى البيئة الريفية، فيعمد إلى مقارنتها وتقويم تأثيرها مع البيئة المدنية، فإنه يجد في هدوء الأولى وصفائها راحة للعقل والروح، ويستمد من بساطتها وجاذبيتها توازنا واستقرارا في الرؤية إلى ذاته وإلى الجماعة الإنسانية، وإلى العالم ثم يستوحي من فضائها ومعالمها الجغرافية ما يكفي لتذكيره بحقيقته وقدره، ومدى قوته وعجزه، وأما البيئة الحضرية فتفتقر إلى حيوية، وتلقائية، وبساطة البيئة الريفية، إذ ليس لها نفس العمق، والإيحاء، والتوازن، وهي خصائص تتناقض مع ما تنطوي عليه البيئة المدنية من اضطراب، وزيف، وتعقيدات تدفع بروح الإنسان إلى النفور، وتكدر نفسه وتعبث بها.
    إن لجملة الأمور والوقائع والملاحظات الدقيقة والمركزة، التي يصادفها الإنسان في مسيرته الحياتية، بالغ الأثر في تطوير و صقل شخصيته، ومن العوامل المساعدة كثيرا على التحول النفسي والفكري، تلك المعاينة والمعايشة المزدوجة لبيئتين متناقضتين، يؤدي فيها مبدأ المقارنة دورا كبيرا، ويكفي أن يكون هذا المبدأ قائما بين بيئة عربية إسلامية وبيئة أجنبية حتى تستشعر الذات وتدرك بجلاء درجة التباين الكبيرة بين الوسطين الاجتماعيين، بناء على معطيات محددة، يتصدر قائمتها كل من الجهل المتفشي في الوسط العربي الإسلامي، والعلم المتنامي والمتطور في الوسط الاجتماعي الأجنبي.
    هذا لا يعني أن تحول الأنا العربية المسلمة، على مستوى الوعي والإدراك الإنساني والحضاري، رهين بمبدأ المقارنة في حد ذاتها، بين نمطين من البيئة أو ضربين من الوسط الاجتماعي؛ بل إن التحول والتغيير على مستوى الوعي بالنسبة للذات العربية المسلمة موقوف على مدى استفادة هذه الذات من مؤهلاتها وقدراتها الذاتية والموضوعية، من خلال توظيفها المناسب في سبيل الارتقاء.
    إن تحقيق أي تحول على هذا المستوى من الأهمية ، هو غاية رهينة بمدى قوة الرغبة الفردية والجماعية في تجاوز أسباب وعلل الجمود الحضاري، ثم على درجة الاستعداد لترميم وبناء مقومات الشخصية العربية الإسلامية؛ هذه الشخصية التي تمتلك بفضل الإسلام قوة تغيير وتجديد هائلة، نابعة من جوهر الإنسان المسلم وغير مكتسبة من خارج ذاته، ولكن قوة التغيير تزداد عندما يتم توجيهها وتسخيرها باعتبار مختلف التجارب الإنسانية، فردية كانت أم جماعية، لتغدو في النهاية قوة فاعلة ومحركة.
    د.أبو شامة المغربي

    لكل اخ واخت استفاد من اي موضوع او ملف لا تقل شكرا انما قل
    ( اللهم اغفر لكاتبته واغفر لوالديها واهدها واجبرها وفرج همها وارزقها الجنة بغير حساب)

  2. #17
    ~ [ عضو مؤسس ] ~


    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,395
    لقد اكتشف علماء الوراثة جوانب بسيطة من تأثير العوامل البيئية على النطفة، حيث تتكون صفات لم تكن في ميراث الآباء والأمهات، أما الكثير فبقي طي الكتمان، وظلت أسراره غير مكتشفة بسبب ارتكاز العلم الحديث في دراسته على النتائج والظواهر والاعتماد في الدراسات على دراسة أسرار الظواهر المرضية أو الخلقية بعد حصولها ونشوئها، ولما لم يكن الإنسان خالقا لنفسه فهو عاجز عن معرفة أسرار الخلقة وخفايا المداخلات التي تطرأ عليها.


    فصانع جهاز الكومبيوتر هو الأعرف من غيره من البشر بأسرار الصنعة وتشغيلها، ومعرفة مداخلات الخلل الذي يطرأ عليها، كذلك الأمر بالنسبة إلى طبيعة خلقة الإنسان ونشأته وبناء صنعته فإن خالقه هو الأعرف دون غيره بها وبما يستلزم لها وما ينتج منها وما تتأثر بها وتؤثر فيها مما يحيط بها في البيئة.


    وبهذا فإن رجال العلم الحديث بمختلف اختصاصاتهم الطبية والوراثية ولواحق هذه العلوم لم يتمكنوا من الإحاطة بكل ما يتداخل في تركيب خلق الإنسان وما يؤثر في صفاته، سواء كانت الجسمية أو العقلية، وحتى الأعراض المرضية،سوى أنهم توصلوا عبر أدوات البحث المتاحة لديهم إلى أن للبيئة آثارا على مستقبل النطفة وتطورها، فتؤثر في الصفات المودعة فيها فتعبث فيها وتغير من صفات الطفل الذي سيتكون منها، ومن تلك الآثار هي :



    أولا : تأثير العوامل المشعة


    ولأن النطفة عادة ما تتكون من مركبات وعناصر كيمياوية في داخل الخلية الحيّة، فمن الطبيعي أن يكون للعوامل المشعة تأثير على النطفة خصوصا في فترة نقل الصفات الوراثية عبر سلالة التاريخ الوراثية التي تنطوي عليها والمخزونة فيها على شكل مستودعات حيوية داخل الجينات الوراثية. علما أن المستودعات التي تخزن المعلومات الوراثية، هي الأخرى مركبات كيمياوية معقدة وتسمى (نيوكليوتايدات) حسب اصطلاح علم الوراثة، ومفردها ( نيوكليوتايد) .
    ومن طبيعة العوامل المشعة أن تتسلل إلى تلك الجزيئات الكيمياوية فتحدث تأثيرا على تركيبها كعادة المداخلات الإشعاعية مع المركبات الكيمياوية الأخرى. وبالنتيجة فإن تأثرا يحصل في التركيب الجزيئي الكيمياوي للـ ( Dna ) الأمر الذي يحدث اضطرابات في عملية نقل الصفات البدنية والنفسية، والـ ( Dna ) هو: عبارة عن جزيئات في داخل الخلايا التي تنقل المعلومات الوراثية وتنقلها من جيل إلى آخر.
    فعلم الوراثة يقول أن هناك تشوهات تأتي (نتيجة تعرض الفرد لعوامل البيئة، مثل التأين الإشعاعي سواء أ كان طبيعيا أم اصطناعيا)، وأخطر مرض تسببه الإشعاعات هو سرطان الدم المعروف بإسم (لوكيميا) وخاصة في الأطفال، وقد يصاب الأب في خلاياه الجنسية وينقلها إلى أطفاله.


    ومن هذا الكلام نفهم ما يلي:


    أولا : تأثير الإشعاعات على النطفة يؤثر على الخلايا الناقلة للمعلومات الوراثية فيها.

    ثانيا : تأثير الإشعاعات الصناعية في المراكز الصحية أو الطبيعية مثل الشمس حينما تكون الأرض بزاوية معينة مع الشمس وتعكس أشعة ضارة، أو عند حدوث كسوف يعكس على الأرض إشعاعات ضارة أو أية تفاعلات كونية غير طبيعية تسبب نوعا من الإشعاعات الضارة، فإنها تترك تأثيراً على النطفة وبالذات الخلايا الجنسية لكل من الأبوين، فتؤثر على نقل الصفات والمعلومات الوراثية للأبناء.


    ثالثا : يقول علماء علم الوراثة: ( إن أخطر مرض تسببه الإشعاعات هو اللوكيميا ) وهو مرض فتاك يؤدي إلى الموت، وإلا فإن أمراضا أخرى تحصل عند التعرض للإشعاعات دون الموت، كأمراض التشوهات الجسمية أو الذهنية.




    وكما عرفنا أن المعلومات الوراثية مخزونة في النطفة وبالذات في الشريط الناقل لها والمعروف بالـ(dna) والذي يتكون على شكل مخازن مكونة من عناصر كيمياوية، الأمر الذي يؤكد تأثرها بشكل طبيعي بالإشعاع، فتتأثر حينها عملية نقل الصفات الوراثية، مما يؤدي إلى إنتاج صفات مشوهة تبعا لذلك .




    ثانيا : : تأثير العوامل الكيمياوية



    عادة ما تكون العوامل الكيمياوية ذات تأثير بالغ في إحداث خلل في العوامل الناقلة للصفات الوراثية ( الجينات ) وذلك بتداخل تلك المواد الكيمياوية مع التركيبة الكيمياوية للجينات الوراثية في الكروموسومات، والتي يشكل الـ( Dna ) التركيب الجزيئي الكيمياوي للكروموسوم .


    فالكيمياويات التي تتعرض لها الأم مثلا في فترة الحمل وتحديداً الفترة التي يمر فيها الجنين بمرحلة التكوين فتتعرض خلاياه إلى مجموعة من التفاعلات الكيمياوية الحيوية، تؤثر على طبيعة نقل الصفات التكوينية البدنية والنفسية للطفل، سواء كانت تلك المواد الكيمياوية آتية عن طريق الغذاء كالأدوية أو المواد السامة، أو التعرض الخارجي للمواد الكيمياوية عبر التنفس أو اللمس، لذلك ترى الأطباء عادة ما يحذرون الأم الحامل من تناول الأدوية الكيمياوية في فترة الحمل لكونها الفترة التي يمر فيها الجنين بمرحلة إفصاح الجين حيث يعبّر الجين وهو ( العامل الوراثي ) فيها عما يحمله من صفات ليترجمها على شكل ظاهري ووجود بدني، في عملية تسمى بالاستنساخ.



    وهذه العوامل الكيمياوية هي أكثر أهمية وخطورة من الإشعاعات لوجودها بكثرة في البيئة ولتعرض الفرد لها طيلة حياته، فهي منتشرة في المواد الزراعية والصناعية والأدوية التي تستعمل كل يوم.
    ولما كان الطب يحذر الأم الحامل من التعرض للمواد الكيمياوية، لكون فترة الحمل هي فترة تفاعلات كيمياوية لتكوين الجنين في رحم أمه كذلك فهو من غير المستبعد، بل من المؤكد أن يؤثر ذلك التعرض على الأب والأم قبل فترة الحمل، خصوصا إذا تعرضت الخلايا الجنسية لكل من الأبوين للعوامل الكيمياوية، الأمر الذي يؤدي إلى إحداث تشوهات في الجينات والعوامل الوراثية .


    ثالثا : : تأثير العوامل الخارجية


    هذه العوامل تشمل جميع المؤثرات باستثناء العوامل الكيمياوية، ولربما الإشعاعية منها والحرارية وكذلك عملية الإخصاب وكيفيتها فهي تؤدي إلى التأثير على بعض الأجزاء المسؤولة عن نقل المعلومات الوراثية في الـ (جين) أو جزء منه أثناء عملية الإخصاب، فقد تؤثر في إحداث اختلالات بدنية أو نفسية على الجنين، وهذا عادة ما تغفل عنه الكثير من البحوث، والثابت في تعاليم الإسلام وبالذات في نواهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما يشير إلى هذا العامل حيث قد نهى مثلا عن مقاربة الزوج زوجته حال القيام، فإن قضى بينهما ولد فلا يأمن أن يكون بوالا، ومثل هذه الأحاديث كثيرة تستدعي من علماء الوراثة البحث فيها لاختصار الوقت والجهد من اجل الوصول إلى المزيد من اكتشاف ما يخدم البشرية في تلافي ما هو ضار والحث على ما هو نافع من العوامل المؤثرة في عملية نقل الصفات الصالحة وتلافي المذمومة منها.




    تأثير البيئة والسلوك على مسيرة تكوين الطفل

    ولعل طريقة المقاربة التي تحدث خللا في التكوين الوظيفي للجهاز البولي للطفل، تأتي من اضطراب يحصل أثناء تلقيح الخلية الذي يجري عبر عمليات كيمياوية حيوية كثيرة معقدة بسبب الاضطراب النفسي أو بعض الممارسات، فعامل السلوك الفردي ونوعية التصرف يؤثران على عملية إفصاح (الجين) عن معلوماته التي يحملها أثناء عملية استنساخ إنسان جديد من مجموع صفات الآباء.
    وخلاصة القول فأن هناك عوامل متعددة تدخل مؤثرة على الجينات مما تحدث اضطرابات في التكوين البدني أو النفسي للطفل الوليد، ومن تلك العوامل ما تحمله البيئة وما يصدر من تصرفات الانسان و أيضاً عوامل مشعة، وكثير منها مازال يكتنفها الغموض وقد أفصحت عنها الأحاديث الشريفة.
    من هنا وجب الالتفات إلى التعاليم الإسلامية والتوجيهات النبوية التي تؤكد على كل من الأب والأم بضرورة الاهتمام بالضوابط الدينية التي تحث على رعاية الآباء أبناءهم قبل الزواج وقبل المقاربة وحين المباشرة ، وكل ذلك من اجل الوصول إلى افضل الصفات الطيبة لغرض انتخابها في الوليد الجديد وكذلك تلافي استنساخ الصفات السيئة في الوليد القادم إلى هذه الدنيا.

    لكل اخ واخت استفاد من اي موضوع او ملف لا تقل شكرا انما قل
    ( اللهم اغفر لكاتبته واغفر لوالديها واهدها واجبرها وفرج همها وارزقها الجنة بغير حساب)

  3. #18
    ~ [ عضو مؤسس ] ~


    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,395
    هناك علاقه وثيقه بين الوراثه والبيئه بتكوين الفرد وسلوكه

    يملى بعض علماء النفس الى أن الطبيعة الإنسانية اجتماعية أساسا ولكن هذا لا يمتع أن تكون العوامل البيولوجية لها أثرها فى الشخصية ، وتتضمن المحددات البيولوجية ثلاثة عناصر

    الوراثة 2- الجهزة العضوية 3- التكوين الغددى

    الوراثة

    أ****- يخضع الإنسان – مثل سائر الكائنات الحية – القوانين الوارثية التى كانت سرا مجهولا الى أن كشف عنها جر يجوز مندل فى سنة 1866 وأقرها العلماء فى سنة 1900

    ب****- وقد اختلف آراء العلماء فى أثر الوراثة فى شخصية الإنسان فهناك

    أنصار الوراثة : وهؤلاء يعطون للوراثه دورا أساسيا فى تحديد شخصية الفرد وسلوكه فيقولون : " أن الوراثة وليست البيئة هى الصانع الرئيسى للإنسان "

    أنصار البيئة : ومن هؤلاء يؤمنون أن البيئة هى التى تلعب الدور الاهم فى تحديد شخصية الفرد وسلوكه ، ولهذا يقول واطسون فى عبارة مشهورة له ، أعطو فى مجموعة من الأطفال الأصحاء وأنا كفيل أنا أخرج منهم الطبيب والفنان والتاجر ورئيس العمل بل واللص بصرف النظر عن استعداداتهم وميولهم وقدراتهم الوراثية "

    أنصار الوراثة والبيئة : وهؤلاء يمثلون غالبية علماء النفس اليوم الذين يقولون أن الوراثة والبيئة معا يؤثران فى تحديد شخصية الفرد وسلوكه ، ومن الخطأ ان نرجع التاثير الى عامل دون الآخر ، ولذلك فالشخصية هى محصلة العوامل الوراثية والبيئة معا

    ت****- طرق دراسة الوراثة : تعددت الأساليب التى استخدمت فى دراسة العوامل الوراثية

    شجرة العائلة : كانت الدراسات التى تقوم على ملاحظة شجرة العائلة قديما تعتمد على دراسة أكبر عدد من الأقارب ولكن اليوم تركز الدراسة على أعداد قليلة من أفراد الأسرة واخضاعهم لملاحظة الدقيقة يمكن الوصول الى معلومات مفيده

    التوائم : من دراسة التوائم المتعديين والعاديين ، والأخوة غير التوائيم وجد العلماء أن التشابة فى الصفات العقلية والجسمية والخارجية المورثة أقوى ما يكون فى التوئم المتحدين عن التوائم العاديين أو الأخوة غير التوائم

    وراثة بعض السمات العادية : حين درس الباحثون بعض السمات العادية للافراد مثل الذكاء والمهارات والقدرات الخاصة وبعدوا أن أقوى درجة تشابة فى هذه السمات يكون أولا فى التوائم المتحدين ، ثم ياتى بعدهم التوائم العاديون المتشابهون فى الجنس ، ثم غير المتشابهين وأخيرا الآخوة غير التوائم ووجد أيضا أن القدرات الخاصة مثل القدرة الموسيقية تظهر أحيانا فى أجيال متعددة فى الأسرة الواحدة



    التوائم المتحدون هم الناتجون عن تلقيح بويضه واحدة ، بينما التوائم العاديون – سواء المتشابهون أو غير المتشابهون فى الجنس – ناتجون عن تلقيح بويضتين

    من أبحاث إحصائية تتم بها العالم الأمريكى ساقدى فورد وجد أن = درجة التشابة فى الذكاء فى التوئم 0.50 وأبناء العم والخال 0.27 وأطفال لا قرابة بينهم درجة التشابة فى ذكائهم صفر

    وراثة الانحراف الاجتماعى عند بعض الأسر

    درس بعض العلماء أسرة عرفت باسم " أسرة الكاليكاك " نسبة الى الجد الاكبر " مارتن كاليكاك " بعض مظاهر الانحراف الاجتماعى والضعف العقلى المتوارثة فى افرادها ، فقد حدث أن تزوج مارتن فتاه ضعيفة العقل أنجب منها طفلا ضعيف العقل أيضا ، ثم تزوج بعد ذلك فتاه عادية أنجب منها طفلا عاديا ، وتتبع العلماء سلالة كل فرع من هذين الفرعين لمدة تفرب من 200 عاما فوجدوا أن سلالة الفرع الضعيف العقل والمجرمين : بينما وجدوا أن سلالة الفرع الأخر لم يكن به من الشواذ إلا عدد قليل جدا والباقى كانوا من قادة المجتمع ورؤسائه ، ولكن رغم ذلك ينبغى أخذ هذة النتائج بالحذر فربما أن بيئة الفرع الضعيف العقل كانت بيئة متخلفة اقتصاديا واجتماعيا ويسودها الإجرام ، بينما أتيحت للفرع الآخر بيئة متقدمة

    الأجهزة العضوية

    وجد علماء النفس الفسيولوجى أن هناك صلة وثيقة بين الاستجابات الانفعالية للفرد من حيث قوتها أو ضعفها وبين نشاط الجهاز العصبى وأمكن وضع ثلاثة أنماط للافراد من حيث استجاباتهم الانفعالية

    أ****- المندفع : استشارة الدوافع عنده قوية وقدرته على التحكم فى سلوكه ضعيفة

    ب****- المتباعة : استثارة الدوافع عنده ضعيفة وقدرتة على التحكم فى سلوكه قوية

    ت****- المتزن : استشارة الدوافع عنده قوية وقدرته على التحكم فى سلوكة قوية أيضا

    التكوين الغددى

    ( أ) أمكن دراسة العلاقة بين وظيفة الغدد وما تفرزة من هرمونات وبين الشخصية عن طريق وسائل متحددة مثل

    ملاحظات كلينيسكية أجريت على أشخاص يعانون من نقص فى أفرازاتغددهم

    دراسات أجريت على أشخاص أزيلت بعض غددهم لأسباب مرضية

    دراسات تجريبية أجريت على أشخاص حقنوا بهرمونات بعض الغدد وملاحظة ماطرأ عليهم من تغيرات

    ( ب ) ومن دراسات أجريت على الغدة الدرقية أمكن الوصول إلى النتائج الآتية :

    تقص الافراز : الأشخاص الذين يعانون من نقص افراز هذه الغدة كانوا أكثر ميلأ الى الخمول والبلادة والغباء ويسودهم طابع الشك والاكتئاب

    زيادة الافراز : الأشخاص الذين يعانون من زيادة افراز هذه الغدة كانوا أكثر ميلا الى التوتر العصبى والقلق وقوة الاستثارة الانفعالية بحيث لا يكاد يستقر لهم قرار

    لكل اخ واخت استفاد من اي موضوع او ملف لا تقل شكرا انما قل
    ( اللهم اغفر لكاتبته واغفر لوالديها واهدها واجبرها وفرج همها وارزقها الجنة بغير حساب)

  4. #19
    ~ [ عضو مؤسس ] ~


    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,395
    أثر كل من الوراثة والبيئة في بناء الشخصية الإنسانية

    بقلم نادر الملاح





    قبل الخوض في غمار الموضوع، لا بد لنا أولاً من معرفة المقصود بكل من الوراثة والبيئة، وما هو تأثير كل منهما في عملية النمو.

    أولاً: ما هي الوراثة؟

    الوراثة عبارة عن انتقال الصفات عبر الأجيال متمثلة في الصفات الجسمية والوظيفية والعقلية، وفي الوقت نفسه تنقسم هذه الصفات إلى صفات سائدة تظهر في الجيل الأول أو كامنة تظهر في الأجيال التالية.

    وتتم الوراثة منذ اللحظة الأولى لحدوث الاتحاد بين نواة الحيوان المنوي للذكر ونواة بويضة الأنثى، والذي يكون ناتجة خليّة ملقحة ذات نواة واحدة تعرف بالزيجوت.

    الــــــــوراثـــة:

    نواة الحيوان المنوي + نواة البويضة = الزيجوت (البويضة الملقحة)


    وخلاصة القول، أن الوراثة تعني الخواص العضوية للتشريح التركيبي.

    ثانياً: ما هي البيئة؟؟

    أما البيئة فيقصد بها مجموعة العوامل الخارجية، أي تلك العوامل التي تؤثر خارج وحدات الوراثة، والتي يمكن أن تؤثر في نمو الفرد ونشاطه منذ تكوينه وحتى اللحظات الأخيرة من حياته.

    والبيئة إما أن تكون مادية طبيعية أو بيولوجية أو اجتماعية(). وتؤثر مجموعة العوامل هذه في الفرد من حيث تكوين شخصيته وأنماط سلوكه والأساليب التي يلجأ إليها في معالجة شتى المواقف الحياتية تأثيراً مباشراً.



    أثر كل من الوراثة والبيئة في النمو:

    مما سبق نجد أن لكل من الوراثة والبيئة دوراً هاماً في النمو وتكوين الشخصية، إلا أن هذا الدور ليس متماثلاً أو متساوياً بينهما، فبعض الآراء ترى أن دور الوراثة أكبر في حين ترى طائفة أخرى التقليل من دور الوراثة لتبرز البيئة كعامل أكثر أهمية في عملية النمو.

    ونتيجة لاختلاف الآراء برزت عدة اتجاهات ومذاهب متباينة تبين دور كل من الوراثة والبيئة في بناء الشخصية ومسيرة النمو، نذكر من هذه الاتجاهات:

    أولاً: الاتجاه المؤكد على دور الوراثة:

    يؤكد أنصار هذا الاتجاه على أن كل ما لدى الطفل وما سيكون لديه في المستقبل إنما يرجع بصورة مطلقة الى الوراثة، فعلى سبيل المثال لا الحصر يولد العباقرة وهم مزودون بالاستعداد للعبقرية، كما يولد المجرمون وهم مزودون بنزعة الإجرام، حيث أن نوع الموروثات التي تحملها الكرومزومات ـ الجينات أو الخلايا التي تحمل الصفات الوراثية ـ من كل من الأب والأم وصدفة حدوث التلاقي ونوع العلاقة بينها تمثل المحددات لأي صنف من الناس سوف ينتمي هذا الطفل (فلسفي: 1982).

    ومن أهم الأبحاث في هذا المجال تلك الدراسة التي أجريت لتتبع بعض العائلات من مختلف المستويات لمعرفة اطراد وراثة الصفات العقلية والتي كان من بينها دراسة أجريت لعائلة (دارون) المشهورة في إنجلترا، والتي كانت نتيجتها كالتالي: وصل (15) شخصاً من العائلة إلى عضوية الجمعية الملكية بإنجلترا، ووصل عدد كبير منها إلى مكانة اجتماعية مرموقة. كذلك دراسة أخرى أجريت لاستقصاء عائلتين لجندي أمريكي يدعى (كالياك) اشترك في الحرب الأهلية الأمريكية وعاشر فتاة بلهاء أثناء الحرب فبلغ نسله منها (2100) شخص، كانت نتيجتها: (278) منهم نساء اقترفن الدعارة، و(181) أدمنوا المخدرات، و(170) احترفوا التسول، و(129) تشردوا، (118) وصموا بالإجرام، وأن أكثر من النصف كان مصاباً بضعف العقل، وأن كثيرا منهم ماتوا بالانتحار أو محكوماً عليهم بالإعدام أو قضوا في السجون. في حين كان نسله من فتاة أخرى من أسرة عادية تزوجها بعد الحرب مختلفاً تماماً حيث كان معظمهم من الشخصيات السوية التي وصل بعضها إلى مراكز اجتماعية ممتازة.

    ويرى علماء النفس المثاليون ـ أنصار الاتجاه البيولوجي ـ أن النمو النفسي هو عملية صقل للاستعدادات الموروثة. ووفقاً لهذا الاتجاه تكون حياة الإنسان محددة ومرسومة بصورة مسبقة.

    ثانياً: الاتجاه المؤكد على دور البيئة والاكتساب:

    وعلى صعيد آخر ترى نظرية تطور المادة الديكالتية عدم رفض الوراثة، وإنما ترفض المبالغة في تقييمها.

    فالخواص النفسية للشخصية تكتسب في بادئ الأمر وراثياً ثم تتحور وتتشكل عن طريق ممارسة الأنشطة والخبرات. وذلك يعني أن الوراثة تقدم إمكانيات متعددة لنمو القدرات، وفي الوقت نفسه تمثل الوراثة شرطاً ضرورياً للنمو إذ أنها تحدد اتجاهه ومحتواه بصورة مقدمة. فالنمو يرتبط بالنشاط التربوي الموجَّه ارتباطاً وثيقاً.

    وهنا يتدخل أنصار مذهب الاكتساب البيئي باعتقادهم أن القليل من الأشياء هو الممكن وراثته، أي أن ما يسمى بالموروثات التي يتلقاها الطفل عن أبويه ليست ذات أهمية كبيرة في نمو الفرد وتقدمه، وإنما الأهمية الكبرى تُعطى للتدريب والتعليم الذي يتلقاه الطفل.

    ومن أنصار هذا المذهب (واطسون) الذي أنكر وأصر على إنكاره بشدة فكرة المواهب الفطرية حيث كان يقول "أعطوني اثني عشر طفلاً أصحاء أتعهد بتنشئتهم، وأنا كفيل بأن آخذ أياً منهم بالصدفة وأدربه على أن يصبح أي نوع من التخصص أريده له، طبيباً، أو محامياً، أو فناناً، أو شيخاً للتجار، أو حتى متسولاً أو لصاً بصرف النظر عن مواهبه وقدراته وميوله واستعداداته وجنس آبائه وأجداده".

    ومما لا شك فيه أن للبيئة أثراً هاماً في شخصية كل فرد من أفراد المجتمع ونموه، فمن الملاحظ أن البيئة بما فيها من تأثيرات سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو طبيعية تطبِّع الشخصية بطابع متميز.

    وخلاصة القول أن العوامل البيئية من الممكن أن تطغى على العوامل الوراثية بل وتخفي أثرها بصورة كلية. فالمجتمع هو الذي ينقل الفرد الإنساني إلى الوسط الاجتماعي الحضاري ويحيطه بالرعاية والتعليم لكي يتخذ اتجاهه الإنساني، حيث التأثير الإيجابي للبيئة يمثل شرطاً للنمو النفسي للفرد. وفي نفس الوقت تحدد البيئة نمو الفرد لكونها شرطاً من شروط النمو.



    ثالثاً: الاتجاه التوفيقي (الوراثة والاكتساب):

    والرأي الراجح في الوقت الحاضر هو هجر كلا المذهبين المتطرفين، والجمع بين أثر كل من الوراثة والبيئة، والطبع والتّطبّع على خلاف في القدر النسبي من الأهمية التي يختص بها كل منهما، بدلاً من محاولة استبعاد أحدهما وإبقاء الآخر.

    وقد أفاد هذا الاتجاه في بحث أثر كل من الوراثة والاكتساب في تقدم كل ناحية من نواحي النمو، أي أنه من خلال هذين العاملين أمكن بحث الأثر المشترك في نمو صفة جزئية من صفات الجسم أو سمة من سمات الشخصية.

    وكنتيجة لهذه العملية التوفيقية أجبر المتشدد البيئي على عدم إنكار دور الوراثة، وفي الوقت نفسه أجبر المتشبث بالوراثة كعامل من أهم العوامل في تحديد وتوقيت معالم النمو وتفاصيله على عدم إنكار دور البيئة في ذلك.

    مما سبق نستطيع القول بأنه لا بد أن تتوافر وتتكامل للفرد ثلاثة عناصر رئيسة حتى يتمكن من القيام بالدور الاجتماعي المطلوب، هذه العناصر هي:

    الأصل: الوراثة، الوسط: البيئة، التربية: التعليم. وإن لم تتوفر هذه العناصر متكاملة، فإن كل ما يتواجد لديه من عناصر صالحة وخصبة للنمو السوي ستكون مجرد إمكانيات لا تجد سبيلها نحو التحقيق. لقد صاغ العالم (دبزهانسكي) معادلته المبينة لأثر التفاعل بين العاملين الحيويين الوراثة والبيئة في تكوين فاعليات الكائن، وذلك على النحو التالي:

    الوراثة × البيئة = الكائن


    من العلاقة السابقة أمكن استنتاج أن النضج لازم للمران وبلوغ الاستعدادات والملكات، ولا بد له من أن يسبق التعليم والتدريب، والتربية تمثل العملية المواجهة لنمو الملكات والأعضاء والقوى بما يلزمها من رياضة وظيفية وتمرين. ويقصد بالوراثة هنا مجموعة الخصائص الوراثية للفرد وأن الكائن الحي هو حاصل النمو الكلي الشامل لكافة التراكيب والوظائف الداخلية للكائن الحي فهو في حالة تغير دائم. وليست الوراثة وحدها أو البيئة وحدها هي المحدد لهذا التغيير المستمر ومدى حدوثه وإنما هو حاصل تفاعلها معاً.

    إن عمل البيئة يمثل التهيئة لنمو الاستعدادات الموروثة وليس إعطاء الفرد شيئاً لم يولد حاملاً له أدنى استعداد بحكم تركيبه الوراثي، وهذا ما لا ينتظر أن يكون، فالعوامل الوراثية تحدد الخطوط الرئيسة للشخصية الفردية، والبيئة تبسط هذه الخطوط وتنميها.

    وخلاصة القول، أن الوراثة والبيئة عاملان متفاعلان في تكوين شخصية الفرد، وأنه لا يصح ولا يجوز الفصل بينهما إذ أنهما يعملان بصورة تكميلية في تكوين الشخصية حيث ترسم الوراثة حدود هذه الشخصية وتشكل البيئة الصورة النهائية لها، وقد تضعف البيئة الاجتماعية من تأثير الوراثة أو تأخر ظهور بعض السمات حتى تسنح الفرصة المناسبة. وهذا الاتجاه من شأنه أن يتيح الإمكانية للتربية حيث يبين للمربين الحدود التي يستطيعون العمل فيها لخلق شخصيات متكاملة. أما القول بالبيئة وحدها فإنه يجعل عمل المربي عبئاً لأنه يتجاهل الأصول الثابتة للشخصية الفردية، وكذلك القول بالوراثة وحدها إذ يقضي بصورة نهائية على إمكانية الإصلاح، ويلغي دور المربي.

    لكل اخ واخت استفاد من اي موضوع او ملف لا تقل شكرا انما قل
    ( اللهم اغفر لكاتبته واغفر لوالديها واهدها واجبرها وفرج همها وارزقها الجنة بغير حساب)

  5. #20
    ~ [ عضو مؤسس ] ~


    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,395
    عرف علماء النفس عملية التنشئة الاجتماعية على انها عملية تعلم وتعليم وتربية وتقوم على التفاعل الاجتماعي، وتهدف الى اكتساب الفرد (طفلاً فمراهقاً فراشداً فشيخاً) سلوكاً ومعايير واتجاهات مناسبة لادوار اجتماعية معينة، تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجنماعي معها، وتكسبه الطابع الاجتماعي، وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية.




    وتبقى هي عملية تشكيل السلوك الاجتماعي للفرد، واستدخال ثقافة المجتمع في بناء الشخصية وتطبيع المادة الخام للطبيعة البشرية في النمط الاجتماعي والثقافة اي التشكيل الاجتماعي لخامة الشخصية.
    ((تحويل الكائن الحيوي (البيولوجي الى كائن اجتماعي))
    عملية التنشئة الاجتماعية هي التي تحول ذلك الكائن الذي نكث في رحم الام لينمو حيوياً الى قدر معلوم وخرج منه لا يعلم شيئاً ليتلقفه (رحم الجماعة) ينمو فيه اجتماعياً، وهي عملية اكتساب الانسان صفة الانسانية والانسان لايكتب هذه الصفة بفضل خصائصه التشريحية الحيوية (البيولوجية) وحدها ولكن بفضل عملية التنشئة الاجتماعية.
    اما الشخصية فتعرف بانها جملة السمات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تميز الشخص عن غيره.
    ((التنشئة الاجتماعية.. عملية تعلم اجتماعي))
    يتعلم الفرد ادواره الاجتماعية عن طريق التفاعل الاجتماعي ويكتسب المعايير الاجتماعية التي تحدد هذه الادوار ويكتسب الاتجاهات النفسية ويتعلم كيف يسلك بطريقة اجتماعية توافق عليها الجماعة ويرتضيها المجتمع لهذا يرادف عالم النفس الاجتماعي نيوكومب بيت مصطلح التنشئة الاجتماعية ومصطلح التعلم الاجتماعي، ويتحول خلالها الفرد من طفل يعتمد على غيره، متمركز حول ذاته لايهدف في حياته الا الى اشباع حاجاته الفسيولوجية الى فرد ناضج يدرك معنى المسؤولية الاجتماعية وكيف يتعلمها ويعرف معنى الفردية والاستقلال ويعتمد على ذاته لايخضع في سلوكه الى حاجاته الفسيولوجية ويستطيع ان يضبط انفعالاته ويتحكم في اشباع حاجاته بما يتفق والمعايير الاجتماعية ويدرك قيم المجتمع ويلتزم بها، ويستطيع ان ينشىء العلاقات الاجتماعية السليمة مع غيره وهي عملية مستمرة لاتقتصر على الطفولة ولكنها تستمر في المراهقة والرشد وحتى الشيخوخة.
    ((الوراثة والبيئة.. عاملان متصارعان))
    وعزا الدكتور رهيف ناصر العيساوي (استاذ العلوم النفسية والتربوية في كلية التربية/ ابن رشد) مساهمة الفرد في تكوين شخصيته وذلك كون الطفل يولد صفحة بيضاء وان التربية والبيئة تضع بصماتها عليه وتشكله بحسب الظروف المحيطـة به والمواقـف الحياتيـة التي يمـر بها خـلال فتـرة نمـوه في جميـع الاتجاهـات وخاصـة النمو العقلي والمعرفي والاجتماعي.
    وبين العيساوي ان الوراثة والبيئة (التربية) عاملان يتصارعان من اجل ترك بصماتهما على شخصية الانسان، لذلك فان التربية تكسب الانسان الكثير من العادات ونظام الحياة، وان اضطرابات الطفولة ومشكلاتها تتدخل في تكوين شخصية الانسان عند الكبر بحيث ان التربية الصارمة تؤدي الى اضطرابات نفسية وفقاً لقول سيغموند فرويد عالم النفس الشهير الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بارائه النفسية، والعرب تقول من شب على شيء شاب عليه، والتعليم في الصغر كالنقش على الحجر، ولكن هذا لايعني باننا نستطيع جعل اطفالنا رجالاً على شاكلتنا بل لكل عصر ولكل مدة زمنية متطلباتها وخير من وضح لنا هذا الجانب سيدنا امير المؤمنين علي بن ابي طالب (كرم الله وجـه) عندمـا قــال: (لا تطلبوا من ابنائكم ما طلب منكـم فانـهم خلقوا في زمان غير زمانكم).
    ((صفات ذاتية وصفات مكتسبة))
    وبينت الباحثة الاجتماعية (ايمان كاظم) ان الفرد له الدور الاكبر في تكوين شخصيته وصقلها وجعلها بالشكل الذي يبغيه لكون كل فرد لديه صفات ذاتية وصفات مكتسبة اضافة الى عوامل كثيرة تساهم في تكوين شخصية الفرد وتحيط به من اصداقاء والمحيط الاسري وكيفية تعامل الاسرة مع الفرد الجديد ويبدا تكوين الشخصية منذ الطفولة والتعامل بكل اهتمام مع الطفل ومع اسئلته التي تساهم بشكل مهم في تكوين الشخصية، كذلك مسالة تقبل الفرد لوضعه هل يرغب ان يكون شخصاً ثانوياً في الظل دائماً ام ان يكون شخصاً قيادياً في المقدمة دوماً، كذلك العوامل المكتسبة للفرد التي تأتي من خلال المحيط الذي هو فيه ونظرته الى الام والاب وكيفية التعامل معهما وتفاعله مع الشخصيتين لا الاهمال لاحدى الشخصيتين.

    ((عوامل غير اجتماعية.. تؤثر في نمو الشخصية))
    عملية التنشئة الاجتماعية تحدد معالم شخصية الفرد لذلك حدد علماء النفس والاجتماع مجموعة عوامل غير اجتماعية تؤثر في نمو الشخصية ومن اهمها:
    الوراثة
    تمثل الوراثة كل العوامل الداخلية التي كانت موجودة عند بداية الحياة اي عند الاخصاب وتعتبر الوراثة عاملاً هاماً يؤثر في النمو من حيث صفاته ومظاهره نوعه ومداه، زيادته ونقصانه، نضجه وقصوره. وتنتقل الوراثة الى الفرد من والديه واجداده وسلالته، وتتجدد هذه الخصائص الوراثية عن طريق الجينات.
    البيئة
    تمثل كل العوامل الخارجية التي تؤثر تاثيراً مباشراً او غير مباشر على الفرد منذ ولادته والبيئة تشمل العوامل المادية والاجتماعية والثقافية والحضارية ولها دور كبير وايجابي في تشكيل شخصية الفرد النامي وفي تعيين انماط سلوكه واساليبه في مجابهة مواقف الحياة.
    جهاز الغدد
    وهو ذو اهمية كبيرة في تنظيم وظائف الجسم وللغدد الصماء والقنوية تأثيرها الواضح في عملية النمو وترتبط وظيفة الفرد ارتباطاً وثيقاً بوظائف اجهزة الجسم المختلفة خاصة الجهاز العصبي والجهاز العصبي الذاتي لان التوازن في افرازات الغدد يجعل من الفرد شخصاً سليماً نشطاً ويؤثر تاثيراً حسناً على سلوكه بصفة عامة في حين اضطرابات الغدد تؤدي الى المرض النفسي وردود الفعل السلوكية المرضية.
    النضج
    ويتضمن عمليات النمو الطبيعي التلقائي التي يشترك فيها الافراد جميعاً والتي تتمخض عن تغيرات منتظمة في سلوك الفرد بغض النظر عن اي تدريب او خبرة سابقة.
    نوع وكمية الغذاء
    لان نمو الفرد يتأثر بنوع وكمية الغذاء لان الافراط في الغذاء او قلته له اثار صحية ونفسية ضارة.
    التعلم
    هو التغير في السلوك نتيجة الخبرة والممارسة ويلعب دوراً هاماً وتتضمن عملية التعلم النشاط العقلي الذي يمارس فيه الفرد نوعاً من الخبرة الجديدة.
    ((العوامل المؤثرة في عملية التنشئة الاجتماعية))
    توجد عدد من العوامل التي تؤثر في عملية التنشئة الاجتماعية للفرد ويجب النظر الى هذه العوامل نظرة تكاملية واهم هذه العوامل:
    الثقافة
    وهي مجموع ما يتعلم وينقل من نشاط حركي وعادات وتقاليد وقيم واتجاهات ومعتقدات تنظم العلاقات بين الافراد، وافكار وتكنولوجيا وما ينشا عنها من سلوك يشترك فيه افراد المجتمع.
    وتؤثر الثقافة في تشكيل شخصية الفرد والجماعة عن طريق المواقف الثقافية العديدة ومن خلال التفاعل الاجتماعي المستمر، وهكذا تحدد الثقافة السلوك الاجتماعي للفرد والجماعة عن طريق عملية التنشئة الاجتماعية.
    وحدد علماء النفس اسس تفاعل الفرد مع النمط الثقافي:
    ـ تطابق شخصية الفرد مع النمط الثقافي.
    ـ تشكيل الثقافة الشخصية للفرد.
    ـ اثابة الفرد اذا تطابق سلوكه مع الاوضاع الثقافية وعقابه اذا ابتعد عنها.
    ـ تعلم السلوك الذي يتوقع منه الاثابة والاشباع.
    ـ اضطراب الشخصية بالتغير الثقافي.
    ـ التعقيد الثقافي (كعبء نفسي على الشخصية).
    ـ اختلاف شخصية الفرد تبعاً لدوره الاجتماعي في اطار النمط الثقافي العام.
    ـ اعتماد التغيير الثقافي على تغير شخصية الفرد.
    والثقافة لاتؤثر في سلوك الفرد تاثيراً مباشراً وانما توكل عدداً من المؤسسات الاجتماعية والجماعات التي ينتمي اليها الفرد ويرتبط بها في الاسرة ودور العبادة وجماعات المنطقة او الحي والمجتمع بصفة عامة.
    الاسرة
    من اهم عوامل التنشئة الاجتماعية للطفل والاسرة هي الممثلة الاولى للثقافة واقوى الجماعات تاثيراً في سلوك الفرد، وللاسرة وظيفة اجتماعية بالغة الاهمية فهي المدرسة الاجتماعية الاولى للطفل والعامل الاول في صبغ سلوك الطفل بصبغة اجتماعية.
    والاسرة هي التي تقوم بعملية التنشئة الاجتماعية وتشرف على النمو الاجتماعي للطفل وتكوين شخصيته وتوجيه سلوكه وتتشابه الاسر او تختلف فيما بينها من حيث الاساليب السلوكية السائدة او المقبولة في ضوء مجموعة المعايير الاجتماعية والقيم المرتضاة حسب طبقتها الاجتماعية وبيئتها الجغرافية والثقافية.
    وتبقى الاسرة النموذج الامثل للجماعة الاولية التي يتفاعل الطفل مع اعضائها وجهاً لوجه ويتوحد مع اعضائها ويعتبر سلوكهم سلوكاً نموذجياً وللعلاقات الاسرية الاثر الاكبر في التنشئة الاجتماعية سواء علاقة الوالدين مع بعضهما وعلاقة الوالدين مع الابناء وكذلك علاقة الاخوة فيما بينهم، فالسعادة الزوجية تؤدي الى تماسك الاسرة مما يخلق جواً يساعد على نمو الطفل وتكوين شخصية متكاملة ومتزنة، والعلاقات السوية بين الوالدين تؤدي الى اشباع حاجة الطفل الى الامن النفسي والى توافقه الاجتماعي اما الخلافات الزوجية فتؤدي الى تفكك الاسرة مما يخلق جواً يؤدي الى نمو الطفل نمواً نفسياً غير سليم وتوتراً يشيع في جو الاسرة مما يؤدي الى انماط السلوك المضطرب لدى الطفل كالغيرة والانانية والخوف وعدم الاتزان الانفعالي والعلاقات المشبعة بالحب والتفاهم والقبول والثقة تساعد الطفل على ان ينمو بشكل سليم ويتقبل الاخرين ويثق بهم وكذلك العلاقات المنسجمة بين الاخوة والخالية من تفضيل طفل على اخر. ولاتنفرد الاسرة بعملية التنشئة الاجتماعية، فقد تكون بيئة الاسرة طيبة بينما المؤثرات الاخرى في جماعة الاصدقاء وبذلك تفسد ماتحاول الاسرة اصلاحه.
    المدرسة
    هي المؤسسة الاجتماعية الرسمية التي تقوم بوظيفة التربية ونقل الثقافة المتطورة وتوفير الظروف المناسبة للنمو جسمياً وعقلياً وانفعالياً واجتماعياً وتقديم الرعاية النفسية الى كل طفل ومساعدته في حل مشكلاته والانتقال به من طفل يعتمد على غيره الى راشد مستقل معتمداً على نفسه متوافقاً نفسياً واجتماعياً، ومراعاة قدرات الفرد في كل ما يتعلق بعملية التربية والتعليم.
    الاصدقاء
    تقوم جماعة الاصدقاء او الاقران بدور مهم في عملية التنشئة الاجتماعية وفي النمو الاجتماعي للفرد فهي تؤثر في معاييره الاجتماعية وتمكن له القيام بادوار اجتماعية متعددة لا تتيسر له خارجها، فهناك اقران واصدقاء يشتركون معاً في مرحلة نمو واحدة بمطالبها وحاجاتها ومظاهرها وينعم الفرد معها بالمساواة ويتوقف مدى تأثر الفرد بجماعة الاصدقاء على درجة ولائه لها ومدى تقبله لمعاييرها وقيمها واتجاهاتهم وعلى تماسك هذه الجماعة ونوع التفاعل القائم بين اعضائها، وابرز خصائص جماعة الاصدقاء ذات الاثر في عملية التنشئة الاجتماعية هو تقارب الادوار الاجتماعية، ووضوح المعايير السلوكية ووجود اتجاهات مشتركة وقيم عامة.
    وسائل الاعلام
    تؤثر وسائل الاعلام المختلفة من اذاعة وتلفزيون وفضائيات وسينما وصحف ومجلات وكتب واعلانات في عملية التنشئة الاجتماعية لما تقدمه من معلومات وحقائق واخبار ووقائع وافكار واراء لتحيط الناس علماً بموضوعات معينة من السلوك مع اتاحة فرصة الترفيه والترويح، واهم خاصية مؤثرة لوسائل الاعلام في عملية التنشئة الاجتماعية انها غير شخصية وتعكس جوانب متنوعة من الثقافة وان اثرها يزداد تعاظماً واهمية في المجتمع الحديث.
    دور العبادة
    لدور العبادة دور كبير في عملية التنشئة الاجتماعية لما تتميز به من خصائص فريدة اهمها احاطتها بهالة من الايمان وايجابية المعايير السلوكية التي تعلمها للافراد والاتفاق على تدعيمها وما احوجنا الان الى زيادة نشاط دور العبادة وقيامها بدورها الحيوي الرائد في عملية التنشئة الاجتماعية الدينية.
    وكان لنا لقاء مع اهل التجربة تحدثوا عن تجاربهم الشخصية وما العوامل التي اثرت في تكوين شخصيتهم

    لكل اخ واخت استفاد من اي موضوع او ملف لا تقل شكرا انما قل
    ( اللهم اغفر لكاتبته واغفر لوالديها واهدها واجبرها وفرج همها وارزقها الجنة بغير حساب)

  6. #21
    ~ [ عضو مؤسس ] ~


    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,395
    اتمنى ان يفيدك

    فقط دعووووووووووووواتك

    لكل اخ واخت استفاد من اي موضوع او ملف لا تقل شكرا انما قل
    ( اللهم اغفر لكاتبته واغفر لوالديها واهدها واجبرها وفرج همها وارزقها الجنة بغير حساب)

  7. #22
    مراقبة سابقة
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,647
    ماشاء الله ميسلوووووون

    الله يعطيك العافية ويجزاااااااااك بالخير ويجعله بميزان حسناتك

    لك وووووووووودي
    [IMG]http://www.********************************************/up/pifiles/qP149990.gif[/IMG]




  8. #23
    ~ [ نجم صاعد ] ~ الصورة الرمزية كوكب الشرق
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    35
    اختي الفاضلة / ميسلووون

    جزاااااااااااااااك الله خيراً
    يااااااارب كلما طرقت هذه الأمه بابك فأفتح لها كنوزك ..
    وسخر لها عبيدك ..
    وأبسط لها رحمتك ..
    اللهم اجعلها من الصائمات القائمات ..
    الركع السجود ..
    اللهم بارك لها في نفسها ومالها واهلها ..
    وبلغها ماتحب في يسر وسلامة وامان ..
    اللهم امييييييييييييييييييييييي ييييييييييين


    وقليله في حقك اختي الفاضلة
    وتقبلي خالص الاحترام

  9. #24
    ~ [ عضو مؤسس ] ~


    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,395
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الغصون مشاهدة المشاركة
    ماشاء الله ميسلوووووون

    الله يعطيك العافية ويجزاااااااااك بالخير ويجعله بميزان حسناتك

    لك وووووووووودي
    هلا وغلا
    هموستي
    الله يعافيك
    اسعدني مرورك
    لك ودي

    لكل اخ واخت استفاد من اي موضوع او ملف لا تقل شكرا انما قل
    ( اللهم اغفر لكاتبته واغفر لوالديها واهدها واجبرها وفرج همها وارزقها الجنة بغير حساب)

  10. #25
    ~ [ عضو مؤسس ] ~


    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,395
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوكب الشرق مشاهدة المشاركة
    اختي الفاضلة / ميسلووون

    جزاااااااااااااااك الله خيراً
    يااااااارب كلما طرقت هذه الأمه بابك فأفتح لها كنوزك ..
    وسخر لها عبيدك ..
    وأبسط لها رحمتك ..
    اللهم اجعلها من الصائمات القائمات ..
    الركع السجود ..
    اللهم بارك لها في نفسها ومالها واهلها ..
    وبلغها ماتحب في يسر وسلامة وامان ..
    اللهم امييييييييييييييييييييييي ييييييييييين


    وقليله في حقك اختي الفاضلة
    وتقبلي خالص الاحترام
    اللهم امين
    أسأل الله أن يستجيب دعائك
    وان يوفقك ويسعدك
    ويبارك فيك
    وبالتوفيق

    لكل اخ واخت استفاد من اي موضوع او ملف لا تقل شكرا انما قل
    ( اللهم اغفر لكاتبته واغفر لوالديها واهدها واجبرها وفرج همها وارزقها الجنة بغير حساب)

  11. #26

    مراقبة

    الصورة الرمزية لمياء الديوان
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الدولة
    العراق -
    المشاركات
    10,059


    الله يعطيك العافية وينور عليك ويزيدك من فضله
    أخي لن تنال العلم إلا بستـة
    سأنبيك عن تأويلها ببيـان
    ذكاء.. وحرص ... واجتهاد وبُلغة
    وصحبة أستاذ.... وطول زمان

  12. #27
    ~ [ عضو مؤسس ] ~


    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,395
    اللهم امين

    لمياء
    اهلابك
    اسعدني مرورك
    الكريم
    لك تقديري

    لكل اخ واخت استفاد من اي موضوع او ملف لا تقل شكرا انما قل
    ( اللهم اغفر لكاتبته واغفر لوالديها واهدها واجبرها وفرج همها وارزقها الجنة بغير حساب)

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •