أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


( من طلب من أصحابه شيئا سواء كان عينا أو منفعة جاز بغير كراهة إذا كان يعلم طيب خاطرهم )


قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه ( كِتَابُ الهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا ) :

بَابُ مَنِ اسْتَوْهَبَ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا»

2569 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ، وَكَانَ لَهَا غُلاَمٌ نَجَّارٌ، قَالَ لَهَا: «مُرِي عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ المِنْبَرِ»، فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا، فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا قَضَاهُ، أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ قَدْ قَضَاهُ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْسِلِي بِهِ إِلَيَّ»، فَجَاءُوا بِهِ، فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ .

2570 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلٍ، فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلٌ أَمَامَنَا وَالقَوْمُ مُحْرِمُونَ، وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، وَالتَفَتُّ، فَأَبْصَرْتُهُ فَقُمْتُ إِلَى الفَرَسِ، فَأَسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ، وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقَالُوا: لاَ وَاللَّهِ، لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَغَضِبْتُ، فَنَزَلْتُ، فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ العَضُدَ مَعِي، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟»، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ العَضُدَ، فَأَكَلَهَا حَتَّى نَفِدَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَحَدَّثَنِي بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

__________
[تعليق مصطفى البغا]
2431 (2/908) -[ ش (أخصف) أخرز وألزق. (يؤذنوني) يعلموني. (فأسرجته) شددت عليه سرجه والسرج ما يوضع على الدابة تحت الراكب. (فعقرته) جرحته حتى مات. (فوقعوا فيه) أخذوا من لحمه. (فرحنا) من الرواح وهو الذهاب آخر النهار. (خبأت العضد) أبقيتها. (نفدها) أتى عليها كلها ولم يبق منها شيئا]


والحديث الأول المسند :

مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : أن النبي أرسل إلى امرأة إلى آخره ، فإن إرساله إليها وقوله لها :بأن تأمر غلامها يعمل أعواد المنبر استيهاب فيه من المرأة .

والحديث الثاني المسند :
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : فقال : معكم شيء ، فإنه في معنى الاستيهاب من الأصحاب ، وكذلك الحديث المعلق : اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا ، وهو موصول في صحيح البخاري .


ينظر / عمدة القاري شرح صحيح البخاري .


وقال الشيخ محمد أنور شاه بن معظم شاه الكشميري الهندي ثم الديوبندي (المتوفى: 1353هـ) رحمه الله تعالى في فيض الباري على صحيح البخاري :

بابُ مَنِ اسْتَوْهَبَ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا ......... إلخ ، يعني أنه جائزٌ إذا عَلِمَ طيبَ خاطِرِهم ، والأصل فيه : أَنَّ كلَّ ما لا يُعَد سؤالُه ذُلاًّ ودناءةً في العُرْف فهو جائزٌ ، كالسؤال من السلطان ذكره الغزَّالي ، وكذا كُلّ مِنْ كان في يده نظم شيء وقسمته ، أما إذا كان خلاف ذلك ، فهو مَوْرَدُ الوعيد ، فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَمَر أُمَّته بمكارِم الأَخلاِق البهيَّةِ ، ونهاهم عن الخِلال الدنيَّة .