أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

خاطرة حول قول شيخ الإسلام
(فليس للعبد أن يذنب)

استوقفتنى هذه العبارة لشيخ الإسلام ابن تيمية .. إذ قالها فى مقام الرد على الذين يحتجون بالذنب وأنه أمر مقدر .. فقال رحمه الله : (وأما الذنوب فليس للعبد أن يذنب وإذا أذنب فعليه أن يستغفر الله ويتوب من صنوف المعايب ، ويصبر على المصائب).اهـ الفتاوى

أخذت من نفسى هذه العبارة (فليس للعبد أن يذنب) مأخذ الخوف والرهبة ، وأوقعت فى نفسى (أخذ الكتاب بقوة) .. وهذا ما يؤديه معنى العبارة فى كل نفس سليمة-جعلنا الله منهم- فلو قارنا هذه العبارة بعبارة (الإنسان ليس معصوما) لوجدنا أن وقعها على النفوس أهون من العبارة الأولى.. وقد تقع فى نفوس البعض موقع التساهل والتفريط.

(الإنسان ليس معصوما) .. هذا أصل

(فليس للعبد أن يذنب).. هذا أيضا أصل.

فالأصل أن الإنسان-عدا الأنبياء- ليس معصوما .. وهو أصل من ناحية الأمر القدرى الكونى .

والأصل أيضا أنه ليس للعبد أن يذنب .. وهو أصل من ناحية الأمر التكليفى الشرعى.

فههنا أصلان يعتلجان ويتصارعان .. ولا ينبغى للعبد أن يستصحب أصل بدون الآخر.

والذى أريده من كل هذا هو .. التنبيه على استخدام هذه العبارات فى المقام الدعوى ، ومراعاة حال المخاطب .

فلو كان الخطاب لقوم من جنس الذين يتهاونون ويفرطون فى العبادات أو يحتجون بالذنب وتقديره عليهم .. فهؤلاء لا يليق معهم أن تقول (الإنسان ليس معصوما) بل الأليق بهم ما ذكره شيخ الإسلام فى مثل هذه المواطن .. وهو اطلاق هذه العبارة أو تغليبها فى مخاطبتهم (فليس للعبد أن يذنب) فإنها أوقع فى نفس المفرط والمتساهل.

وأما إن كان الخطاب لقوم معتدلين يحرصون على عبادتهم لله فهؤلاء يليق معهم العبارتان .. لأن هؤلاء أقرب للفهم وأقرب للنفس السليمة .

وإن كان الخطاب لقوم مغالين فى عباداتهم بحيث يطبقون فهمهم هذا على نفسهم وعلى غيرهم .. استخدم معهم عبارة (الأصل أن الإنسان ليس معصوما) ، والله أعلم.