أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


-مختصر ابن الحاجب المالكي المتوفى سنة 646هـ .
2-منهاج الوصول إلى علم الأصول للبيضاوي الشافعي المتوفى سنة 685هـ على الصحيح .
3-جمع الجوامع لابن السبكي الشافعي المتوفى سنة 771هـ .

وقضية الموازنة بين هذه الكتب العظيمة والمشهورة عند أهل العلم قضية نسبية فقد يميل بعض العلماء وطلبة العلم لكتاب دون آخر لأسباب معينة كالمذهبية أو طريقة الترتيب ومنهجية الكتاب او كثرة الشروح أو كثرة اهتمام العلماء أو غير ذلك لكني أذكر ما يميز هذه الكتب باختصار فأقول :
أولاً : مختصر ابن الحاجب :
لا يخفى أن ابن الحاجب مالكي المذهب وهو من تلاميذ أبي الحسن الآمدي المتوفى سنة 631هـ وأبو الحسن الآمدي له كتاب مشهور هو كتاب الإحكام وهو كتاب اعتمد على أربعة كتب هي البرهان للجويني والمستصفى للغزالي والعهد للقاضي عبد الجبار المعتزلي والمعتمد لأبي الحسين البصري المعتزلي أي صنع كما صنع الفخر الرازي قبله في كتابه المحصول ، ثم إن كتاب الإحكام للآمدي يعتبر نهاية كتب الأصوليين المتكلمين المطولة والتي تميزت بالأصالة والاستقلال إذ أن من جاء بعدهم اهتم بالتلخيص والاختصار والشرح فقام ابن الحاجب تلميذ الآمدي باختصار كتاب الإحكام للآمدي في كتاب سماه ( منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل ) ثم إنه اختصر هذا الكتاب بكتاب سماه ( مختصر منتهى السول والأمل ) وهو المعروف بمختصر ابن الحاجب ثم إن هذا المختصر شرح عدة شروح منها شرح للبيضاوي ومنها بيان المختصر للأصفهاني ومنها رفع الحاجب لابن السبكي والعضد على ابن الحاجب وغيرها .
1-وهناك تشابه بين عبارة ابن الحاجب وعبارة البيضاوي في المنهاج وقد علم كما سبق أن البيضاوي قد شرح المختصر وتأثر به .
2-عبارة ابن الحاجب صعبة .
3-ترتيب مختصر ابن الحاجب مضطرب وذلك أنه رتبه بهذا الشكل :
أ – المباديء الكلامية واللغوية .
ب – الأحكام ( التكليفية والوضعية )
ج – الأدلة ( الكتاب والسنة والإجماع ) ثم قطع الكلام على الأدلة .
د – دلالات الألفاظ ( الأوامر والنواهي - العام والخاص - المطلق والمقيد - والمجمل والبيان - والمنطوق والمفهوم )
هـ النسخ .
و – القياس .
ز – الأدلة المختلف فيها ( الاستدلال – الاستصحاب - شرع من قبلنا - مذهب الصحابي - الاستحسان - المصالح المرسلة )
ح – الاجتهاد والتقليد .
ط – الترجيح .
ثانياً : المنهاج للبيضاوي :
كتاب المنهاج يعتبر مختصراً لكتاب الحاصل للأرموي ( ت 656هـ ) والحاصل مختصر المحصول للفخر الرازي ( ت 606هـ ) والمحصول أخذ من الكتب الأربعة التي سبقت الإشارة إليها وهي ( العهد والمعتمد والبرهان والمستصفى )
ومما يدل على قيمة الكتاب وأهميته ما يلي :
1-ثناء العلماء عليه :
يقول السبكي عن مختصرات أصول الفقه : ( ومن أحسن مختصراته كتاب المنهاج في الوصول إلى علم الأصول ) الإبهاج (1 / 6 (
2-سعة علم مصنفه في مختلف الفنون في التفسير والفقه والأصول واللغة والمنطق وغيرها وله مصنفات مشهورة في هذه الفنون وينظر ما كتبه الدكتور جلال الدين عبد الرحمن في كتابه القاضي البيضاوي وأثره في أصول الفقه .
3-كثرة شروحه واهتمام أهل العلم قديما وحديثا بدراسته وتعلمه وتعليمه حتى بلغت شروحه قرابة أربعين شرحاً فشرحه السبكي وابنه في كتاب الإبهاج والأسنوي في نهاية السول وابن الملقن في كافي المحتاج والبدخشي في مناهج العقول وغيرهم كثير ، وهناك من اعتني بتخريج أحاديثه كالزركشي وابن الملقن والعراقي ، وهناك من نظمه كالعراقي والكوراني المعروف بابن الشيخ ومحمد بن عثمان الزرعي وغيرهم .
4-أن البيضاوي قد استفاد ممن سبقه في الاختصار والتحرير في العبارة كابن الحاجب ولذلك خرج المنهاج صغير الحجم كثير العلم .
يعتبر كتاب نهاية السول للأسنوي أفضل شروح المنهاج فيما يظهر وهذا يعود إلى عدة أسباب :
1-أن الأسنوي قد عاش فترة طويلة مع كتاب المنهاج دراسة وتدريساً كما ذكر ذلك في مقدمة شرحه .
2-ثناء العلماء عليه :
يقول ابن شهبة عن شرح الأسنوي : " وهو شرح حسن مفيد منقح وهو أنفع شروح المنهاج " طبقات الشافعية ( 3 / 135(
ويقول الشيخ الخضري : " وأحسن شرح للمنهاج ما كتبه عبد الرحيم بن حسن الأسنوي " ويقول : " وقلما رأيت من الشراح من يماثل الأسنوي في بيان المطالب التي يُعْنَى بشرحها " ينظر : أصول الفقه ( ص 9(
ويقول الدكتور محمد أبو النور زهير : ( وهو من أحسن الشروح لفظاً وأحسنها عبارة ) أصول الفقه ( 1 / 6 ) وينظر كذلك : علم أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف (ص18)
3-أن الأسنوي يذكر زيادات الكتب الثلاثة - المحصول للرازي والإحكام للآمدي والمختصر لابن الحاجب – على المنهاج ، ثم إن الأسنوي ألف كتاباً في زيادات هذه الكتب على المنهاج في كتاب سماه ( زوائد الأصول على منهاج الوصول على علم الأصول ) وهو مطبوع محقق في رسالة ماجستير ( دراسة وتحقيق : محمد سنان سيف الدين الجلالي وإشراف الدكتور عمر بن عبد العزيز محمد )
4-أن الأسنوي يذكر في شرحه ما يرد على الشرح من أسئلة وأجوبة ، وينبه على الغلط في النقل ونسبة الأقوال ، ويحقق مذهب الشافعي – كما صنع في التمهيد كذلك – ، ويذكر فروعاً فقهية تخرج على المسائل الأصولية وغير ذلك .
5-سعة علم السنوي في أصول الفقه والفقه واللغة ولذا من يطالع شرحه وكذلك كتابه زوائد الأصول يتبين له أنه ملم بما في المحصول والإحكام ومختصر ابن الحاجب مع سعة علمه بالفقه وتفريع المسائل الفقهية على الأصول ، وأخذ اللغة عن كبار علمائها كأبي حيان والفيروزبادي ، وكان مع ذلك شديد الحرص على العلم والفائدة يأخذ من الصغير والكبير ، وقد أثنى عليه ووصفه بالعلم والتحقيق كثير من العلماء كابن الملقن وأبي زرعة العراقي والحافظ ابن حجر والسيوطي وغيرهم .
وبعد فهذا لا يعني أن كتاب الإبهاج دونه في ذلك بل إن كتاب الإبهاج للسبكي وابنه كذلك يعتبر من أفضل الشروح للمنهاج ولا يكاد يستغني عنه طالب علم فالجمع بينهما هو الأفضل ، وكذلك يعتبر كتاب أصول الفقه للدكتور محمد أبو النور زهير من أفضل شروح المنهاج ؛ إذ يعتبر هذا الكتاب شرحا للمنهاج حيث كان هو المقرر في جامعة الأزهر لطلاب كلية الشريعة في أصول الفقه لغير الحنفية وقد كان الدكتور يقوم بتدريس هذا الكتاب فأخرجه في هذا الشرح وهو يقع في مجلدين في أربعة أجزاء وهو من أفضل كتب الأصوليين في هذا العصر .
ثالثاً : جمع الجوامع لابن السبكي :
كتاب جمع الجوامع قد ذكر مصنفه أنه جمعه من زهاء مائة مصنف ، وهو كتاب جليل القدر .
ومما يبين أهمية هذا الكتاب ما يلي :
1-كثرة شروح الكتاب حتى بلغت قرابة أربعين شرحاً .
2-سعة علم ابن السبكي وهذا أمر لا يشك فيه طالب علم يطلع على كتبه الأصولية كالإبهاج في شرح المنهاج ورفع الحاجب شرح مختصر ابن الحاجب وجمع الجوامع وغيرها وقد نبغ في العلم وهو صغير فقد كان من بيت علم كما هو مشهور وأبوه تقي الدين السبكي من كبار علماء الشافعية فقهاً وأصولاً .
3-أن مصنفه اعتمد فيه على قرابة مائة مصنف ، وهذا يدل على أنه عصارة كتب الأصوليين .
4-استيعابه لجميع مسائل أصول الفقه .
5-اهتمامه بالتعريفات الأصولية كما سبق .
6-أنه يبين نوع الخلاف في المسائل هل هو لفظي أو حقيقي .
7-أنه يذكر الخلاف في المسائل وإن كان لا ينسبها إلا نادراً .
ويؤخذ على الكتاب ما يلي :
1-أنه لا يورد الأدلة إلا نادراً .
2-لا ينسب الأقوال لأصحابها غالباً .
3-اختصار المسائل جداً ويرجع ذلك لكثرة المسائل التي ذكرها في كتابه .
أما شروح الكتاب فكثيرة فالمصنف نفسه له أجوبة عما أورد على كتابه في كتابه سماه منع الموانع ، وللزركشي شرح وهو تشنيف المسامع وللشيخ حلولو شرح وهو الضياء اللامع ، ولولي الدين لعراقي شرح وهو الغيث الهامع ، والمحلي له شرح كذلك وهو البدر الطالع ، ويظهر أنه من أفضل الشروح عند العلماء ولذلك كثرت الحواشي عليه ، وهو يتميز بعنايته بشرح نص المتن عناية واضحة مع الإيجاز ومما يبين أهميته كذلك أن له نسخاً كثيرة جداً تزيد على المائة نسخة .
ولعل أقوى هذه المختصرات الثلاثة وأفضلها في نظري الشخصي كتاب المنهاج للبيضاوي مع شرحه نهاية السول للأسنوي والله أعلم .
بقي أن نقول إن هناك متونا وكتباً أخرى لم تذكر هنا وهي لا تقل أهمية عن هذه المتون مثل :
1-مفتاح الوصول للتلمساني
2-تقريب الوصول لابن جزي الغرناطي المالكي
3-التحرير لابن الهمام الحنفي .
4-البلبل للطوفي الحنبلي .
5-مختصر ابن اللحام الحنبلي .
6-التحرير للمرداوي ومختصره للفتوحي من الحنابلة .
وغيرها من الكتب الأصولية المشهورة وعموما ، فرأيي الخاص في هذا الباب أن يبدأ طالب العلم بالورقات للجويني ثم نظم مراقي السعود الذي يعتبر نظما لجمع الجوامع هذا لمن أراد الحفظ في بداية الطلب والمهم في أصول الفقه هو الفهم والإدراك ويكفي في الحفظ ضبط الحدود والأدلة والشروط والتقسيمات لأن الخلاف في مسائل الأصول واسع لا يقتصر على الخلاف المذهبي بل يمتد إلى الخلاف بين أفراد العلماء فتجد عند الشافعية مثلا أقوالاً مختلفة فالجويني له قول والغزالي له قول والرازي له قول والآمدي له قول وهكذا ، ولذلك فالأفضل لمن عرف أساسيات هذا الفن أن يكثر من مطالعة الشروح والكتب وقراءتها على أهل العلم ، ولا يقتصر على متن معين ومن أراد الحفظ فليحرص على المنظوم لأنه أسهل وأثبت في البقاء .
والله أعلم.