أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال الشبيخ عبدالكريم الخضير :
شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير (26/ 22، بترقيم الشاملة آليا)
(موضح أسباب الجمع والتفريق) الإمام البخاري يرى أنهما اثنان، والخطيب يستدل بالأدلة التي ثبتت عنده أنهما واحد، والخطيب في هذا الكتاب جعل نفسه حكماً بين الأئمة، فقد يقول البخاري هما اثنان، ويقول أبو حاتم: واحد ثم يحكم بينهما الخطيب، وأتمنى أن لو قرأ كل طالب علم مقدمة هذا الكتاب ليعرف منزلة نفسه ومنازل الأئمة؛ لأن الخطيب استشعر أنه في كتابه هذا نصب نفسه حكماً بين الأئمة فقدم بمقدمة يحسن ويجدر بل يتعين على كل طالب أن يقرأها، ليعرف كيف التأدب مع أهل العلم بكلام لا نظير له، ونحن نسمع ونرى أن بعض طلاب العلم من يسيء الأدب إلى من أحسن إليه أو عليه بالتعليم أو أحسن على الأمة بكاملها بأن فرغ نفسه لتعليم الناس وإفتاء الناس، والفصل بين منازعاتهم، ولا شك أن مثل هذا طالب العلم يحتاج إلى الأدب فيه، ويأتي أحياناً أسئلة في شيء مما ينم على ما في نفس الإنسان من تعالي وترفع وتعالم هذا لا ينبغي، مثل هذا لا شك أنه يحرم بركة العلم والعمل، فالإنسان يأتي بنية التعلم، ولا يوجد ما يمنع من أن المعلم يخطأ، ويخفى عليه ما قد يوجد علي عند بعض الطلاب، لكن ينبغي أن ينبه بالأسلوب المناسب، وهذا كلام يوجه للموافق

مقدمة كتاب موضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي

موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 5)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
رب يسر
قَالَ الْخَطِيب أَبُو بكر الْحَافِظ أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْبَغْدَادِيّ رَضِي الله عَنهُ
الْحَمد لله وَحده مُسْتَحقّ الْحَمد ووليه وصلواته على خيرته من خلقه وَصفيه نَبينَا مُحَمَّد خَاتم الرُّسُل الْمَبْعُوث بِأَفْضَل الْأَدْيَان والملل وعَلى مجيبي دَعوته ومصدقي كَلمته المتبعين لشريعته والمتمسكين بسنته وَعَلِيهِ وَعَلَيْهِم أفضل السَّلَام ومتتابع الرَّحْمَة والتحية وَالْإِكْرَام
قد أوردنا فِي هَذَا الْكتاب ذكر جمَاعَة كَثِيرَة من الروَاة انْتَهَت إِلَيْنَا تَسْمِيَة كل وَاحِد مِنْهُم وكنيته والأمور الَّتِي يعزى إِلَيْهَا كنسبته على وُجُوه مُخْتَلفَة فِي رِوَايَات مفترقة ذكر فِي بَعْضهَا حَقِيقَة اسْمه وَنسبه وَاقْتصر فِي الْبَعْض على شهرة كنيته أَو لقبه وَغير فِي مَوضِع اسْمه وَاسم أَبِيه وموه ذَلِك بِنَوْع من أَنْوَاع التمويه وَمَعْلُوم أَن بعض من انْتَهَت إِلَيْهِ تِلْكَ الرِّوَايَات فوقوع الْخَطَأ فِي جمعهَا وتفريقها غير مَأْمُون عَلَيْهِ وَلما كَانَ الْأَمر على مَا ذكرته بَعَثَنِي ذَلِك أَن بَينته وشرحته ونسأل الله التَّوْفِيق لسلوك قصد السَّبِيل فَإِنَّهُ تبَارك وَتَعَالَى حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخَوَارِزْمِيِّ عَن أبي أبي إِسْحَاق وَشريك بن عبد الله حدث عَن جُنْدُب عَن عَليّ قصَّة الْخَوَارِج والمخدج وَعَن حَبَّة أَيْضا
ثمَّ قَالَ فِي بَاب الشين مَعَ إِسْمَاعِيل إِسْمَاعِيل بن شروس أَبُو الْمِقْدَام نسبه مُحَمَّد بن ثَوْر روى عَنهُ يعلى وَرَأى عِكْرِمَة وَهَذَا صَحِيح إِلَّا أَنه جعله رجلا ثَالِثا وَهُوَ وَاحِد ثمَّ قَالَ بعده إِسْمَاعِيل بن أبي شقير الصَّنْعَانِيّ عَن عِكْرِمَة روى عَنهُ الحكم بن أبان وَهَذَا وهم مِنْهُ لِأَنَّهُ رجل وَاحِد وَقد جعله رَابِعا وَوهم وصحف فِي قَوْله ابْن أبي شقير وَإِنَّمَا هُوَ ابْن أبي سعيد وَهُوَ ابْن شروس وَالله أعلم
قَالَ الْخَطِيب رَحمَه الله فِي كتاب التَّارِيخ الَّذِي صنفه أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ نَظَائِر كَثِيرَة لما ذكره أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ من جعله الِاثْنَيْنِ وَاحِدًا وَالْوَاحد اثْنَيْنِ وَأكْثر وَنحن ذاكرون مِنْهَا بِمَشِيئَة الله تَعَالَى مَا وضح قاصده وَقرب منا على تَصْدِيق دعوانا فِي ذَلِك شَاهده ومتبعوه بِمَا يشاكله من أَوْهَام الْأَئِمَّة سوى البُخَارِيّ فِي هَذَا النَّوْع وَنَذْكُر فِيهِ مَا اخْتلف الْعلمَاء فِيهِ وأيهم أقرب إِلَى الصَّوَاب فِيمَا يَدعِيهِ ثمَّ نشرع فِيمَا لَهُ رسمنا هَذَا الْكتاب ونجعله مُلَخصا على نسق وَاحِد الْحُرُوف الْمرتبَة والأبواب
وَلَعَلَّ بعض من ينظر فِيمَا سطرناه وَيقف على مَا لكتابنا هَذَا ضمناه يلْحق سيء الظَّن بِنَا وَيرى أَنا عمدنا لِلطَّعْنِ على من تقدمنا وَإِظْهَار الْعَيْب لكبراء شُيُوخنَا وعلماء سلفنا وأنى يكون ذَلِك وبهم ذكرنَا وبشعاع ضيائهم تبصرنا وباقتفائنا وَاضح رسومهم تميزنا وبسلوك سبيلهم عَن الهمج تحيزنا وَمَا مثلهم ومثلنا إِلَّا مَا ذكر أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمَد بن عمر الْمُقْرِئ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر عبد الْوَاحِد بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي هَاشم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس اليزيدي حَدَّثَنَا الرياشي عَن الْأَصْمَعِي قَالَ قَالَ أَبُو عَمْرو مَا نَحن فِيمَن مضى إِلَّا كبقل فِي أصُول نخل طوال
وَلما جعل الله تَعَالَى فِي الْخلق أعلامًا وَنصب لكل قوم إِمَامًا لزم المهتدين بمبين أنوارهم والقائمين بِالْحَقِّ فِي اقتفاء آثَارهم مِمَّن رزق الْبَحْث والفهم وإنعام النّظر فِي الْعلم بَيَان مَا أهملوا وتسديد مَا أغفلوا إِذْ لم يَكُونُوا معصومين من الزلل وَلَا آمِنين من مقارفة الْخَطَأ والخطل وَذَلِكَ حق الْعَالم على المتعلم وواجب على التَّالِي للمتقدم وَعَسَى أَن يضح الْعذر لنا عِنْد من وقف على كتَابنَا المُصَنّف فِي تَارِيخ مَدِينَة السَّلَام وأخبار محدثيها وَذكر قطانها الْعلمَاء من غير أَهلهَا ووارديها فَإنَّا قد أوردنا فِيهِ من مَنَاقِب البُخَارِيّ وفضائله مَا يَنْفِي عَنَّا الظنة فِي بَابه والتهمة فِي إصلاحنا بعض سقطات كِتَابه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن عَليّ الْبَزَّاز أَخْبَرَنَا أَبُو سعيد الْحسن بن عبد الله السيرافي أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بن السراج أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يزِيد النَّحْوِيّ أَخْبَرَنَا الْمَازِني عَن الْعُتْبِي عَن أَبِيه قَالَ قَالَ الْأَحْنَف بن قيس الْكَامِل من عدت سقطاته
أَخْبرنِي أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحسن الْمُؤَدب قِرَاءَة عَلَيْهِ عَن أبي سعد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الاستراباذي قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن هَارُون أَبُو بكر الشَّاشِي بسمرقند حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الأرزناني قَالَ حكى لنا عَن الْمُزنِيّ يَعْنِي أَبَا إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بن يحيى أَنه قَالَ لَو عورض كتاب سبعين مرّة لوجد فِيهِ خطأ أَبى الله أَن يكون كتاب صَحِيحا غير كِتَابه
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن الْحَرْبِيّ حَدَّثَنَا عمر بن أَحْمَد بن هَارُون الْمُقْرِئ حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن الْقَنْطَرِي الْوراق قَالَ سَمِعت عبد الله بن أَحْمَد بن حَنْبَل قَالَ عارضت بِكِتَاب لأبي ثَلَاث عشرَة مرّة فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَة خرج فِيهِ خطأ فَوَضعه من يَده ثمَّ قَالَ قد أنْكرت أَن يَصح غير كتاب الله عز وَجل
أَخْبَرَنَا أَبُو بكر أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخَوَارِزْمِيّ الْمَعْرُوف بالبرقاني قَالَ قَالَ مُحَمَّد بن الْعَبَّاس العصمي حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن مَحْمُود الْحَافِظ قَالَ قَالَ أَبُو عَليّ صَالح بن مُحَمَّد قَالَ لي أَبُو زرْعَة يَا أَبَا عَليّ نظرت فِي كتاب مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل هَذَا أَسمَاء الرِّجَال فَإِذا فِيهِ خطأ كثير فَقلت لَهُ بليته إِنَّه رجل كل من كَانَ يقدم عَلَيْهِ من الْعرَاق من أهل بُخَارى نظر فِي كتبهمْ فَإِذا رأى اسْما لَا يعرفهُ وَلَيْسَ عِنْده كتبه وهم لَا يضبطون وَتَكون كتبهمْ غير منقوطة فيضعه فِي كِتَابه خطأ وَإِلَّا فَمَا رَأَيْت خراسانيًا أفهم مِنْهُ لَوْلَا عي فِي لِسَانه وَفِي ذَلِك الْكتاب أسام لَا تعرف وَلم يبين من روى عَنْهُم وَعَمن رووا وَأي شَيْء رووا فيتحير الْإِنْسَان فِيهِ
قَالَ وسألني خَالِد بن أَحْمَد أَبُو الْهَيْثَم أَن أنظر لَهُ شَيْئا فِي هَذَا الْكتاب فأصحح لَهُ فَنَظَرت فغيرت أَشْيَاء أَخطَأ فِيهِ وصحف وَرَأَيْت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بِبَغْدَاد يقْرَأ عَلَيْهِم هَذَا الْكتاب فَقَالَ وإِبْرَاهِيم بن شُعَيْب روى عَنهُ ابْن وهب فَقلت لَهُ إِنَّمَا هُوَ إِبْرَاهِيم بن شعيث ثمَّ قلت لَهُ أَنْت تنظر فِي كتب النَّاس فَإِذا مر بك اسْم لَا تعرفه أَخَذته وَالْخَطَأ فِيهِ من غَيْرك لأَنهم كَانُوا لَا يضبطون
قَالَ الْخَطِيب وَقد جمع عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ الأوهام الَّتِي أَخذهَا أَبُو زرْعَة على البُخَارِيّ فِي كتاب مُفْرد وَنظرت فِيهِ فَوجدت كثيرا مِنْهَا لَا تلْزمهُ وَقد حكى عَنهُ فِي ذَلِك الْكتاب أَشْيَاء هِيَ مدونة فِي تَارِيخه على الصَّوَاب بِخِلَاف الْحِكَايَة عَنهُ
وَمن الْعجب أَن ابْن أبي خَاتم أغار على كتاب البُخَارِيّ وَنَقله إِلَى كِتَابه فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَعمد إِلَى مَا تضمن من الْأَسْمَاء فَسَأَلَ عَنْهَا أَبَاهُ وَأَبا زرْعَة وَدون عَنْهُمَا الْجَواب فِي ذَلِك ثمَّ جمع الأوهام الْمَأْخُوذَة على البُخَارِيّ وَذكرهَا من غير أَن يقدم مَا يُقيم بِهِ الْعذر لنَفسِهِ عِنْد الْعلمَاء فِي أَن قَصده بتدوين تِلْكَ الأوهام بَيَان الصَّوَاب لمن وَقعت إِلَيْهِ دون الانتقاص وَالْعَيْب لمن حفظت عَلَيْهِ وَنحن لَا نظن أَنه قصد غير ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ بِمحل من الدَّين وَأحد الرفعاء من أَئِمَّة الْمُسلمين رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم أَجْمَعِينَ
حدثت عَن أبي أَحْمَد مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن إِسْحَاق الْحَافِظ النَّيْسَابُورِي قَالَ كنت بِالريِّ فرأيتهم يَوْمًا يقرءُون على أبي مُحَمَّد بن أبي حَاتِم كتاب الْجرْح وَالتَّعْدِيل فَلَمَّا فرغوا قلت لِابْنِ عبدويه الْوراق مَا هَذِه الضحكة أَرَاكُم تقرءون كتاب التَّارِيخ لمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ على شيخكم على الْوَجْه وَقد نسبتموه إِلَى أبي زرْعَة وَأبي حَاتِم فَقَالَ يَا أَبَا أَحْمَد أعلم أَن أَبَا زرْعَة وَأَبا حَاتِم لما حمل إِلَيْهِمَا هَذَا الْكتاب قَالَا هَذَا علم حسن لَا يسْتَغْنى عَنهُ وَلَا يحسن بِنَا أَن نذكرهُ عَن غَيرنَا فأقعدا أَبَا مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن حَتَّى سَأَلَهُمَا عَن رجل بعد رجل وَزَادا فِيهِ ونقصا وَنسبه عبد الرَّحْمَن إِلَيْهِمَا
أَخْبرنِي أَبُو الْقَاسِم الْأَزْهَرِي قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن حميد اللَّخْمِيّ يَقُول سَمِعت القَاضِي أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن صَالح الْهَاشِمِي يَقُول سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس ابْن سعيد يَقُول لَو أَن رجلا كتب ثَلَاثِينَ ألف حَدِيث لما اسْتغنى عَن كتاب تَارِيخ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ