أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


البواكير...(1)

...من أسرار و لطائف فاتحة الكتاب
-1-
بقلم : سيد علي قورية


...كنت قد شرعت في تسويد
ورقاتألخص فيها أقاويل أهل التأويل في تفسير فاتحة التنزيل، رمت فيها الجمع بين مدرستي التفسير بالمأثور و التفسير بالرأي(المحمود) - مع عدم إغفال الكلام عن جملة من لطائف الإشارات و دقيق النكات- كل ذلك (على سبيل الاختصار و الاقتصار على أدنى المقدار ، فإن البسط مما يطول فيه المقام ، و يتطلب مجلدات كبار و مجالس كثار)[1]

كيف لا و موضوع
البحث أم القرآن و قد قال صاحب (التفسير الكبير)[2] :

( اعْلَمْ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى لِسَانِي فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ الْكَرِيمَةَ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ فَوَائِدِهَا وَنَفَائِسِهَاعَشَرَةُ آلَافِ مَسْأَلَةٍ، فَاسْتَبْعَدَ هَذَا بَعْضُ الْحُسَّادِ، وَقَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْغَيِّ وَالْعِنَادِ، وَحَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى مَا أَلِفُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مِنَ التَّعَلُّقَاتِ الْفَارِغَةِ عَنِ الْمَعَانِي، وَالْكَلِمَاتِ الْخَالِيَةِ عَنْ تَحْقِيقِ الْمَعَاقِدِ وَالْمَبَانِي ) اه

أعود إلى ما كنا فيه فأقول :

كنت قد شرعت في رقم سطور هذا البحث ، و لكن قصور الهمة حال دون إتمامه ، و حقيقة هذا البحث أنه عبارة عن(
تقييداتليس لي فيها من عمل سوى : الجمع ثم الترتيب ثم التعبير ثم التلخيص)[3].

و ليس
تفسيرا فالمفسر محتاج إلى خمسة عشر علما ذكرها السيوطي[4] و غيره - لا أجيد منها علما واحدا (و أي سماء تظلني و أي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم ) [5]

و قد استمددت مادة هذه
التقييدات من كتب التفسير ، و من أهم تلك الكتب :

1- (تفسير الطبري) – و هو أجلها و أكثرها نفعا و صاحبه سلفي العقيدة أثري الطريقة –
2- (النكت و العيون)للماوردي
3- (المحرر الوجيز) لابن عطية
4- )زاد المسير( لابن الجوزي
5- )مدارك التنزيل و حقائق التأويل( للنسفي
6- (روح المعاني) للألوسي
7- )محاسن التأويل( للقاسمي
8- ( تفسير المراغي )
9- ( التحرير و التنوير) لابن عاشور
10- ( أضواء البيان ) للشنقيطي
...و تفاسير أخرى – ستأتي الإشارة إلى بعضها -

...فأحببت أن أقتبس منه –أي البحث المشار إليه-آنفا- جملة من الفوائد(النفيسة)والإشارات(اللطيفة) و النكت(العزيزة)العقدية والسلوكية و اللغوية-، مع إتمام النقض الحاصل في الأصل [6]

فما سأذكره ليس تفسيرا للسورة،

و إنما ومضات
تعين على تدبرها
و تكشف عن بعض كنوزها
و تجلي بعض أسرارها
و تشير إلى شيء من إعجازها
و تطلع على بعض أسرار ترتيب كلماتها و آياتها
تظهر لقارئها بجلاء و تتبين من غير خفاء
تلك الحقيقة(المطلقة) المتمثلة في صدق هذه المعجزة الخالدة

{ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}

{ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}

...و ما سيأتي ذكره إنما هو قليل من كثير ، و قطرة من بحر ، و فيض من قيض ، فهذا باب طويل الذيل كثير النيل -...بل بحر لا ساحل له –

و لكنها إشارات ينتفع بها الفطن ، و يستدل بها على نظائرها ...
و الأمر كما قيل : ما لا يدرك جله لا يترك كله و (حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق)

و بين الزوايا خبايا ...! !

و الله الموفق وحده
(لا رب غيره ، و لا إله سواه)

[1] من باب الأمانة -و لكي لا أكون متشبعا بما لم أعط - ما بين هلالين تعبير كنت قرأته في بعض الكتب " قديما " و علق بالذاكرة – و منها أنقل – لا أتذكر قائله .

[2] " التفسير الكبير" للرازي 1/21
و صاحبه رجل زائغ العقيدة عنده طوام و بلايا...منها قوله في تفسيره 27/582 : "وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَوْرَدَ اسْتِدْلَالَ أَصْحَابِنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي سَمَّاهُ «بِالتَّوْحِيدِ» ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ كِتَابُ الشِّرْكِ " و لا يخفى على المنصف أن كتاب التوحيد لابن خزيمة يحوي على زبدة عقيدة أهل التوحيد و السنة .
و من أشنع ما نقل عنه أنه ألف رسالة في عبادة الكواكب و النجوم سماها السر المكتوم في مخاطبة الكواكب و النجوم انظر حول نسبة هذه الرسالة إليه: "مجموع الفتاوى" 13/180 ، 5/548 ، 6/254 ، 10/451 ، 13/181 "الدرر السنية "10/517-518 ،11/452 -453"سيرأعلام النبلاء "21/501 "كشف الظنون" 2/989

التأصيل لأصول التخريج و قواعد الجرح و التعديل لبكر بن عبد الله أبو زيد 1/11[3]

[4] انظر "الإتقان" ص 555-فما بعدها

[5] مقطع من أثر يروى عن أبي بكر – رضي الله عنه -

[6] كنت قد وصلت – في الأصل- إلى قوله تعالى ( إياك نعبد و إياك نستعين )