أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


آليات قراءة الحدث عند المسلم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد ؛


هناك رؤى ونظريات تفسر الأحداث وفق أفكار ومناهج شتى ، لكننا لا نستطيع أن نجزم بصحة التفسير أو حتى نغلب ظننا بصحته لكون أغلب هذه النظريات والمناهج بشرية النشأة ، وليس لنا كمسلمين خيارفى قراءة الأحداث من منطلق إسلامى محض .

إذ إن قراءة الحدث وتفسيره وفق المنهج الربانى هو الوحيد الذى يمكننا من (الجزم) بصحة قراءة الحدث وتفسيره أو (بغالب الظن) على أقل تقدير بحسب اجتهاد المفسر الإسلامى نفسه للحدث .

إذا تبين لنا ضرورة توحيد المصدر الذى نرجو من ورائه قراءة صحيحة للأحداث ، إذ العقل يحتم ذلك ولا محالة( 1) ، ينبغى أن ندرك أن هذا الأمر مرتبة من مراتب العبودية يتعبد بها (المسلم) لا غير ( 2)، وهذه حتمية أخرى لقراءة الحدث من خلال رؤية إسلامية وهى خاصة بالمسلم .

وهذه مقدمة تقضى بالبطلان على أى تفسير من التفاسير المخالفة للتفسير الإسلامى للحدث عند (المسلم) .

وأما عن آليات قراءة الحدث ، فينبغى وضع الحدث فى إطار قضاء الله وقدره (وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ، ووضع هذا الحدث فى هذا الإطار له قين ، شق تعبدى ، وشق ضرورى ، والشق التعبدى هو باعتبار أن (القضاء والقدر) ركن ركين من أركان الإيمان ، أما الشق الضرورى فهو لضرورة فهم أن الحدث (خيره وشره) لم يخرج عن تقدير الله وأن لهذا التقدير حكمة ربانية ، قد ندركها وقد لا ندركها ، ولكننا نستطيع القول بأن هناك (حكمة) وهذا يساعدنا على الإسترخاء النفسى الذى إن عدمناه فقد يتشتت الذهن ويضطرب عند قراءة الحدث وتفسيره .

بعد ذلك ينبغى عرض الحدث على التاريخ (3 ) إذ التاريخ هو أيام الله (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) ومن ثم إحداث مقاربة قياسية بين الحدث القديم والحدث الجديد (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) ، وهذا يحتم علينا التعمق فى قراءة الحدثين (القديم والحديث) وإعمال أركان القياس الأربعة (المقيس عليه ،والمقيس ، والحكم الشرعى(4 ) ، والعلة ) .

والقياس وإن كان دليل أصولى شرعى إلا أنه لا يوجد ما يمنع من استخدامه فى قراءة الأحداث ، بل إن أصل دليل القياس وهو (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) محله تاريخى كونى (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ، وعداه العلماء إلى أصولى شرعى.

وهذا سيقربنا من حقيقة الحدث وفهمه ليكون منطلقا لنا بعد ذلك للنظر فى المتطلبات الشرعية وذلك بعد عرض الحدث من الناحية الشرعية على الكتاب والسنة .

وينبغى التنبيه هنا على أنه لا يتم قراءة الأحداث قراءة سليمة إلا إذا تم إدخال التكليف الشرعى فى قراءة الحدث ، إذ الحكم الشرعى صاحب تأثير فى صحة قراءة الحدث وفسادها( 5) .

وذلك لأن التكليف الشرعى محله الإنسان الذى هو إما شريك فى الحدث أو معايش له ، إذ الحدث لابد له من محدث إما إلهى وإما بفعل الإنسان نفسه وفى الحالتين يعيش الإنسان فى الحوادث التى محلها الحياة ولابد له من تكليف إلهى فى جميع الأحوال ، ولو لم يكن للإنسان دخل فى الحدث إلا التسليم (بقضاء الله وقدره) ومن هنا أكدنا على ضرورة إسلامية قراءة الحدث .

وبعد كانت هذه الآليات الإجمالية لقراءة الأحداث فى إطار عام ، ولعله تأتى مقالات أخرى تصب فى فى هذا الإطار يفصل فيها المجمل ، ونتناول فيها أخطاء قد تقع عند قراءة الأحداث ، مع عرض التطبيقات التوضيحية ، والله المستعان وعليه التكلان .


( 1) وذلك باعتبار أن الخالق والمدبر والذى قدر الحدث هو الله سبحانه وتعالى وهو العليم الحكيم.

(2 ) وذلك باعتبار أن قراءة الحدث قراءة شرعية تقيدنا عن الحيد إلى تفسيرات أخرى باطلة ومن ثم اكتساب الإثم.


(3) كل التاريخ سواء إسلامى أو غيره.

(4 ) والحكم الشرعى هو الغاية من قراءة الحدث قراءة إسلامية ، إذ بغير ذلك تصبح القراءة التفسيرية للحدث قراءة نظرية فلسفية لا ينبنى عليها عمل .

(5 ) وليس أدل على ذلك من فساد نظريات وتفسيرات للتاريخ وللأحداث ليس لها علاقة بالأحكام الشرعية أصلا أمثال (داروين، وماركس ، ودور كايم ، وفرويد وغيرهم من الملحدين والكفار ) .


الصارم المنكى( أبو خالد المصرى)