اليأس في حياة الإنسان حالة نفسية حينما تشتد على الإنسان تختنق الحياة بداخله ويشعر أن هذه الدنيا الفسيحة

الرحبة سجنٌ مظلمٌ تضمّه جدرانه .

ويعرض القرآن الكريم لنا صوراً شتى لحالات من اليأس تبين لنا أنه موقف غير إسلامي.. .. قد يعطي لنا مفهوماً

يصل باليأس إلى درجة الكفر .

وتتمثل إحدى تلك الصور في خطاب يعقوب لبنيه حين عادوا من رحلة التزود بالطعام دون أخيهم ( بنيامين )

إذ خاطبهم بقوله :(( يابني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا

القوم الكافرون )).

ورغم أن الوقائع كانت تشير إلى أن الأمل شبه مفقود وأن كفة اليأس هي الراجحة فإن يعقوب عاش ذلك الأمل وظل

عليه . فنراه يقول :(( عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم )).

لقد ظلّ الأمل مخضراً في نفس يعقوب متجذراً في باطنه يحدثه بعودة ابنيه حتى تحقق وعد الله تعالى له...

وفي قصة إبراهيم تتضح لنا أيضاً قضية اليأس والأمل في بشارة الملائكة له بغلام حليم رغم أن القوانين الطبيعية

كانت تحكم باستحالة حدوث ذلك نظراً لكبر سنه وعقم زوجته ... ولكن الإرادة الإلهية فوق سنن الكون وقد شاءت أن

يريد الله تعالى ، وهذا ماأثارته الملائكة له من حجج وأقوال ... حين تساءل إبراهيم متعجباً ... كيف يكون ذلك !!؟

وعندما استمع الى الملائكة أدرك أن القضية قد خرجت عن مفاهيم البشر الى أمر الله ...

عندها أطلقها إبراهيم عالية من نفس مفعمة بالأمل فأصبحت قاعدة عامة لنفوس المؤمنين في كل زمان ومكان

فقال : (( ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالّون))...

وهكذا نحن !!

نتعرض للحظات تحيط بنا فيها عوامل اليأس ...

وتغلق فيها علينا جميع الأبواب ...

وتلذعنا سياط الهم لا تترك لنا طرقاً لنهرب منه ...

ولكن يجب علينا في أحلك تلك الحالات أن لانتخلى عن اليقين والثقة بأن رحمة الله ستتداركنا...

وأن نسلم قلوبنا الى طمأنينة الفرج ..

وأن نبات على أمل أن الله تعالى سيفتح لنا باباً من حيث لانحتسب ...!

نحن لاندرك إلا بما يحيط بنا ...

ولكن الله الذي خلق لنا هذه الحياة .. يعلم بما فيها ... وما ورائها !!

فلنقتلع بذور اليأس من أعماقنا..!!

ولنفسح للأمل طريقاً .. يزرع به الخضرة لتفترش نفوسنا ..!!

ونعيش على الإيمان والثقة بأن لله تعالى ألف ألف ... وسيلة

وأنه تعالى لن يتركنا ... وأن حبل رحمته ممتدٌ إلينا لينتشلنا..!


ماعلينا إلا أن نتمسك به .... وسيصل بنا إلى برّ الأمان ...!

::(ومن يتق الله ، يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، إنّ الله بالغ أمره

قد جعل الله لكل شيءٍ ... قدرا ))::*