من منا لايحمل هماً يراه أثقل عليه من حمل الجبال كما يظن أن لا أحد مهموماً مثل همه . مع أن الواقع مليء بمثل صوره ولربما أبشع منها , ولا يخلو كوكب الأرض من أشخاص مهمومين على اختلاف أديانهم وأنسابهم ومذاهبهم فهذا قدر الله على بني أدم , فمن قال لك لايعاني الهموم فهو يعيش في إحدى الحالتين , أما أنه لايسمح لك با قتحام أسواره أو أنه فاقد لعقله فلا راحة في هذا الكون إلا لمن فقد عقله , فهناك من يحسدهم على ذلك , أقصد عدم حملهم للهموم لاغير . فهذه الحقيقة الكونية قد يجهلها الآلف من الناس خاصة غير المسلمين منهم فالدين الإسلامي لم يترك شبئاً لا أوضحه لنا وشرحه والحمد لله على ذلك , أذا نحن نسلم ونؤمن أن هذه حقيقة وأن اختلفت حدتها من شخص إلى أخر لكن الأهم من ذلك والذي أظنكم تنتظرونه هو ما الحل في هذه الحالة .
الحل هنا ليس بالصعب وليس بالمعجزة ونمتلكه جميعاً لكن هل نطبقه ونؤمن به حتى تسكن نفوسنا وتهدىء أنفسنا وتنام عيوننا .
أولاً : مأ صابنا لم يكن ليخطئنا والعكس صحيح كما جاء في الحديث . اذ نسلم بأن كل ما يجري لنا مقدراً فلماذا القلق والخوف ؟
ثانيا : اللجوء إلى الله في السر والعلن كن مع الله يكون معك دائما ً ولو عدنا إلى صفحات التاريخ وقلبناها إلى الخلف قليلا لوجدنا هذا بين صفحاته , فهناك يونس عليه السلام وموسى عليه السلام وكذلك قصة الحسن البصري مع الحجاج بن يوسف , ولنا أن نأخذ العبرة منهم . في تحملهم للهموم وعدم التضجر
ثالثا : السعي والعمل في إزاحة هذه الهموم , فأنت لاتستطيع أن تطرد طيور الهم من التحليق حول رأسك ولكن بإمكانك أن لاتدعها تعيش في رأسك وبالتأكيد دون أن نحمل أنفسنا ما لاتطيق وفوق طاقتها فالله سبحانه لايكلف عباده مالا يطيقون فلماذا نحمل أنفسنا ما لانطيق إذا نبذل ما يمكن دون إفراط أو تفريط .
أخيرا ً قد يفسر البعض ما ذكرته بأنه دعوة للتكاسل والاستسلام فيما لأن لكل واحد نصيباً معلوماً في هذه الدنيا الأمر بالتأكيد ليس كذلك بل يفترض أن يكون لدينا همة عالية لاتساويها الجبال ولا لبحار صحاب الهمم العالية فأظن أن كل صاحب همة لم يصل لمبتغاه ألا بهذه الأمور وهذه القواعد التي بالتأكيد ليست جديدة عليكم ولكن الأمر يحتاج إلى التذكير حتي على الأقل لانجد من يحسد المجانين على عالمهم الخاص .