فى عودته _ مر بالقرية _ قاصدا صومعته ألتف من حوله أهلها
وحدثه كبيرهم قائلا له :
ياحكيم الزمان ساعدنا فى القرية رجل ظالم يسرق مالنـــــــــا
وزرعنا ويعذّب شبابنا ويتطاول على حرماتنا ولا حيلة لنا معــــه
ولا قدرة لنا على وقف شراسته وأطماعه وحماقاته.......
دلّنا ياحكيم الزمان على ما نفعله معه حتى يرجع عنا......
قال الحكيم فى هدوء :
الغذاء الذى يقتات به منكم.... لابد أن يتغيّر
وصرخ رجل من بين الحضور بأعلى صوته قائلا :
أى غذاء ؟ نحن لا نبعث اليه غذاء... كيف نفعل ذلك مع رجل
نكرهه جميعا ونمقته وفى شوق الى اليوم الذى نتمكن فيه
منه حتى نغرس أسناننا فى عنقه ونرتشف دمه ......
قال الحكيم : هو يعشق هذا الغذاء وبه تزداد سطوته عليكم
ألتفت كل منهم الى الاّخر فى تعجب وقالوا فى رجاء
دلّنا على الغذاء الذى لا يحبـــــه ؟
صمت الحكيم قليلا .. ثم استطرد قائلا :
لا شىء غير الحــــب ..
وتعالت الصيحات والصرخات وعبارات الاستنكار ورددوا فى غضب
كيف تطلب منا هذا ؟ كيف نحب سارقنا وظالمنا ......
ولم يهتز الحكيم وردد على مسامعهم أية من ألقرأن ألكريم
ان الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
انفضوا من حوله وعادوااليه و التفوا من حوله جادلوه وجادلهم
حاوروه وحاورهم اشتدوا عليه وأغلظوا فى قولهم ورفضوا قبول
نصحه وصبر عليهم ولم يهتم بغضبهم وكانت كلماته مصحوبــــــــه
بالاقناع لذا كانت توجعهم وتريحهم رغبة فى تحقيق مايرغبون فيه
وظل الحال مابين اقناع ورفض وقبول وعدم قبول واشتد الخلاف
فيما بينهم وتعالت صرخاتهم وأخيرا عم الهدوء بعد أن أتفقوا والتفوا
من جديد حول الحكيم.. وقال كبيرهم :
علّمنا كيف نحب ..... هذا الرجل .
وكانت التجربه شاقه ولكنها ممكنه ان الطريق ليس لمن سبق
ولكن الطريق لمن صدق.
الحكيم بينهم يتفحص ويتابع وينصح ويرشد ويعلّم ويستمع ويقول
وكانوا فى سلوكهم وطاعتهم صادقين . لذا أشرق فى داخلهــم
الذى كان فى يوما ما يجهلون أمره.....
ومرّ الحكيم بهم يوما وسأل كبيرهم:
ما حال الرجل الظالم بالقريـــــــة ؟
قال فى رضا : مالنا وماله ندعوا له بالغلبة على نفسه حتى يرى
مانرى ويسمع مانسمع ونبعث اليه دوما طوفان من الحب حتــــى
يتطهر . ان مابين أيدينا لو علمت الملوك به لجالدتنا عليه بالسيوف.
وطاف المنادى يجوب شوارع القريه معلنا على الملأ بأعلى صوته
وفـــــاة الرجل الطاغية .....
وقال الرجل : لا ارادة لنا فى موته ولا رغبة لنا فى ذلك.
قال الحكيم :ليس عنده مايقتات به ،
قال الرجل : بعثنا اليه طوفان من الحب .
قال الحكيم: ليس هذا مايرغبه من غذاء
قال الرجل: ما كان يقتات به من عندنا ماعاد لدينا منه شىء .
قال الحكيم؛ لذا انتهت رحلته على ألارض .......
**************