اعضاء المنتدي الكرام بعد التحيه والسلام شدني مقال وحبيت الكل يطلع عليه للاهميه
اخواني اعضاء المنتدي بعد التحيه والسلام
حبيت اطرح عليكم موضوع مهم للغايه :


العنوان (عسل الصلاح)

الكاتب/عبدالله بن بخيت/جريده الرياض


زميل من زملاء الدراسة الجامعية. كان طالباً مرحاً ولبقاً ورغم انه من مواليد المملكة لا يمكن تخطئ لهجته الفلسطينية. كان بارعا في كل شيء إلا الدراسة فتخرج بدرجة مقبول. اختفى من حياتي لألتقيه في أواخر التسعينات. فجعت من مظهره. لحيته أشد كثافة من لحية فرويد. عرفني ولم أعرفه وقال بمرحه المعهود. هذا الأكل متاكل من أبل. كانت نكتة خاصة بطلبة كلية الآداب. لم تتفق النكتة التي قالها مع اللحية العظيمة. فقرر أن يبدد استغرابي. الحمد الله هدانا الله والتزمنا. متى إن شاء الله تعود إلى دينك ونشوفك من أهل الخير والصلاح. فقلت له أنا لم أخرج من ديني كي أعود إليه ومن أهل الصلاح دائما. دعاني للالتحاق بالصحوة من باب كسب الأجر لا كسبي لأنه يعرفني جيدا. افترقنا بعد أحاديث متفرقة. مضت السنين لألتقيه مرة اخرى. لا اعرف هل هو الكبر الذي قصر لحيته أم تغير الزمان. لم استطع أن اخفي فضولي من تقلبات لحيته.. فقال ضاحكا: بتلك اللحية جمعت أكثر من مليون وسبع مئة ألف ريال في ثلاث سنوات. ضحك وطلب مني أحزر.. فقلت: لا يستطيع الإنسان أن يجمع هذا المبلغ في هذه الفترة القصيرة إلا مفسر أحلام أو راقٍ أو من أعمال إجرامية.

بعد ان تخرجت وجدت صعوبة في الحصول على عمل يليق بشهادتي. فتحت بقالة مع صديق سعودي. كان مشروعا مربحا ولكنه متعب ويسبب الصداع ويستهلك الوقت. عليك أن تفتح المحل من بعد صلاة الفجر إلى منتصف الليل. كنت راضيا بالأرباح. كانت تعادل أكثر من راتب أي وظيفة سوف احصل عليها. مشت الأمور إلى أن جاء ذلك اليوم. خرجت من المسجد بعد صلاة الجمعة. وقفت عند الباعة المتحلقين في الساحة. هذا يبيع سبح وهذا ييبع مساويك وهذا يبيع شمغ وهذا يبيع عسل وهذا يبيع ملابس داخلية إلخ. لاحظت أن البيع كان حاميا. عندما عدت إلى البقالة ناقشت الأمر مع شريكي السعودي. كيف نستفيد من البيع بعد صلاة الجمعة. قلبنا الأمر لم نجد ما ينفع للبيع امام المسجد سوى العسل. لكن العسل في بقالتنا مستورد من ألمانيا. العسل المعروض أمام المسجد مكتوب عليه (بخط اليد) طائفي حضرمي بري إلخ. يوم الجمعة التالي اشتريت مرطبان مكتوب عليه عسل حضرمي. كلفني مائتين وخمسين ريالا. أخذته للبقالة وقارنته بالعسل الألماني. لم أجد أي فرق. تناقشنا مطولا أنا وزميلي السعودي. اشتريت عشر زجاجات فارغة متنوعة الأحجام. ذهبت لليورمورشيه واشتريت مثلها من أنواع العسل المختلفة. قارورة العسل الواحدة كلفتنا ثلاثين ريالا. أفرغنا العسل في المرطبانات. الفاتح كتبنا عليه طائفي والغامق كتبنا عليه حضرمي والفاتح قليلا كتبنا عليه جنوبي. أخذت مرطباناتني معي لصلاة الجمعة. المرطبان الذي كلفني ثلاثين بعته بمئة وخمسين ريالا. لم يستغرق البيع أكثر من ساعة حققنا مبيعات بألف ومئتين ريال. ثم قال: يبدو أنك خمنت النهاية. بعد شهر قلبنا البقالة إلى مبيعات عسل فقط وامتثالا لشروط المهنة كثفنا اللحى وتعرفنا على أسماء العسل الشعبية وصرنا نقسمه إلى قسمين كغيرنا. عسل مقري عليه وعسل غير مقري عليه. تعرفنا على زميل من أهل الخير والصلاح سبقنا إلى هذه التجارة منذ سنوات. بلغ به الصلاح أن اشترى ثلاث عمائر في الدقي واثنتين في القاهرة في غضون خمس سنوات.. صار يموننا بالعسل بسعر أقل من سعر اليوروماشيه. علمنا كيف نبيع الشريط الإسلامي وبعض الكتيبات المفيدة للشباب. كان يبيع العسل والشمغ والحبة السوداء والماء المقري عليه والشريط الإسلامي والكتب الصغيرة، وفي الليل كان يجلس في استراحة استأجرها ليقرأ على الناس. يخرج من أجوافهم الجن والعفاريت والضيقة ويفك عن الناس أعتى انواع السحر (جزاه الله خيرا).

قلت ما الذي أجبرك أن تترك هذا الخير الوفير. صعقني عندما قال أنت وأمثالك. فقلت هل فتحنا عليكم عين الحكومة، قال أبدا فتحتوا علينا عيون النصابين. صار كل إنسان يفتح محل عسل أو يقرأ على الناس. حتى اصحاب الليموزينات تركوا تكاسيهم ونافسونا. تدني الربح حتى أصبحت تجارة العسل وبقية عدة الصلاح غير مربحة. صرت أدعو على جون لوك. فسألته لماذا جون لوك. فقال أليس هو من اخترع الليبرالية. فضحكنا حتى انقلبنا على ظهرينا واكتشفت أنه مازال على مرحة القديم. لله دره.