في زمن أصبح فيه عمل المرأة والدراسة يستحوذان على جلّ وقتها
الرجل يقتحم باب المطبخ مكرهاً بعدما هجرته الزوجة متعللة بذرائع شتى
تغير الزمن كثيرا فبعد أن كانت المرأة لا تفارق المطبخ وكل شيء يخرج منه يكون من صنع يديها، إلا أنها الآن لا تعرف ما يحدث فيه، بل أصبح الرجل هو من يعد الوجبات الغذائية..، هكذا بدأ محمد إبراهيم كلامه مشيرا إلى أنه قبل الزواج كان لا يدخل المطبخ أبدا، وما يطلبه يأتيه إلى حيث هو جالس، وكانت الوالدة هي من تطبخ وتقوم بكل الأمور ولكن بعد الزواج أصبحت أدخل المطبخ أكثر من زوجتي وأعرف الموجود والناقص في المطبخ أكثر من زوجتي.
وأشار إلى أن بداية تعرفه إلى عالم المطبخ بدأت مع مرض زوجته أثناء فترة الحمل، حيث كان يقوم بمساعدتها خوفا عليها، لكنه - على حد قوله - لم يكن يعرف أن ذلك سيستمر حتى بعد شفائها، إذ أنها نسيت أن هناك مطبخاً فأصبح بعد ذلك يطبخ لنفسه ويعد الوجبات المنزلية إذا كانت غير موجودة أو متعبة وأعمل الشاي بنفسي إذا كانت نائمة وهكذا حتى أصبح يدخل المطبخ أكثر منها.
ويؤكد فيصل الصالح كلام محمد إبراهيم حيث يقول: لم أكن أطبخ إلا في الكشتات مع الشباب في الخارج، أما في البيت فإنني لا أعرف المطبخ، ولكنني انتقلت إلى ملحق خاص بي في البيت، وأصبحت أعتمد على نفسي، لأنني أفضل أن يتعب جسدي ولا يتعب لساني وقلبي من كثر ما أنادي وأطلب شيئا أو طعاما، وقد أصبحت أطبخ لنفسي أحسن من أي امرأة، حيث تعلمت إعداد جميع أنواع الأكلات من خلال كتب الطبخ. مشيرا إلى أن البنات في هذا الزمن أصبح اهتمامهن فقط في اللباس وآخر الأزياء و الذهاب إلى الأسواق وقصات الشعر وأنواع الجوالات فقط.
وتؤكد ذلك سمية عسيري، حيث تقول:" لم أدخل المطبخ أبدا في حياتي قبل الزواج إلا نادراً، مثل أن أشتهي شيئاً أو افتح الثلاجة لأرى ما فيها فقط، أما أن أمسك شيئاً في المطبخ فهذا مستحيل حيث كان لدينا خادمتان في البيت، ولكن تغير الوضع بعد الزواج، فعرفت طريق المطبخ فترة سنة أو أقل من ذلك لأثبت لزوجي إمكانياتي الكثيرة وكنت أتصل بأمي وآخذ منها الوصفات، وأبحث عن كتب الطبخ ولكن بعد فترة من الزواج بعد أن عرفته وعرفني أكثر اقترحت عليه أن يلغي المطبخ من البيت أو أن يتركه مجرد ديكور، وبالفعل قمنا ببناء مطبخ خارجي في فناء المنزل، واستقدمنا طباخاً يقوم بإعداد جميع أنواع الأطعمة.
ويقول خالد الأحمد: الرجل يهتم بالمطبخ لأن سعادته في معدته أما المرأة، لا سيما في الفترة الأخيرة، فهي لا تهتم إلا برشاقتها، لذلك أصبح هناك ما يشبه حالة العداء ما بينها وبين المطبخ لأنها لا ترمي إلا إلى التخفيف من الأكل بل وتحرم نفسها من بعض الوجبات والمأكولات لأنها مصرة على حفاظها على رشاقتها.
ويرى أستاذ الدراسات الإعلامية الدكتور عيسى القايدي: أن تغير العديد من العادات والتقاليد الاجتماعية داخل المجتمع السعودي، بسبب المدنية والطفرة التي شهدها المجتمع طوال العقود الخمسة الماضية،هو المسؤول بطريقة ما عن تغير النظرة إلى علاقة كل من الرجل والمرأة بالمطبخ. فبعدما كانت النظرة التقليدية السابقة تنحصر في اعتبار أن المنزل هو مملكة المرأة وعالمها الخاص تقوم بالاهتمام والعناية به من مختلف الجوانب، وأن المطبخ يشكل عالما خاصا جدا بالمرأة تتولى كل شؤونه وفي مقدمتها صنع الطعام للزوج ولأفراد الأسرة، تغيرت هذه النظرة بشكل كبير نتيجة خروج المرأة للعمل ومشاركتها للرجل في تطوير وتنمية المجتمع وخوضها العديد من المجالات التعليمية والصحية والثقافية والإعلامية والاقتصادية، وما نتج عن ذلك من استقدام للخادمات اللاتي أصبحن يشاركن المرأة في عمل المنزل وفي
مقدمتها المطبخ.
ويشير الدكتور القايدي إلى أن من أهم الأسباب التي أدت إلى تغيير النظرة حول علاقة الرجل بالمطبخ ما تقدمه لنا وسائل الإعلام الوافدة من كل أنحاء الدنيا وما تطرحه من نماذج لرجال يقومون بمساعدة فاعلة للمرأة في المطبخ سواء في غسل الصحون أو صنع الطعام بمختلف أنواعه بل وصل الأمر إلى توزيع العمل داخل المطبخ بين الرجل والمرأة.
وأضاف الدكتور القايدي كل هذه العوامل أدت إلى مراجعة الرجل لدوره في المطبخ وتغيير نظرته نحو مشاركته لزوجته في أعمال المطبخ فقام البعض بهذا الدور انطلاقا من قناعته بأهمية المساعدة والمشاركة وقام به البعض الآخر للضرورة وانشغال المرأة كأن يعمل لنفسه كوبا من الشاي أو العصير أو يقوم بتحضير أو صنع الطعام لنفسه. كما ظهرت أيضا هوايات ومواهب لبعض الرجال في صنع أنواع معينة من الطعام أو العصائر أو غيرها.
رد مع اقتباس
