النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: التعميم في الحكم

  1. #1

    مشرفة سابقة

    الصورة الرمزية نور الإيمان
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    6,900

    التعميم في الحكم

    ظاهرة منتشرة تشيع في أوساط الناس، وتتغلغل في كثير من الطبقات، تلكم هي ظاهرة التعميم. ولأجل أن يتحدد الموضوع، وينحصر فإنه يحسن أن يقال: ظاهرة التعميم في الحكم. هذه الظاهرة تأخذ صوراً شتى، منها التعميم في الحكم على الأشياء؛ أو الحكم على الأشخاص، أو الحكم على الأفكار، أو الحكم على البلدان، أو حتى الحكم على الأسماء إلى غير ذلك من صور التعميم.

    ولا ريب أن التعميم في الحكم ليس من مسلك العقلاء الباحثين عن الحقيقة الذين يبنون أحكامهم على دراسة متأنّية، ونظرة شاملة، وعدل وإنصاف بعيداً عن العجلة، والمجازفة، وغلبة الهوى. فصحّة التفكير، والحكم على الأشياء، وجودة التصور والتصديق ليست منوطة بموهبة الذكاء، بل هي منوطة بتربية النفس منذ الصغر على حب الخير والحق، والتجرد من الشرور والأهواء، واهتمام بإدراك الأمور من جميع وجوهها، وإدراك الفروق بين المشتبهات عند التباسها.

    وإذا تربّى الفكر منذ الصغر على صحة التفكير نشأ صاحبه سديد الحكم، محباً للحق سواء كان له أو عليه. وإذا كانت الثانية بات الرجل وليس فيه من الرجولية إلا اسمها.

    قال الله جل وعلا: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ}، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}، وقال:{وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} .

    قال ابن حزم -رحمه الله-: "وجدت أفضل نعم الله تعالى على المرء أن يطبعه على العدل وحبه، وعلى الحق وإيثاره. وأما من طبع على الجور واستسهاله، وعلى الظلم واستخفافه، فلييأس من أن يصلح نفسه، وأن يقوم طباعه أبداً، وليعلم أنه لا يفلح في دين ولا خلق محمود".

    وقال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور -رحمه الله-: "والعدل مما تواطأت على حسنه الشرائع الإلهية، والعقول الحكيمة، وتمدَّح بادعاء القيام به عظماء الأمم، وسجلوا تمدُّحهم على نقوس الهياكل من كلدانية، ومصرية، وهندية. وحسن العدل بمعزل عن هوى يغلب عليها في قضية خاصة، أو في مبدأ خاص، تنتفع فيه بما يخالف العدل بدافع إحدى القوتين: الشاهية، والغاضبة".

    ومن أجلى صور التعميم مما مر ذكره إجمالاً التعميم في الذم، فتجد من الناس من يغلب عليه جانب المبالغة في إطلاق الأحكام؛ فتراه يعمم الحكم في ذم قبيلة، أو أسرة، أو جماعة، أو اسم من الأسماء، أو فكرة من الأفكار دونما بحث أو تحرٍّ أو إنصاف.

    وهذا التعميم قد يزري به عند العقلاء، وقد يوقعه في حرج دون أن يتنبه له؛ فقد يكون من بين الحاضرين من يتناوله ذلك الذم العام الظالم؛ فلا يتنبه له المتكلم أو الكاتب إلا بعد أن تقع الفأس بالرأس.

    بل ربما عرَّض ذلك الذامُّ المعممُ نفسه للإساءة، فقد يسيء بصنيعه إلى شخص غضوب لا يتحمل الإساءة، فيقوده ذلك الصنيعُ إلى الإساءة أو التشفي، وردِّ الإساءة بمثلها أو أشد.

    ولهذا كان من الأهمية بمكان أن يتفطّن المرء لهذاالأمر، وأن يتحفظ من سقطات لسانه، وكبوات يراعه، وأن يتجنب كل ما يشعر بأدنى إساءة أو ظلم لمن لا يستحقه؛ فذلك أسلم له، وأحفظ لكرامته، وأقرب لتقواه لربه.

    قال ابن المقفع: "إذا كنت في جماعة قوم أبداً فلا تعُمَّنَّ جيلاً من الناس، أو أمة من الأمم بشتم ولا ذم؛ فإنك لا تدري لعلك تتناول بعض أعراض جلسائك مخطئاً؛ فلا تأمن مكافأتهم، أو متعمداً؛ فتنسب إلى السفه. ولا تذمن مع ذلك اسماً من أسماء الرجال، أو النساء بأن تقول: إن هذا لقبيح من الأسماء؛ فإنك لا تدري لعل ذلك غير موافق لبعض جلسائك، ولعله يكون بعض أسماء الأهلين، والحُرُم. ولا تستصغرن من هذا شيئاً؛ فكل ذلك يجرح في القلب، وجرح اللسان أشد من جرح اليد".

    وبناء على ما مضى فإن التحرّي، ولزوم العدل، والسلامة من الهوى من أوجب ما يجب على المتكلم أو الكاتب؛ فلا يليق به أن يؤسس قاعدة عامة يبني عليها حكماً كلياً بسبب خطأ، أو سوء تصرف بدر من أحد أفراد ذلك العموم.

    وقد يكون ذلك العموم يحمل قاسماًًَ مشتركاً من ذلك الحكم، ومع ذلك فإنه يحسن التحري إذا أريد الحكم على واحد بعينه؛ فإن الجمع المرادَ ذمُّه قد يكون فيه خطأ أو ظلم، ومع ذلك فإن الخطأ والظلم قد يتفاوت قلة وكثرة.

    ولعل من أسباب تلك الظاهرة قِصَر النظر؛ فبعض الناس قد يمر بموقف ما، سواء من أهل بلد أو طائفة، فيجعله ذريعة لتعميم النَّيْل من أهل ذلك البلد أو من تلك الطائفة، وغاب عنه {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وأن {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} .

    منقول للفايده ختمه

  2. #2
    ~ [ المديـــر العـــام ] ~
    الصورة الرمزية خــــالـــــد
    تاريخ التسجيل
    Jan 2004
    الدولة
    الريـاض
    المشاركات
    57,989
    [align=center]
    ختمة

    جميل جداً موضوعك والذي يمسّ حال الكثير من أفراد هذا المجتمع

    حيث تغلغلوا كثيراً في صفة " التعميم " والذي أصبح على لسان كل شخص

    وذلك بـ إطلاق الأحكام على المجموعة من خلال التعميم

    التعميم لا يصلح بأن يكون معيار لـ الحكم لأن المعيار يجب أن يخضع لأمور معية ودقيقة

    والتعميم يخالفها تماماً

    شكراً لك

    [/align]




    [email protected]



    حياكم بتويتري
    kdosary

    أنت الزائر رقم :

  3. #3
    ~ [ نجم ماسي ] ~ الصورة الرمزية ســـامـــر
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    جــدة
    المشاركات
    960
    شكرا لك أختنا الكريمة ختمة على هذا الموضوع الجميل

    فعلا ... التعميم أمر سيء و أذكر أنني قرأت لأحدهم يصف التعميم بأنه حكم الأغبياء .

  4. #4
    زمان الصامت الصورة الرمزية رمسون
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الدولة
    الرياض ..&*&
    المشاركات
    2,581
    ختمة شكرا لك على النقلة اللمتازة اصبتي في اختيار الموضوع
    [

  5. #5

    مشرفة سابقة

    الصورة الرمزية نور الإيمان
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    6,900
    خــــالـــــد
    ســـامـــر
    رمسون
    وجزاكم الله خيرا
    شاكره لكم مروركم
    اختكم ختمه

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. تفريد التعليم / التعليم الفردي
    بواسطة لمياء الديوان في المنتدى طرائق التدريس في التربية الرياضية وتكنولوجيا التعليم
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 09-01-2011, 12:49 AM
  2. عدت اليكم وكلي شوق اليكم
    بواسطة سعد النخيش في المنتدى منتدى الاستقبال واخبار الأعضاء
    مشاركات: 32
    آخر مشاركة: 28-08-2006, 11:40 PM
  3. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 15-02-2006, 02:08 PM
  4. منع التظليل في السعودية
    بواسطة شعاع الحزن في المنتدى منتدى الأخبار
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 22-10-2004, 03:08 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •