السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم :

بادئ ذي بدء أتقدم إليك بالاعتذار عما يظنه بعض الناس دخولاً فيما لا يعني ، أماأنا فأعدّه من النصيحة الواجبة التي ينبغي أن تكون للقريب قبل البعيد ، ولولامحبتي لك وحرصي على نجاتك ما كتبت لك حرفاً واحداً

لقد عجبت كثيراً وتأثرت جداً عندما علمت (أنك تتعامل بالربا / أنك من المساهمين في بعض البنوك الربوية) مع أنه لا يخفى على شريف علمك (أن الربا من الموبقات / أنالمساهم ما هو إلا واحدٌ ممن تتعامل البنوك بالربا بأموالهم) وذلك عند الله عظيم

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : لم يرد في الشرع وعيدٌ على شئ من الكبائر كماورد في شأن الربا !!

ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اجتنبوا السبع الموبقاتقالوا : وما هن يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلاتالمؤمنات ) ( متفق عليه )

وقد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال : هم سواء ) أخرجه الإمام مسلمفي صحيحه برقم ( 1598 )

وعن سمرة بن جندب رضي اللهم عنه قال : قال النبي صلى اللهم عليه وسلم :
رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر مندم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهرفإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فمه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فمه بحجر فيرجع كما كان ، فقلت ما هذا ؟؟

فقال : الذي رأيته في النهر آكل الربا . رواه البخاري برقم (1979)

وثبت من حديث عبدالله بن حنظلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( درهم رباً يأكله الرجل ، وهو يعلم ، أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية )

أخرجه الإمام أحمد والطبراني، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ( 3375 )

وفي حديث أبو هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (الربا سبعون حوباً أيسرها أن ينكح الرجل أمه )

( أخرجه ابن ماجه في سننه وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ( 3541 )

ومما سبق يتبين لنا أن الأمر جلل وأن الموفق هو من وقف عند حدود الله ، كما قال عزوجل بعد ذكر آيات تحريم الربا في سورة البقرة :
{ فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ}

أما من لم يتب عن ذلك ، فقد قال عز وجل :
{وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (275)سورة البقرة

فهذا والله من أعظم أنواع الوعيد ، أسأل الله لي ولك العافية

وفي هذه الآية فائدة مهمة جداً هي من فضل الله ورحمته ألا وهي :

أن من تاب من الربا فإنه لا يلزمه أن يتخلص من أمواله التي نتجت عن تعاملاته السابقة ، بل عليه أن يتوقف من لحظته عن الربا أما أمواله السابقة فإنها حلال له حتى وإن كانت أموالاً ربوية ، وهذا من رحمة الله وفضله وإحسانه ، وفي ذلك ترغيب في التوبة من الربا كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

أخي الكريم :

بلغني أن بعض من نظن بهم البعد عن الحرام ، أنه لم يدخل في هذه المعاملات المحرمةإلا لوجود من يُفتي بجواز الربا في الأوراق النقدية ، وهذه شُبهة عظيمة الضرر ولاحول ولا قوة إلا بالله

والجواب على ذلك أن من يُفتي بالجواز هم شرذمة قليلة من غير المؤهّلين ، بينمايُفتي بالتحريم جُل علماء الأمة كهيئة كبار العلماء السعودية، وأعضاء مجمع الفقه الإسلامي وهم عشرات العلماء من مختلف بلاد الإسلام، ومئات العلماء الأزهريين ،ومئات العلماء من مُختلف بلدان الدنيا ، كلهم يقررون أن تلك التعاملات إنما هي عين الربا التي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم تحت قدمه

فأين أولئك القلة القليلة من المُبيحين من تلك الكثرة الكاثرة من المُحرِّمين ؟

ثم إن بعض أولئك المُبيحين ليسوا ممن عُرف بالعلم والخشية والورع ، نسأل الله لناولهم الهداية

ختاماً : أكرر ما بدأت به من الاعتذار ، لكنها كلمات خرجت من قلبٍ محبٍ مُشفق ،أسأل الله أن تكون في ميزان حسناتنا جميعاً

والله يحفظك ويرعاك