التعليم المبرمج " Programmed Teaching"

مفهوم التعليم المبرمج
يعد التعليم المبرمج من الطرائق التربوية المنهجية التي قامت على اسس تجريبية, وتستهدف الوصول الى نظام فعال في تقديم المعلومات والمفاهيم للمتعلم وضمان استيعابه عن طريق ما يقوم به من النشاطات الايجابية، بالتصحيح الفوري للاستجابة، وتسلسل الخبرة. لذلك لاقت هذه الطريقة نجاحا وتقدما منذ اللحظة الاولى التي قدم فيها عالم النفس الامريكي "سكنر" (skinner)هذه الطريقة, إذ بدأ المربون والعاملون في مجال البحث التربوي بإخضاع برامج متعددة في مختلف المواد الدراسية للتجريب والتطبيق لتحسين طرق التعلم ونوعيته . (الحيلة،2003، 309)
وقد أشار (سالم،2001) ان التعليم المبرمج هو أسلوب التعلم الذاتي، ويعتبر من
"أول الاستراتيجيات العلمية في تفريد التعليم، بمعنى انه يمكن للمتعلم ان يعلم نفسه بنفسه، ويسير في تعلمه بالسرعة التي تناسب قدراته و استعداداته أي وفقا لسرعته الخاصة، بمعنى انه أسلوب يراعي مابين المتعلمين من فروق فردية، كما انه أسلوب يستخدم في تعليم مجموعات كبيرة من المتعلمين.
وقد أسَهم التعليم المبرمج في تغيير دور المعلم والمتعلم، فأصبح دور المتعلم أكثر صعوبة بسبب المسؤوليات التي فرضت عليه، إذ أصبح أكثر مشاركة وايجابية، واقل اعتمادا على المعلم، كما أصبح دور المعلم مرشدا وموجها للمتعلم، وقد يوضع البرنامج في"آلة تعليمية أو كتاب تعليمي مبرمج" . (سالم،2001، 125)
ويرى (الفتلاوي، 2003) " أن التعليم المبرمج هو ذلك النوع من الخبرة التعليمية التي يحل فيها البرنامج محل المعلم فيقود المتعلم الى مجموعة من السلوكيات المقصودة والمتابعة بشكل ذاتي الذي يأخذ فيه المتعلم دورا ايجابيا وفعالا ويقوم فيه البرنامج بدور الموجه نحو أهداف معينة".
(الفتلاوي،2003، 147-148)
ويذكر( زغلول، 2003) بان التعليم المبرمج " تقوم فكرته على تجزئة المادة التعليمية الى وحدات جزئية يشكل كل منها إطارا يشتمل على فكرة معينة في الغالب وتكون على شكل سؤال، ويتطلب هذا النوع من التعليم تفاعل المتعلم مع المادة الدراسية المباشرة دون الحاجة إلى تدخل المدرس على نحو مباشر بحيث يقتصر دور المدرس على تحديد مصادر التعلم والتوجيه والإشراف فقط، ويقوم المتعلم بتحقيق أهداف التعلم خطوةً خطوةً على وفق تسلسل معين، اذ عليه الاستجابة إلى كل سؤال في البرنامج وتتبع استجابته عادة بنوع من التغذية الراجعة بحيث لا يسمح له بالانتقال إلى السؤال التالي ما لم يتقن السؤال الأول " . (الزغلول،2003، 99)

ـ1ـ2ـ2 مبادئ التعليم المبرمج
تقوم هذه الطريقة على عدد من المبادئ :
• تحديد السلوك النهائي وتحليل المهمة التعليمية إلى مكوناتها الفرعية :
يشتمل هذا المبدأ على فكرتين أساسيتين، هما السلوك النهائي الذي هو تحديد السلوك الذي سيظهره الطالب عند انتهائه من تعلم مهمة معينة، وتحليل المهمة وهي تجزئة المهمة المطلوب تعلمها إلى مكوناتها الفرعية, أو الثانوية، وترتيبها على شكل خطوات متسلسلة، يقوم الطالب بتعلمها بحسب التسلسل المحدد، حتى يصل إلى الهدف أو السلوك النهائي المراد تعلمه.
• الهدف أو السلوك النهائي المراد تعلمه :
يهدف هذا المبدأ إلى تسهيل تعلم الطالب، وتجنبه الإخفاق إلى حد كبير، وكذلك اكتشاف الخطأ عند وقوعه وتحديده في أضيق نطاق، لان الطالب لا ينتقل من خطوة إلى أخرى، إلا بعد أن ينجز بدقة الخطوة السابقة، و بعبارة أخرى: إنّ هذا المبدأ يشير إلى ضرورة إتقان المهمة السابقة لتعليم المهمة الجديدة وإتقانها.



• تقوية التغذية الراجعة الفورية وتعزيزها :
يتميز التعليم المبرمج بتزويد الطالب بتغذية راجعة مباشرة لكل خطوة يخطوها في أثناء تعلمه،ويقصد بالتغذية الراجعة الفورية إخبار الطالب بنتيجة تعلمه فورا سواء أكانت صحيحة أم خاطئة, فإذا كانت إجابته صحيحة، فان ذلك يثبت التعلم لديه، ويؤكده، اما اذا كانت استجابته خطأ فأن تصحيح الاستجابة الخطأ فوراً يتيح له اجراء التغيير اللازم في اجابته وتصحيحها قبل ان ينتقل الى خطوة آخرى.
• السرعة الذاتية في التعليم :
يتيح التعليم المبرمج للطالب الحرية لكي ينتقل من خطوة إلى أخرى، بحسب قدرته، وسرعته الذاتية في التعلم، وهذا السبب يجعل طريقة التعليم المبرمج طريقة ذاتية, لتفاوت الفروق بين الطلبة في سرعة تناولهم لمحتويات البرنامج، ويعمل هذا المبدأ على استثارة دافعية الطالب للتعلم.
• الاستجابة الفاعلة والمشاركة الايجابية :
يتطلب التعليم المبرمج من الطالب التفاعل مع الوقف التعليمي الذي يحيط به، فالطالب مضطر لأن يجيب عن كل سؤال او بند، يطرح عليه، إجابةً كتابية، او شفوية، وعلى الطالب ان يتأكد من إجابته عن كل سؤال، قبل أن ينتقل الى السؤال الذي يليه.
• تجريب المواد المبرمجة وتطويرها(تقنين البرنامج) :
قبل ان يستخدم اى برنامج بصورته النهائية على الطلبة، يتعرض لعدة إجراءات للتأكد من فاعليته،وقدرته على تحقيق أهدافه، ومن هذه الإجراءات تطبيق البرنامج المعد بصورته الاولية على عينة تجريبية صغيرة من الطلبة، وعلى ضوء نتائج التطبيق الأولي، تحلل النتائج لمعرفة سهولة الأسئلة من صعوبتها، و ملاءمة صيغتها لمستوى الطلبة، بعد ذلك يعدل البرنامج على ضوء الملاحظات السابقة، ليصبح جاهزا للاستخدام الفعلي.
• التقويم الذاتي للمتعلم :
يساعد التعليم الذاتي الطالب على اكتشاف أخطائه بنفسه وذلك من خلال الإجابات التي يوفرها البرنامج عن كل سؤال, ويسهل التعليم المبرمج عملية تشخيص الصعوبات التعليمية التي يواجهها الطالب في تعلمه, ويصف العلاج المناسب لها, ويضاف إلى ذلك، فان معيار النجاح في البرنامج هو سلوك الطالب نفسه، ومدى تحقيقه لأهدافه.
• الأهداف السلوكية الخاصة :
يعنى التعليم المبرمج بصياغة الأغراض التعليمية بعبارات سلوكية توضح ما يستطيع المتعلم عمله، بعد الانتهاء من البرنامج. ومما يجدر ذكره ان كل برنامج يبدأ بتحديد الأهداف السلوكية الخاصة به, حتى يستطيع الطالب ان يوجه جهود تعلمه نحوها .
• الإثارة :
وتعني إثارة اهتمام الطالب، وحماسته، وتجديد رغبته في العمل، وذلك يتطلب الاستجابة الصريحة باستمرار. ويزود البرنامج الأطر في المادة المبرمجة بفراغات، ويطلب من الطلبة كتابة إجاباتهم في هذه الفراغات ثم موازنة هذه الإجابة الصريحة الموضوعة في البرنامج، وبذلك تظهر الإجابة الصحيحة بشكل فوري متتابع, ويعمل الطالب بشكل مستقل وفردي.

• التكيف :
ويعني أن تتفق المادة في مضمونها، وكمها، وكيفها، مع قدرات المتعلم.

• المواد التعليمية المبرمجة، والآلات :
يستخدم التعليم المبرمج مواد تعليمية مبرمجة، تعرض عن طريق آلات تعليمية، أو أجهزة حاسوبية، وقد تكون المواد مطبوعة في كتاب او مسجلة على أشرطة سمعية، أو مرئية معينة.

• التعلم الذاتي :
يستخدم التعليم المبرمج مواد، وإجراءات وأدوات تكون فيما بينها برنامجا في التعلم الذاتي. والبرنامج هو خطة محكمة لعمل منسق، او سلسلة من العمليات المعدة سلفا، تشكل في مجموعها عملية تعليمية متكاملة، اما التعلم الذاتي، فيعني ان المرء يتعلم بعمله وسرعته الذاتية.
(الحيلة،2003، 311-313 )

خطوات تصميم و إعداد البرنامج التعليمي المبرمج
يحتاج اعداد البرنامج الى جهد, ووقت كبيرين, فالبرنامج الجيد يتطلب عناية فائقة في تحديد الأهداف، والمحتوى، وطريقة الأطر وتنظيمها بشكل متسلسل من السهل الى الصعب. وتمر عملية تصميم البرنامج بمراحل متعددة حتى يصل البرنامج الى صورته النهائية, وهذه المراحل هي:
• تحديد الفئة المستهدفة :
يجب ان تتناسب المهمة مع مستوى الطلاب الذين سيعد لهم البرنامج ليكون بمقدورهم التعامل معه والتعلم من خلاله والانسجام مع أطره.
• تحديد المادة التعليمية :
يفضل عند اختيار مادة البرنامج التعليمية أن تكون مألوفة لمعد البرنامج نفسه أو في مجال تخصصه حتى يسهل التعامل معها، وأن تكون قابلة للبرمجة. ويحتاج معد البرنامج في هذه المرحلة إلى الاستعانة بأكثر من مصدر لتحديد المادة العلمية المناسبة.
• تحديد أهداف البرنامج بعبارات سلوكية قابلة للقياس :
عندما يقوم معد البرنامج بتحديد أهداف المادة التعليمية، يجب عليه ان يحدد بدقة، ما يجب أن يكون عليه سلوك المتعلم, بعبارات هدفية محددة. وصياغة الأهداف وتحديدها بهذه الصورة يساعد واضع البرنامج و يضمن له تحقيق الأهداف، ويساعد المعلم على تحديد عناصر البرنامج، او مكوناتها ويرشد المتعلم، ويوجهه الى التقاط الأفكار الأساسية، وتحدد للمعلم معايير النجاح التي ينبغي بموجبها الحكم على درجة تعلم الطالب.
• تحديد نقطة البداية عند المتعلمين:
بعد تحديد الأهداف السلوكية, يجب على معد البرنامج ان يعرف مستوى المتعلمين الذين سيتعلمون البرنامج, من حيث الخبرات السابقة، والخصائص التي تتعلق بموضوع البرنامج.
• تحليل المهمة:
بعد ان تحدد الأهداف التعليمية يحلل المحتوى التعليمي للمادة الى عناصر، او مكونات فرعية تسمى بالمهمات بحيث تشكل كل مهمة فكرة واحدة، تصاغ على شكل جملة, او فقرة صغيرة، وترتب ترتيباً نفسيا من السهل الى الصعب، ومن البسيط الى المركب.
• كتابة أُطُر البرنامج:
تتطلب هذه المرحلة مهارات فائقة من واضع البرنامج, في أثناء كتابة الأُطُر بما يتفق ومبادئ التعليم المبرمج، وهذا الأمر بالغ الأهمية، فعلى سبيل المثال، قد يعطي المتعلم في بعض الاطر سؤالا ويطلب منه الاجابة عنه بنعم او لا, وقد يترك المعلم مسافة فارغة ليملأها المتعلم بكلمة او اكثر.
ويتألف الإطار من ثلاثة أقسام هي : المثير, والاستجابة, والتغذية الراجعة.
• توافر التغذية الراجعة المباشرة :
تعد التغذية الراجعة من اهم خصائص التعليم المبرمج, ومميزاته, إذ لابد للإجابة ان تكون متاحة للمتعلم في نهاية كل اطار من اطر البرنامج، حتى يتمكن المتعلم من الموازنة بين إجابته والاجابة الصحيحة، فعند اكتشافه صحة اجابته يشعر المتعلم بنجاحه في الموقف التعليمي, وبذلك تزداد فاعلية التعلم عنده .


• تجريب البرنامج وتعديله :
ان تجريب البرنامج وتعديله من الخطوات المهمة في إعداده. وعند تجريبه يقوم معد البرنامج بإعطاء اختبار للمتعلمين، قبل ان يقوموا بدراسة البرنامج لتحديد مستواهم فيه, وعادة يجرب البرنامج على عدد من الطلبة يتراوح بين(5-10 )من المتعلمين, ثم يجلس معد البرنامج مع المتعلمين, ويتتبع خطواتهم في أثناء تقدمهم في دراسة الأطر, إطاراً بعد الآخر, وفي أثناء ذلك يقوم بتسجيل ملاحظاته حول الصعوبات التي يواجهها المتعلمون في قراءة الأطر, أو فهمها, أو تسلسلها بطريقة ميسورة، وهذه الملاحظات ذات قيمة في جعل البرنامج واضحا للمتعلمين، وبعد انتهاء المتعلمين من قراءة الأطر, يُعطى لهم اختبار لتحديد مدى تحصيلهم في البرنامج, وبناءً على الملاحظات ونتائج الاختبار, يتم إجراء التعديلات اللازمة, إلى أن يتمكن مالا يقل عن (90%) من المتعلمين من الاستجابة الصحيحة لخطوات البرنامج كلها.

• صياغة البرنامج بصورته النهائية:
بعد ان يقوم المعلم بتنقيح البرنامج، يصبح هذا البرنامج جاهزا للاستخدام النهائي.

• اعداد الاختبارات المرافقة للبرنامج : بعد ان اصبح البرنامج جاهزا للاستخدام النهائي يقوم المعلم بإعداد نوعين من الاختبارات وهما :

• الاختبار القبلي Pre-Test : الذي يُعطى للطالب قبل البدء في تعلم البرنامج وذلك لتحديد مستواه في الموضوع، فاذا حصل الطالب على درجات عالية في هذا الاختبار فلا داعي لدراسته البرنامج, اما اذا حصل على درجات متدنية, فعليه ان يدرس البرنامج .

• الاختبار البعدي Post-Test : ويُعطى هذا الاختبار للطالب بعد انتهائه من دراسة البرنامج وينبغي تأكيد شمولية محتوى المادة وأهدافها كافة.
(فرج،2005، 173-175 )

بارك الله بك , شكراً أخي الكريم

جزاكي الله كل الخير
دكتورتنا حفظكي الله لنا من كل شر
واطال عمرك وادام عليكي صحتك ونشاطك
تحياتي لشخصيتك الكريمة

شكرا لك استاذ على المرور


تحياتي

دكتورتي الفاضله

موضوع مهم ورائع

جزاك الله خير

ودي وتقديري

طيبه عجام

دخول رائع ربي يوفقك